وَالثَّمَنُ فِي الْبَائِعِ لَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ بِقِيمَتِهِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا لَمْ يَتْلَفْ، وَضَمَانَ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ، وَلَا يَجْرِي ضَمَانُ الدَّرَكِ فِي نَحْوِ الرَّهْنِ كَمَا بَحَثَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ
(وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَضْمُونِ (لَازِمًا) وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ كَمَهْرٍ قَبْلَ دُخُولٍ أَوْ مَوْتٍ وَثَمَنِ مَبِيعٍ قَبْلَ قَبْضٍ وَدَيْنِ سَلَمٍ (لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) ؛ إذْ لِلْمُكَاتَبِ إسْقَاطُهَا مَتَى شَاءَ فَلَا مَعْنَى لِلتَّوَثُّقِ بِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ جَعْلُ الْجَعَالَةِ قَبْلَ الْفَرَاغِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَالْمُرَادُ بِاللَّازِمِ مَا لَا يَتَسَلَّطُ عَلَى فَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَصِحُّ) (ضَمَانُ الثَّمَنِ) لِلْبَائِعِ (فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ آيِلٌ لِلُّزُومِ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِلتَّوَثُّقِ.
وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ الْآنَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ صِحَّةُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ، أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ، فَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ، وَقَوْلُهُمَا عَنْ الْمُتَوَلِّي بِصِحَّةِ الضَّمَانِ هُنَا بِلَا خِلَافٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي
(وَضَمَانُ الْجُعْلِ كَالرَّهْنِ بِهِ) فَيَصِحُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ لِلُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ لِجَوَازِهِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ آيِلٍ لِلُزُومِ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْعَمَلِ وَبِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يُخَالِفُ ضَمَانَ الْعَيْنِ فِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ يُطَالَبُ بِبَدَلِهِ، وَالْعَيْنُ إذَا تَلِفَتْ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ
(قَوْلُهُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِ الْبَائِعِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ قَبْلُ عَيْنُ الْمَبِيعِ إنْ بَقِيَ إلَخْ خِلَافُهُ، وَمِنْ ثَمَّ ذَكَرَ حَجّ مَا فِي الطَّلَبِ كَالتَّأْيِيدِ لِمَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ.
[فَرْعٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ اخْتَلَفَ الضَّامِنُ وَالْبَائِعُ فِي نَقْصِ صَنْجَةِ الثَّمَنِ وَلَا بَيِّنَةَ حَلَفَ الضَّامِنُ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، أَوْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي كَانَتْ مَشْغُولَةً، وَبِحَلِفِ الْبَائِعِ يُطَالَبُ الْمُشْتَرِي وَكَذَا الضَّامِنُ إنْ أَقَرَّ أَوْ ثَبَتَ بِحُجَّةٍ أُخْرَى اهـ: أَيْ إنْ ادَّعَى نَقْصَ الثَّمَنِ وَقِيَاسُهُ حَلِفُ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى نَقْصَ الْمَبِيعِ، ثُمَّ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُشْتَرِي إلَخْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا أَوْ الْمَبِيعُ وَشُرِطَ كَوْنُ وَزْنِهِ أَوْ ذَرْعِهِ كَذَا ثُمَّ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِهِ نَاقِصًا عَمَّا قُدِّرَ بِهِ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ نَقْصَ الثَّمَنِ، وَالْبَائِعُ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي نَقْصَ الْمَبِيعِ لِعَدَمِ اشْتِغَالِ ذِمَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ فَلْيُرَاجَعْ.
ثُمَّ مَا ذَكَرَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ، أَمَّا مَعَ بَقَائِهِمَا فَيُعَادُ تَقْدِيرُ مَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِيهِ بِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ ذَرْعِهِ ثَانِيًا
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِيهِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ فَوَاتُ الْحَقِّ مُنْتَفِيَةٌ فِيهِ
(قَوْلُهُ: لَا كَنُجُومِ كِتَابَةٍ) وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَوَالَةِ صِحَّةُ ضَمَانِ دُيُونِ الْمُعَامَلَةِ الَّتِي لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُعَرَّضَةً لِلسُّقُوطِ بِتَعْجِيزِهِ نَفْسَهُ، لَكِنَّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ حَجّ خِلَافُهُ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ فَارِغَةٍ فَاحْتِيطَ لَهُ بِاشْتِرَاطِ عَدَمِ قُدْرَةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ عَلَى إسْقَاطِهِ لِئَلَّا يَغْرَمَ ثُمَّ يَحْصُلُ التَّعْجِيزُ فَيَتَضَرَّرُ الضَّامِنُ حِينَئِذٍ بِفَوَاتِ مَا أُخِذَ مِنْهُ لَا لِمَعْنَى، بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ فَإِنَّ الَّذِي فِيهَا مُجَرَّدُ التَّحَوُّلِ الَّذِي لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُحْتَالِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَبَضَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَذَاكَ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْ السَّيِّدِ فَلَمْ يَنْظُرْ لِقَدْرِهِ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ خَفِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِاعْتِبَارِ وَضْعِهِ) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ لَازِمًا وَقَوْلِهِ ثَابِتًا؛ إذْ اللَّازِمُ لَا يَكُونُ إلَّا ثَابِتًا.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ اللَّازِمَ قَدْ يُطْلَقُ بِاعْتِبَارِ مَا وَضَعَهُ ذَلِكَ فَثَمَنُ الْمَبِيعِ يُقَالُ لَهُ لَازِمٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّ وَضْعَهُ ذَلِكَ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فَأَحَدُهُمَا لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَلَوْ قَالَ: أَمَّا لَوْ كَانَ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ
(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا
ــ
[حاشية الرشيدي]
مُخَالِفًا لِكَلَامِهِمْ فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: فِيهِ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) هَذَا الْحَاصِلُ لَا يُنَاسِبُ مَا قَرَّرَهُ وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ مَا قَرَّرَهُ الشِّهَابُ حَجّ تَبَعًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ كَمَا يُعْلَمُ بِمُرَاجَعَتِهِ
.