تَلِقْ بِهِ مُبَاشَرَتُهُ سَوَاءٌ أَوْقَعَ التَّوْكِيلَ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَمْ عَنْ نَفْسِهِ أَمْ عَنْهُمَا مَعًا.
وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ، وَحَيْثُ وَكَّلَ لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا كَمَا يَأْتِي، وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ أَوْ مُفْلِسٍ أَوْ قِنٍّ فِي تَصَرُّفٍ يَسْتَبِدُّ بِهِ لَا غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ غَرِيمٍ أَوْ سَيِّدٍ (وَيُسْتَثْنَى) مِنْ عَكْسِ الضَّابِطِ الْمَارِّ وَهُوَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا تَصِحُّ مِنْهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ التَّوْكِيلُ (تَوْكِيلُ الْأَعْمَى فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ (فَيَصِحُّ) وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَمَا نَازَعَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ فِي اسْتِثْنَائِهِ بِأَنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ السَّلَمُ وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ أَيْضًا، وَبِأَنَّ الشَّرْطَ صِحَّةُ الْمُبَاشَرَةِ فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ بَصِيرٌ عَيْنًا لَمْ يَرَهَا صَحَّ تَوْكِيلُهُ فِي بَيْعِهَا مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ مِنْهُ يُمْكِنُ رَدُّهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيْعِ الْأَعْيَانِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ مُطْلَقًا وَفِي الشِّرَاءِ الْحَقِيقِيِّ، وَشِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَصَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَمَسْأَلَةُ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةُ مُلْحَقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْأَعْمَى، لَكِنْ يَأْتِي فِي الْوَكِيلِ عَنْ الْمُصَنِّفِ مَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ يَسْقُطُ أَكْثَرُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ الْآتِيَةِ، وَيُضَمُّ لِلْأَعْمَى فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْعَكْسِ الْمُحْرِمُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ، وَتَوْكِيلُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ مَعَ اسْتِحَالَةِ مُبَاشَرَتِهِ الْقَبْضَ مِنْ نَفْسِهِ، وَالْمُسْتَحِقِّ لِنَحْوِ قَوَدِ طَرَفٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
التَّوْكِيلَ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَمِنْ الْوَصِيِّ وَالْقَيِّمِ إنْ عَجَزَ أَوْ لَمْ تَلِقْ بِهِ الْمُبَاشَرَةُ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ. وَكَتَبَ عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: قَالَ م ر: الْوَلِيُّ، وَفِي مَرَّةٍ قَالَ: الْوَصِيُّ كَالْوَكِيلِ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُوَكِّلُ كُلٌّ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَصَايَا، وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ هَذَا مُطْلَقٌ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ اهـ
(قَوْلُهُ: أَمْ عَنْهُمَا مَعًا) أَيْ أَمَّا إذَا أُطْلِقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَفِي الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ سم لِأَنَّ التَّصَرُّفَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ فَيَقَعُ التَّوْكِيلُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ عَائِدَةً عَلَى الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِبُلُوغِ الصَّبِيّ رَشِيدًا لَكِنْ مَا قَالَهُ الزِّيَادِيُّ هُوَ قِيَاسُ مَا فِي خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ أَنَّ وَكِيلَهَا لَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَصِفْ الْعِوَضَ لَهُ وَلَا لَهَا وَقَعَ لَهَا لِعَوْدِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهَا
(قَوْلُهُ: عَنْ الطِّفْلِ) أَيْ وَلَوْ مَعَ الْوَلِيِّ لَكِنْ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَنْهُمَا وَبَلَغَ رَشِيدًا انْعَزَلَ عَنْ الْوَلِيِّ دُونَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَنْعَزِلُ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ إلَخْ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْعَبْدِ فِي الْقَبُولِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ فَالتَّقْيِيدُ بِالْإِذْنِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِيَكُونَ حُكْمُهُمَا مُسْتَفَادًا مِنْ الضَّابِطِ، أَمَّا مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا فَلَا فَرْقَ (قَوْلُهُ: يَسْتَبِدُّ بِهِ) أَيْ يَسْتَقِلُّ بِهِ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ رَدُّهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَلَامُ أَعَمُّ مِنْ الْبَيْعِ وَمِنْ بَيْعِ الْأَعْيَانِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْكَلَامِ مَا ذُكِرَ فِي الْأَعْمَى، لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى الرُّؤْيَةِ، ثُمَّ قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَصِيرِ الْمَذْكُورَةِ إلَى الْإِلْحَاقِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ تَوَقُّفَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْوَارِثِ عَلَى رُؤْيَتِهَا لَا يَنْفِي اتِّصَافَهُ بِصِحَّةِ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ تَأَمَّلْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا وَجَّهَ بِهِ عَدَمَ الِاحْتِيَاجِ حَاصِلُهُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: مَبْنَى الرَّدِّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ فِي خُصُوصِ مَا وَكَّلَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَلَامَ) أَيْ هُنَا (قَوْلُهُ: مُلْحَقَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يَأْتِي) الْآتِي هُوَ قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمَةِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحِقِّ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الْمُشْتَرِي ع (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ السَّابِقَةِ) هِيَ قَوْلُهُ فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ عَنْهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَنْ يَقْبِضُ الْمَبِيعَ عَنْهُ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ سَفِيهٍ) الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شُرُوطِ الْمُوَكِّلِ، وَأَمَّا كَوْنُ السَّفِيهِ يَصِحُّ مِنْهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ فَسَيَأْتِي فِي شُرُوطِ الْوَكِيلِ بِمَا فِيهِ وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute