للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِيمَا إذَا أَحَالَ عَلَى الْمَيِّتِ لِكُلٍّ مِنْ الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّيْنِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ يَدَّعِي مَالًا لِغَيْرِهِ مُنْتَقِلًا مِنْهُ إلَيْهِ فَهُوَ كَالْوَارِثِ فِيمَا يَدَّعِيهِ مِنْ مِلْكِ مُوَرِّثِهِ فَعُلِمَ صِحَّةُ مَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمُحِيلَ لَوْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَادَّعَى الْمُحْتَالُ أَوْ وَارِثُهُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَارِثِهِ بِالدَّيْنِ الْمُحَالِ بِهِ فَأَنْكَرَ دَيْنَ الْمُحِيلِ وَمَعَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ حَلَفَ مَعَهُ الْمُحْتَالُ أَنَّ دَيْنَ مُحِيلِهِ ثَابِتٌ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ إلَى مَنْ تَرِكَتُهُ أَوْ ثَابِتٌ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّ مُحِيلِي أَبْرَأهُ قَبْلَ أَنْ يُحِيلَنِي، وَيُسْمَعُ قَوْلُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ: إنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ لِغَائِبٍ قَبْلَ الْحَوَالَةِ فَيَحْلِفُ الْمُحْتَالُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا ذَكَرَهُ.

قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَلَوْ طَلَبَ الْمُحْتَالُ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَبْرَأَنِي الْمُحِيلُ قَبْلَ الْحَوَالَةِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ سُمِعَتْ فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ، وَإِنْ كَانَ الْمُحِيلُ بِالْبَلَدِ اهـ.

قَالَ الْغَزِّيِّ: وَهُوَ صَحِيحٌ فِي دَفْعِ الْمُحْتَالِ.

أَمَّا إثْبَاتُ الْبَرَاءَةِ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيلِ فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا فِي وَجْهِهِ

(فَإِنْ) (تَعَذَّرَ) أَخَذَ الْمُحْتَالُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (بِفَلَسٍ) طَرَأَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ (أَوْ جَحَدَ وَحَلَفَ، وَنَحْوَهَا) كَمَوْتٍ (لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُحِيلِ) إذْ هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِهَا فَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ، كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَغَبَنَ فِيهِ أَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ دَيْنِهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ، وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ فِي الْخَبَرِ اتِّبَاعَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا كَانَ لِذِكْرِ الْمُلَاءَةِ فِي الْخَبَرِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَى حَقِّهِ رَجَعَ بِهِ فَعُلِمَ بِذِكْرِهَا أَنَّ الْحَقَّ انْتَقَلَ انْتِقَالًا لَا رُجُوعَ بِهِ، وَأَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِهَا حِرَاسَةُ الْحَقِّ، وَلِأَنَّهُ بِقَبُولِهَا تَضَمَّنَ اعْتِرَافَهُ بِشُرُوطِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ فَلَا أَثَرَ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا دَيْنَ.

نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُحِيلِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَرَاءَةَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُحْتَالُ فِيمَا يَظْهَرُ وَبَانَ بُطْلَانُ الْحَوَالَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ الْإِقْرَارَ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُحَالَ عَلَيْهِ وَفَّى الْمُحِيلَ فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ إذْ التَّقْصِيرُ حِينَئِذٍ وَالتَّدْلِيسُ جَاءَ مِنْ قِبَلِ الْمُحِيلِ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ رَدَّهُ، وَلَوْ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَطَلَ الشَّرْطُ وَكَذَا الْحَوَالَةُ فِي أَوْجَهِ الْأَوْجُهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا

، وَلَوْ تَبَيَّنَ كَوْنَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ رَقِيقًا لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ الْوَارِثِ

(قَوْلُهُ: إثْبَاتُ الدَّيْنِ) أَيْ حَيْثُ أَنْكَرَهُ الْوَارِثُ

(قَوْلُهُ: فَلِأَنَّهُ مَالِكُ الدَّيْنِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ

(قَوْلُهُ: وَمَعَهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ (قَوْلُهُ: إنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ) أَيْ بِحَوَالَةٍ مَثَلًا

(قَوْلُهُ: فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ) أَيْ حَضْرَتِهِ

(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا فِي وَجْهِهِ) ثُمَّ الْمُتَّجَهُ أَنَّ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعَ بِدَيْنِهِ عَلَى الْمُحِيلِ إلَّا إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى تَكْذِيبِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ قَبِلَ الْحَوَالَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ، وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إنْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ قَبِلَ الْحَوَالَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْحَوَالَةِ فَأَقَامَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِإِبْرَاءِ الْمُحِيلِ لَهُ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَةُ الْإِبْرَاءِ: أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ دَعْوَى الْإِبْرَاءِ الْمُطْلَقِ وَالْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِهِ فَاسِدَانِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِبَيِّنَةِ الْحَوَالَةِ لِأَنَّهَا لَمْ تُعَارَضْ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: طَرَأَ بَعْدَ الْحَوَالَةِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْفَلَسِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْحَوَالَةِ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ: حِرَاسَةُ الْحَقِّ) أَيْ حِفْظُهُ وَبَابُهُ كَتَبَ

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ

(قَوْلُهُ: بَرَاءَةُ الْمُحَالِ) أَيْ قَبْلَ الْحَوَالَةِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَلَ) أَيْ الْمُحِيلُ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيلِ) أَيْ قَبْلَ الْحَوَالَةِ

(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِسَبَبِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مَالِكُ الدَّيْنِ) أَيْ فِي الْأَصْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُحِيلَ لَوْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَا يَحْلِفُ مَعَ وُجُودِ الْمُحِيلِ أَوْ وَارِثِهِ فَلْيُرَاجَعْ

. (قَوْلُهُ: سَمِعْت فِي وَجْهِ الْمُحْتَالِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ لِيَتَبَيَّنَ أَنْ لَا يَنْفِيَ الْوَاقِعَ فَلْيُرَاجَعْ

. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَوْجَبَ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ إلَّا فَهُوَ لِلِاسْتِحْبَابِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الْبَتِّ. (قَوْلُهُ: فَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي دَعْوَى الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُحِيلِ لِيَنْدَفِعَ..

<<  <  ج: ص:  >  >>