للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَوْكِيلٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي (هِيَ) أَيْ الشَّرِكَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ (أَنْوَاعٌ) أَرْبَعَةٌ أَحَدُهَا (شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ كَشَرِكَةِ الْحَمَّالِينَ وَسَائِرِ الْمُحْتَرِفَةِ لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِحِرْفَتِهِمَا (مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ) كَنَجَّارٍ وَنَجَّارٍ (أَوْ اخْتِلَافِهَا) كَنَجَّارٍ وَرَفَّاءٍ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ.

(وَ) ثَانِيهَا (شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مِنْ تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا أَوْ قَوْمٌ فَوْضَى: أَيْ مُسْتَوُونَ (لِيَكُونَ بَيْنَهُمَا كَسْبُهُمَا) بِبَدَنٍ أَوْ مَالٍ مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ (وَعَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ) بِنَحْوِ غَصْبٍ أَوْ إتْلَافٍ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعٍ مِنْ الْغَرَرِ فَيَخْتَصُّ كُلٌّ فِي هَاتَيْنِ بِمَا كَسَبَهُ، نَعَمْ لَوْ نَوَيَا هُنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ وَثَمَّ مَالٌ بَيْنَهُمَا صَحَّتْ.

(وَ) ثَالِثُهَا (شَرِكَةُ الْوُجُوهِ بِأَنْ يَشْتَرِكَ الْوَجِيهَانِ) عِنْدَ النَّاسِ لِحُسْنِ مُعَامَلَتِهِمَا مَعَهُمْ (لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) وَيَكُونَ الْمُبْتَاعُ (لَهُمَا، فَإِذَا بَاعَا كَانَ الْفَاضِلُ عَنْ الْأَثْمَانِ) الْمُبْتَاعِ بِهَا (بَيْنَهُمَا) أَوْ أَنْ يَبْتَاعَ وَجِيهٌ فِي ذِمَّتِهِ وَيُفَوِّضَ بَيْعَهُ لِخَامِلٍ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَيُعْتَبَرُ فِيهَا مَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: هِيَ) بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَنْوَاعٌ إلَخْ حَجّ، وَهِيَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِمَّا ذَكَرَ دَفْعُ مَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ مِنْ أَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُسَمَّى شَرْعًا شَرِكَةً، وَقَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَظْهَرُ فِي دَفْعِ الْإِيرَادِ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَإِنْ كَانَ مُرَادًا لَهُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ الْمُرَادُ بِهِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا شَرِكَةَ عَنَانٍ

(قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ هِيَ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا مَأْذُونًا فِيهَا وَلَا مَمْنُوعًا مِنْهَا فَتَشْمَلُ الصَّحِيحَةَ وَالْفَاسِدَةَ (قَوْلُهُ: كَسْبُهُمَا) لَعَلَّهُ بِمَعْنَى مَكْسُوبِهِمَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: بِحِرْفَتِهِمَا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ أَمْ لَا، وَعَلَى هَذَا فَبَيْنَهَا وَبَيْنَ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ عُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاطِلَةٌ) صَرَّحَ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي تَوْطِئَةً لِلتَّعْلِيلِ

(قَوْلُهُ: مَنْ تَفَاوَضَا) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ قَوْمٌ فَوْضَى) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ فَوْضَى

(قَوْلُهُ: وَهِيَ بَاطِلَةٌ) فِيهِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَيَا) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْخَلْطَ بِمُجَرَّدِهِ لَا يَكْفِي بِدُونِ النِّيَّةِ وَإِنْ وُجِدَتْ بَقِيَّةُ الشُّرُوطِ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ لَا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ، أَنَّ عَلَيْهِمَا مَا يَعْرِضُ مِنْ غُرْمٍ وَهُوَ مُفْسِدٌ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا إذَا نَوَيَا بِالْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ اقْتَضَى حَمْلَ الْغُرْمِ الْمَشْرُوطِ عَلَى غُرْمٍ يَنْشَأُ مِنْ الشَّرِكَةِ دُونَ الْغَصْبِ مَثَلًا، فَفَائِدَةُ النِّيَّةِ حَمْلُ الْمُفَاوَضَةِ فِيمَا لَوْ قَالَا تَفَاوَضْنَا مَثَلًا عَلَى شَرِكَةٍ مُسْتَجْمِعَةٍ لِلشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: شَرِكَةَ الْعِنَانِ) أَيْ كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ تَشَارَكْنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَهُ (قَوْلُهُ: وَثَمَّ مَالٌ) أَيْ وَخَلَطَاهُ، وَأَرَادَ بِالْغُرْمِ الْعَارِضَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ كَالْخُسْرَانِ وَالرِّبْحِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُلَاقِي قَوْلَهُ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ خَلْطٍ

(قَوْلُهُ: وَيَكُونَ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يَبْتَاعَ، قَالَهُ عَمِيرَةُ

(قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا) قَدْ يُقَالُ هَلَّا كَانَ هَذَا جَعَالَةً: أَيْ فَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ وَلَوْ فَاسِدَةً لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْعِوَضِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: بِعْ هَذَا وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ كَقَوْلِك رُدَّ عَبْدِي وَلَك كَذَا، إلَّا أَنْ يُصَوِّرَ هَذَا بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَكْنَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ نَوَيَا هُنَا شَرِكَةَ الْعِنَانِ إلَخْ) يَعْنِي: فِيمَا إذَا قَالَا تَفَاوَضْنَا.

وَالصُّورَةُ أَنَّ شُرُوطَ شَرِكَةِ الْعِنَانِ مُتَوَفِّرَةٌ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شَرِكَةَ الْعِنَانِ كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا: أَيْ اشْتَرَكْنَا شَرِكَةَ عِنَانٍ جَازَ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ انْتَهَتْ.

وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْتُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يَشْرِطَا أَنَّ عَلَيْهِمَا غُرْمَ مَا يَعْرِضُ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا أَطَالَ بِهِ الشَّيْخُ فِي حَاشِيَتِهِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ إلَى صُورَةِ الْمُفَاوَضَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ فِي السِّيَاقِ إيهَامٌ

(قَوْلُهُ: لِيَبْتَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمُؤَجَّلٍ) أَيْ لِنَفْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ صَارَا شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>