فَلَهُ أَوْ لِوَلِيِّهِ اسْتِئْنَافُهَا مَعَ الْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ
(وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا بِالْأَجْزَاءِ وَلَا بِقَدْرِ الْعَمَلِ، فَلَوْ خَلَطَا قَفِيزًا بِمِائَةٍ بِقَفِيزٍ بِخَمْسِينَ فَالشَّرِكَةُ أَثْلَاثٌ، وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَلِلْآخَرِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَيَا بِهِمَا رَقِيقًا مَثَلًا قُوِّمَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْهُمَا بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرِفَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلُ، فَإِنْ اسْتَوَيَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ كَأَنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَالشَّرِكَةُ مُنَاصَفَةٌ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ فَبِالْأَثْلَاثِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْبَيْعِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ، وَكَذَا هُنَا كُلٌّ مِنْهُمَا يَجْهَلُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي قِيَمِ النُّقُودِ الِانْضِبَاطُ وَعَدَمُ التَّغَيُّرِ فَخَفَّ الْجَهْلُ، وَأَيْضًا فَالْمُقَوَّمُ وَالْمُقَوَّمُ بِهِ هُنَا مُتَّحِدَانِ فِي النَّقْدِيَّةِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا بِغَلَبَةِ تَعَامُلِ أَهْلِ الْبَلَدِ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَأُدِيرَ الْأَمْرُ هُنَا عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ فَخَفَّ بِهِ الْجَهْلُ أَيْضًا فَاغْتُفِرَ هُنَا لِمَا ذُكِرَ مَا لَمْ يُغْتَفَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدَيْنِ السَّابِقَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي قِيمَتِهِمَا الِاخْتِلَافُ وَلَا غَالِبَ ثَمَّ مَعَ تَغَايُرِ الْقِيمَةِ لِلْمُقَوَّمِ جِنْسًا وَصِفَةً فَزَادَ فِيهَا الْغَرَرُ وَالْجَهْلُ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَرَّرْنَاهُ مَا أَجَابَ بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالنِّسْبَةِ حَالَ الشِّرَاءِ إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ النَّقْدِ غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ الْغَالِبِ، بِخِلَافِ الْعُرُوضِ إذْ الْقِيمَةُ فِيهَا لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ (تَسَاوَيَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (فِي الْعَمَلِ أَوْ تَفَاوَتَا) فِيهِ
(فَإِنْ شَرَطَا خِلَافَهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ كَأَنْ شَرَطَا تَسَاوِيَ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ تَفَاضُلِ الْمَالَيْنِ أَوْ عَكْسِهِ، (فَسَدَ الْعَقْدُ) لِمُنَافَاتِهِ لِوَضْعِ الشَّرِكَةِ (فَيَرْجِعُ كُلٌّ عَلَى الْآخَرِ بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فِي مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْآخَرِ كَالْقِرَاضِ إذَا فَسَدَ وَقَدْ يَقَعُ التَّقَاصُّ، وَلَوْ تَسَاوِيَا فِي الْمَالِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّرِكَةِ
(قَوْلُهُ: وَالرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ) وَمِنْهُ مَا يُدْفَعُ لِلرَّصَدِيِّ وَالْمَكَّاسِ وَهَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ سُرِقَ الْمَالُ وَاحْتَاجَ فِي رَدِّهِ إلَى مَالٍ أَمْ لَا لِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُعْتَادٍ بِخِلَافِ الْمَكَّاسِ وَنَحْوِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ نَشَأَ عَنْ الشَّرِكَةِ فَسَاوَى مَا يُدْفَعُ لِلْمَكَّاسِ وَنَحْوِهِ وَلَيْسَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ سَرِقَةِ الدَّوَابِّ الْمُشْتَرَكَةِ، ثُمَّ إنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ يَغْرَمُ عَلَى عَوْدِهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا دَفَعَهُ، وَلَوْ اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِذْنُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ ظُلْمٌ وَالْحَاكِمُ لَا يَأْمُرُ بِهِ، وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ فِي شَرِكَةِ الدَّوَابِّ غُرْمًا وَلَا هُوَ مُعْتَادٌ، بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا فَإِنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِصَرْفِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَالْحَمَّالِ وَنَحْوِهِمَا.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ كَثِيرًا عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الشَّخْصَ يَمُوتُ وَيَخْلُفُ تَرِكَةً وَأَوْلَادًا وَيَتَصَرَّفُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي التَّرِكَةِ بِالْبَيْعِ وَالزَّرْعِ وَالْحَجِّ وَالزَّوَاجِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَطْلُبُونَ الِانْفِصَالَ، فَهَلْ لِمَنْ لَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ بِمَا يَخُصُّهُ عَلَى مَنْ تَصَرَّفَ بِالزَّوَاجِ وَنَحْوِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ إذْنٌ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ بِأَنْ كَانَ بَالِغًا رَشِيدًا لِلْمُتَصَرِّفِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الْإِذْنِ مَا لَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى الرِّضَا بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إذْنٌ وَلَا رِضًا أَوْ حَصَلَ الْإِذْنُ مِمَّنْ لَا يُعْتَدُّ بِإِذْنِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُتَصَرِّفِ بِمَا يَخُصُّهُ
(قَوْلُهُ: إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ جَهِلَا الْقِيمَةَ حَالَ الْعَقْدِ لَمْ تَصِحَّ لِعَدَمِ عِلْمِهِمَا بِالنِّسْبَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ بِالْقُوَّةِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحَالِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَاكْتَفَى بِهِ لِغَلَبَةِ وُقُوعِهِ وَانْضِبَاطِهِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ الْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ
(قَوْلُهُ: بِأُجْرَةِ عَمَلِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم عَلَى حَجّ
[حاشية الرشيدي]
الْمُقَابِلِ
(قَوْلُهُ: مَعَ تَغَايُرِ الْقِيمَةِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ مَعَ مُغَايَرَةِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُمَا فِي قُوَّةِ الْعَالِمَيْنِ بِدَلِيلِ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ وَبِدَلِيلِ إتْيَانِهِ بِهِ عَلَى وَجْهِ التَّأْيِيدِ، وَإِلَّا فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالْفِعْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute