الْمَالُ فَقَالَ (وَتَصِحُّ) الشَّرِكَةُ (فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ) بِالْإِجْمَاعِ فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الْمَغْشُوشِ الرَّائِجِ لِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ يَرْتَفِعُ تَمَيُّزُهُ كَالنَّقْدِ وَمِنْهُ التِّبْرُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ فِي الْغَصْبِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا تَجُوزُ فِي التِّبْرِ وَفِيهِ وَجْهٌ فِي التَّتِمَّةِ فَرَّعَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِاخْتِصَاصِهَا بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ. نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهُ غَيْرِ مُنْضَبِطٍ (دُونَ الْمُتَقَوِّمِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ لِتَعَذُّرِ الْخَلْطِ فِي الْمُتَقَوِّمَات لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ مُتَمَيِّزَةٌ وَحِينَئِذٍ تَتَعَذَّرُ الشَّرِكَةُ لِأَنَّ بَعْضَهَا قَدْ يَتْلَفُ فَيَذْهَبُ عَلَى صَاحِبِهِ وَحْدَهُ (وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ) الْخَالِصِ كَالْقِرَاضِ فَالْمَضْرُوبُ صِفَةٌ كَاشِفَةٌ إنْ قِيلَ بِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَكُونُ غَيْرَ مَضْرُوبٍ كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاصْطِلَاحَيْنِ (وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ) قَبْلَ عَقْدِهَا، فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَكْفِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ لِمَا يَأْتِي أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ لَمْ يَكْفِ جَزْمًا (بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ أَجْزَاؤُهُمَا فِي الْقِيمَةِ لِتَعَذُّرِ إثْبَاتِ الشَّرِكَةِ مَعَ التَّمْيِيزِ (وَلَا يَكْفِي الْخَلْطُ مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسٍ) كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (أَوْ صِفَةٍ كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ) وَأَبْيَضَ وَغَيْرِهِ كَبُرٍّ أَحْمَرَ بِأَبْيَضَ لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ وَإِنْ عَسِرَ
فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ عَلَامَةٌ مُمَيِّزَةٌ عِنْدَ مَالِكِهِ دُونَ بَقِيَّةِ النَّاسِ لَمْ يَكْفِ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَسَاوِي الْمِثْلَيْنِ فِي الْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فِي الْمَغْشُوشِ) وَكَالْمَغْشُوشِ فِي الْخِلَافِ سَائِرُ الْمِثْلِيَّاتِ، وَلَمْ يُنَبِّهْ الشَّارِحُ عَلَى ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ بِالنَّقْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: الرَّائِجِ) أَيْ فِي بَلَدِ التَّصَرُّفِ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ كَانَتْ بَلَدُ التَّصَرُّفِ غَيْرَ بَلَدِ الْعَقْدِ بِأَنْ نَصَّ عَلَيْهَا، وَلَوْ أَطْلَقَ الْإِذْنَ احْتَمَلَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبَلَدِ الْعَقْدِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ (قَوْلُهُ: يَرْتَفِعُ) أَيْ يَزُولُ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ الْمَضْرُوبِ) أَوْلَى مِنْهُ مَا فِي كَلَامِ سم مِنْ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْمِثْلِيَّةِ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ النَّقْدِ مَضْرُوبًا لِأَنَّ الضَّرْبَ مُنْتَفٍ فِي التِّبْرِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِي التِّبْرِ، وَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ اهـ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ مُوَافِقٌ ل سم (قَوْلُهُ كَالْقِرَاضِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَرْضَ عَلَى الْمَغْشُوشِ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ الِاصْطِلَاحَيْنِ) أَيْ لِلْفُقَهَاءِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لِلنَّقْدِ مُطْلَقًا وَجَرَوْا عَلَيْهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ اسْمٌ لِلدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَضْرُوبَةِ وَجَرَوْا عَلَيْهِ هُنَا وَفِي الْقِرَاضِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَعَ بَعْدَهُ) بَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ مُقَارِنًا وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّهُ كَالْبَعْدِيَّةِ فَلَا يَكْفِي وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَيُقَالُ: يَنْبَغِي إلْحَاقُهُ بِالْقَبْلِيَّةِ فَيَكْفِي لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا تَمَّ حَالَةَ عَدَمِ التَّمْيِيزِ وَهُوَ كَافٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الْمَخْلُوطِ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ) قَالَ حَجّ فِي الْإِيعَابِ مَا حَاصِلُهُ: لَوْ كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَغَيْرَ مُتَمَيِّزٍ بَعْدَهُ فَهَلْ يَصِحُّ نَظَرًا لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يَصِحُّ نَظَرًا لِحَالَةِ الْعَقْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
أَقُولُ: الْأَقْرَبُ الثَّانِي لِجَوَازِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَتَمَيَّزُ فِيهَا وَبَقِيَ عَكْسُهُ، وَالْأَقْرَبُ فِيهِ أَيْضًا الصِّحَّةُ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ مَا قَالَهُ حَجّ بِأَنْ يَكُونَ بِكُلٍّ مِنْ النَّقْدَيْنِ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُهُ عَنْ الْآخَرِ، لَكِنْ عَرَضَ قُبَيْلَ الْعَقْدِ مَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَطِلَاءٍ أَوْ صَدَأٍ أَوْ نَحْوِهِ يَمْنَعُ وَقْتَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ يُعْلَمُ زَوَالُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ: مَعَ اخْتِلَافِ جِنْسٍ) أَيْ يَحْصُلُ مَعَهُ التَّمْيِيزُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَدَرَاهِمَ إلَخْ، أَمَّا خَلْطُ أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِآخَرَ بِحَيْثُ لَا يَحْصُلُ مَعَهُ تَمْيِيزٌ فَإِنَّهُ يَكْفِي كَخَلْطِ زَيْتٍ بِشَيْرَجٍ
(قَوْلُهُ: فِي أَوْجِهِ الْوَجْهَيْنِ) وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ بِالْأَوْلَى، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ مِثْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ وَحُكْمُ عَكْسِهِ عَكْسُ حُكْمِهِ اهـ. أَيْ فَإِذَا كَانَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَ غَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ وَلَيْسَ مُتَمَيِّزًا عِنْدَهُمَا صَحَّتْ الشَّرِكَةُ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ بِالْفِعْلِ عِنْدَ عَامَّةِ النَّاسِ وَعَدَمُ التَّمْيِيزِ لِلْعَاقِدَيْنِ بِجَوَازِ أَنَّهُ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِصِفَةِ النُّقُودِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ تَسَاوِي الْمِثْلَيْنِ) لَا يُقَالُ: هَذَا عُلِمَ مِنْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: بِالْإِجْمَاعِ فِي النَّقْدِ الْخَالِصِ) يُوهِمُ قَصْرَ الْمِثْلِيِّ عَلَى النَّقْدِ، وَعِبَارَةُ الْجَلَالِ: نَقْدٌ وَغَيْرُهُ كَالْحِنْطَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِاخْتِلَاطِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْمَتْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute