للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فِي: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أُطَلِّقُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَالًا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ الْإِنْشَاءَ وَقَعَتْ حَالًا.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا شَكَّ فِي جَرَيَانِهِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يُؤَثِّرُ مَعَ النِّيَّةِ وَحْدَهَا لَا مَعَ عَدَمِهَا سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ أَمْ لَا، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى بِهِ الِالْتِزَامَ وَإِلَّا لَمْ تَنْعَقِدْ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) (تَعْلِيقُهُمَا) أَيْ الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ (بِشَرْطٍ) لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ كَالْبَيْعِ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فَجَازَ تَعْلِيقُهُمَا كَالطَّلَاقِ (وَلَا تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ) كَأَنَا كَفِيلُ يَزِيدَ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَهُ أَنَا بَرِيءٌ.

وَالثَّانِي يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَسْلِيمِهِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْأَدَاءُ فَلِهَذَا امْتَنَعَ تَأْقِيتُ الضَّمَانِ قَطْعًا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُهُ حَيْثُ أَفْرَدَهَا وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ أَوْ الْكَفِيلِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ لِأَنَّ الْمُلْتَزَمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ أَوْ كَفَالَةٍ بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ أَوْ قَالَ الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ لَا حَقَّ عَلَى مَنْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت بِهِ أَوْ قَالَ الْكَفِيلُ بَرِئَ الْمَكْفُولُ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الضَّامِنُ وَالْكَفِيلُ وَبَرِئَا دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ، وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِاكْتِفَاءِ بِالْقَرِينَةِ وَأَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَغْوٌ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ظَاهِرُ الْآتِي

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَرَادَتْ بِهِ) أَيْ أُطَلِّقُ (قَوْلُهُ: وَقَعَتْ) أَيْ تِلْكَ الطَّلْقَةُ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْعَامِّيُّ وَغَيْرُهُ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ) أَيْ عَنْ حَجّ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالَ إلَخْ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ أَفْرَدَهَا) أَيْ الْكَفَالَةَ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ) أَيْ فَإِنْ شَرَطَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَوْ أَقَرَّ بِضَمَانٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَرَطَهُ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ الْمَكْفُولِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَضِي فَسَادَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ خِيَارٍ مُفْسِدٍ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: لَا يُحْسَبُ مِنْ الدَّيْنِ) هَذَا الْقَيْدُ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ الدَّافِعُ هُوَ الضَّامِنَ أَوْ الْمَضْمُونَ عَنْهُ، وَكَانَ الْآخِذُ هُوَ الْمَضْمُونَ لَهُ، وَعَلَيْهِ فَهَلَّا قِيلَ بِإِلْغَاءِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الضَّمَانِ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ صِحَاحًا بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَالَ الْمَغْرُومَ هُنَا لَيْسَ صِفَةً لِلْعَقْدِ فَأَثَّرَ اشْتِرَاطُهُ، بِخِلَافِ شَرْطِ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصِّحَاحِ فَإِنَّهُ صِفَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذِكْرُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ لِلشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ حَيْثُ سَكَتَ عَنْ حُكْمِهِ إذْ سُكُوتُهُ عَنْهُ صَارَ حُكْمُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا مُحْتَمِلًا لَا يُدْرَى حُكْمُهُ عِنْدَهُ، وَإِلَّا فَالْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِغَيْرِ الْعَامِّيِّ وَعِبَارَتُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ، فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ ذَلِكَ انْتَهَتْ.

وَلَمَّا قَالَ الشِّهَابُ حَجّ وَالْأَذْرَعِيُّ: لَا يُشْتَرَطُ إلَّا النِّيَّةُ مِنْ الْعَامِّيِّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ وَيُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ أَنْ يُوَافِقَ ابْنَ الرِّفْعَةِ: أَيْ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ مَعَ الْقَرِينَةِ كَمَا قَرَّرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ بِإِطْلَاقِهِمْ إنَّهُ لَغْوٌ اهـ.

وَلَك أَنْ تَقُولَ: مَا الْمَانِعُ مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْأَذْرَعِيِّ فَإِذَا اعْتَرَفَ رَاجِعًا إلَى مُطْلَقِ الْقَائِلِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ فِي مَطْلَعِ كَلَامِهِ جَعَلَهُ كِنَايَةً مُطْلَقًا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ: أَيْ فَقَصْدُ الِالْتِزَامِ بِهِ وَاقِعٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا بُعْدَ فِي كَوْنِهِ كِنَايَةً، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ كِنَايَةً مِنْ الْعَامِّيِّ دُونَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ نَوَى إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَذْكُرُ كَلَامَ الْمَاوَرْدِيِّ فِيمَا مَرَّ وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ فِي بَابِ النَّذْرِ إذَا قَالَ إنْ سَلَّمَ مَالِي أَعْتَقْت عَبْدِي انْعَقَدَ نَذْرُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>