لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ أَصْلًا بَلْ النَّفْسُ وَقَدْ فَاتَتْ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ الدَّفْنُ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ قَدْ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ لِلْإِشْهَادِ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ يُطَالَبُ قَبْلَهُ بِالْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَالثَّانِي يُطَالَبُ بِهِ لَا عَنْ الْإِحْضَارِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فَائِدَةُ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَنْ يُخَلِّفَ الْمَكْفُولُ وَفَاءً أَمْ لَا، لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ اخْتِصَاصُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُخَلِّفْ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ فَمَاتَ أَوْ زَوْجَةٍ فَمَاتَتْ
(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ (إنْ فَاتَ التَّسْلِيمُ بَطَلَتْ) الْكَفَالَةُ؛ إذْ هُوَ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ، وَإِنَّمَا صَحَّ قَرْضٌ شُرِطَ فِيهِ رَدُّ نَحْوِ مُكَسَّرٍ عَنْ نَحْوِ صَحِيحٍ، وَضَمَانٌ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا مُسْتَقِلٌّ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ فَأَثَرُ شَرْطِهِ كَشَرْطِ عَقْدٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ صِفَةً تَابِعَةً لَا يَحِلُّ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنْ يَقُولَ: كَفَلْت بَدَنَهُ بِشَرْطِ الْغُرْمِ، أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ، فَلَوْ قَالَ: كَفَلْت بَدَنَهُ فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ: أَيْ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا، وَمَا عُورِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا مَرَّ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ، وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَقَالَ: أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْت لَكَ نَفْسَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَأَنَا ضَامِنُهُ بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِيهَا أَيْضًا
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) أَوْ وَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ عَدَمِ إذْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ مَعَهُ، فَتَبْطُلُ فَائِدَتُهَا، وَالثَّانِي تَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَغْرَمُ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ إحْضَارِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ لَهُ بِالْكَفِيلِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ، فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَةُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِنْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: قَبْلَهُ) أَيْ الدَّفْنِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ) أَيْ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا مَاتَ إلَخْ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَالِ وَمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْعَبْدِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: كَشَرْطِ عَقْدٍ) أَيْ فِي عَقْدٍ
(قَوْلُهُ: فَأُلْغِيَتْ وَحْدَهَا) يُتَأَمَّلُ مَعْنَى إلْغَاءِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَمُتَمَكِّنٌ مِنْ الْإِبْرَاءِ مَتَى شَاءَ فَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى إلْغَائِهَا أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا شَيْءٌ يَزِيدُ عَلَى مُقْتَضَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ وَالزَّرْكَشِيُّ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَرْضٍ) أَيْ الدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ رِضَا الْمَكْفُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِدُونِ الْإِذْنِ بَاطِلَةٌ وَلَوْ قَدِرَ الْكَفِيلُ عَلَى إحْضَارِ الْمَكْفُولِ قَهْرًا عَلَيْهِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صِحَّةِ كَفَالَةِ الْعَيْنِ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا، الصِّحَّةُ هُنَا أَيْضًا، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْعَيْنَ وُجُوبُ إحْضَارِهَا مِمَّنْ قَدِرَ عَلَيْهَا لَا تَتَوَقَّفُ إلَّا عَلَى مُجَرَّدِ رِضَا مَالِكِهَا بِإِحْضَارِهَا وَالْبَدَنُ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُوبِ حُضُورِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْقَاضِي مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا، عَلَى أَنَّهُ قَدْ لَا يَجِبُ الْحُضُورُ مَعَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ كَمَرَضٍ فَاحْتِيجَ إلَى إذْنِهِ لَيَجِبَ عَلَيْهِ مُوَافَقَةُ الطَّالِبِ إذَا أَرَادَ إحْضَارَهُ وَلَوْ مِنْ مَوْضِعٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مِنْهُ كَكَوْنِهِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّهِ) وَمِثْلُهُ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ السَّيِّدِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ كَالْإِتْلَافِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ
(قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَا الْمَكْفُولِ) وَهَلْ يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ أَوَّلًا فِيهِ مَا قَدَّمْنَا فِي رَدِّ الْمَضْمُونِ لَهُ مِنْ كَلَامِ حَجّ وسم عَلَى مَنْهَجٍ إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَفَلَ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَنَّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوْلَوِيَّةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَالْعُقُوبَةُ أَوْلَى فَلِهَذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهَا جَزْمًا. (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَكَفَّلَ بِبَدَنِ رَقِيقٍ) أَيْ قَطْعًا وَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ
. (قَوْلُهُ: وَمَا عُورِضَ بِهِ) أَيْ وَمَا عُورِضَ بِهِ مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ مِنْ تَصْدِيقِهِ فِي هَذِهِ الْإِرَادَةِ.
وَحَاصِلُ الْمُعَارَضَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى عَلَى دَعْوَى