للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُؤَجَّلٍ عَلَى مِثْلِهِ حَلَّتْ الْحَوَالَةُ بِمَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَلَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمُحِيلِ لِبَرَاءَتِهِ بِالْحَوَالَةِ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ التَّفَاوُتُ فِي غَيْرِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أَلْفٌ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ فَأَحَالَ عَلَيْهِمَا لِيُطَالِبَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِالْأَلْفِ صَحَّ عِنْدَ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ، وَيُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُطَالِبُ وَاحِدًا فَصَارَ يُطَالِبُ اثْنَيْنِ، فَلَوْ أَحَالَهُ لِيَأْخُذَ مِنْ كُلٍّ خَمْسَمِائَةٍ صَحَّ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّا ضَمِنَهُ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ وُجُودُ وَثِيقَةٍ بِأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ كَرَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ.

نَعَمْ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ الدَّيْنُ لَا بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَعْمُولُ بِهِ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ فِي حُقُوقِهِ وَتَوَابِعِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ مَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الِانْتِقَالِ لَا بِصِفَةِ التَّوَثُّقِ إذَا لَمْ يَنُصَّ الْمُحِيلُ عَلَى الضَّامِنِ، وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ بِالْحَوَالَةِ، فَإِذَا أَحَالَ الدَّائِنُ ثَالِثًا عَلَى الْمَدِينِ وَضَامِنِهِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ الْمُحِيلُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي الْمَطْلَبِ إنْ أَطْلَقَ الْحَوَالَةَ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالرَّهْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ وَجْهًا وَاحِدًا وَيَنْفَكُّ الرَّهْنُ، كَمَا إذَا كَانَ لَهُ بِهِ ضَامِنٌ فَأَحَالَ عَلَيْهِ بِهِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ لَا ضَامِنَ بِهِ صَحَّتْ الْحَوَالَةُ وَبَرَأَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ أَوْ اسْتِيفَاءٌ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي بَرَاءَةَ الْأَصْلِ، فَكَذَلِكَ يَقْتَضِي فَكَّ الرَّهْنِ، فَإِنْ شَرَطَ بَقَاءَ الرَّهْنِ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ تَبْطُلُ بِهِ الْحَوَالَةُ إنْ قَارَنَهَا: أَيْ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ شَرَطَ عَاقِدُ الْحَوَالَةِ رَهْنًا أَوْ ضَمِينًا لَمْ يَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ بِالْجَوَازِ، وَحَمَلَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى اشْتِرَاطِهِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِجَوَازِ شَرْطِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَالْأَوَّلُ عَلَى الْمُحِيلِ؛ إذْ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ بِهِ أَوْ الْمَضْمُونُ لَيْسَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَلَامٌ صَحِيحٌ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي كَوْنِهِ جَائِزًا فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ، أَوْ غَيْرَهُ فَيُفْسِدُهُ لَا بِالنَّظَرِ لِكَوْنِهِ لَازِمًا أَوْ لَا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ

(وَيَبْرَأُ بِالْحَوَالَةِ الْمُحِيلُ عَنْ دَيْنِ الْمُحْتَالِ، وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ عَنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحْتَالِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ هَذَا فَائِدَتُهَا، وَفُهِمَ مِنْهُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ انْتِقَالِ صِفَةِ التَّوَثُّقِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

شُمُولَ الصِّفَةِ لَهُ، وَهَذَا تَفْصِيلٌ لَهُ وَتَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: عَلَى مِثْلِهِ حَلَّتْ) أَيْ وَحَلَّ الدَّيْنُ الْمُحَالُ بِهِ بِمَوْتِ إلَخْ وَإِلَّا فَالْحَوَالَةُ لَا تَتَّصِفُ بِحُيُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ

(قَوْلُهُ: صَحَّ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَّا فَهَذِهِ تُعْلَمُ مِمَّا قَبْلَهَا بِالطَّرِيقِ الْأُولَى

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ نَصَّ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ الضَّامِنُ

(قَوْلُهُ: فَإِذَا أَحَالَ الدَّائِنُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَيْفِيَّةِ تَنْصِيصِ الْمُحِيلِ عَلَى الضَّامِنِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ عَنْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَةِ مَنْ شَاءَ

(قَوْلُهُ: إنْ أَطْلَقَ) أَيْ الْمُحِيلُ

(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ) أَيْ الْمُحَالِ

(قَوْلُهُ: أَنْ تَصِحَّ) أَيْ الْحَوَالَةُ (قَوْلُهُ: وَجْهًا وَاحِدًا) أَيْ قَطْعًا

(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ) أَيْ الْمُحِيلُ

(قَوْلُهُ: رَهْنًا) أَيْ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا يَأْتِي لِيَكُونَ تَحْتَ يَدِ الْمُحْتَالِ أَوْ ضَامِنًا لِمَا أُحِيلَ بِهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُحِيلِ بَعْدَ الْحَوَالَةِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْعَقْدُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ، فَلَوْ فَعَلَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ عَلِمَ بِفَسَادِ الشَّرْطِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ صَحَّ الرَّهْنُ، وَإِنْ ظَنَّ صِحَّةَ الشَّرْطِ وَلَزِمَهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ قُبَيْلَ فَصْلٍ فِي التَّزَاحُمِ عَلَى الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ مِنْ أَنَّ الْعُقُودَ الْمُنْشَأَةَ عَلَى الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ حُكْمُهَا مَا ذُكِرَ مِنْ التَّفَاصِيلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَارَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ أَنَّ السُّبْكِيَّ إنَّمَا اخْتَارَ الْأَوَّلَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) قَالَ الشِّهَابُ سم: هَذَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ عِلْمِهِمَا بِالرَّهْنِ وَإِنْ انْفَكَّ بِالْحَوَالَةِ كَمَا يَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ اهـ

.

<<  <  ج: ص:  >  >>