للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ صِحَّةُ الشَّهَادَةِ عَنْ الشَّهَادَةِ إذْ لَيْسَتْ بِتَوْكِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ بَلْ الْحَاجَةُ جَعَلَتْ الشَّاهِدَ الْمُتَحَمِّلَ عَنْهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاكِمِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ (وَإِيلَاءٍ) لِأَنَّهُ حَلِفٌ وَهُوَ لَا يَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ (وَلِعَانٍ) إذْ هُوَ يَمِينٌ أَوْ شَهَادَةٌ، وَلَا مَدْخَلَ لِلنِّيَابَةِ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ (وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ بَاقِيهَا لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهَا تَعْظِيمُهُ تَعَالَى فَأَشْبَهَتْ الْعِبَادَةَ، وَمِثْلُهَا النَّذْرُ وَتَعْلِيقُ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَهَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا لَا.

وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَالْوِصَايَةِ، وَالظَّاهِرُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ صِحَّةِ ذَلِكَ فِي التَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقٍ عَارٍ عَنْ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ كَهُوَ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ (وَلَا) فِي (ظِهَارٍ) كَأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ أَوْ جَعَلْته مُظَاهِرًا مِنْك (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَمَعْصِيَةٌ، وَكَوْنُهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ لَا تَمْنَعُ النَّظَرَ لِكَوْنِهِ مَعْصِيَةً، وَعُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي كُلِّ مَعْصِيَةٍ. نَعَمْ مَا الْإِثْمُ فِيهِ لِمَعْنًى خَارِجٍ كَالْبَيْعِ بَعْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، الثَّانِي يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَكَذَا الطَّلَاقُ فِي الْحَيْضِ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ وَحَرُمَ لِعَارِضٍ صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ وَيَمْتَنِعُ فِيمَا كَانَ مُحَرَّمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَالثَّانِي يَلْحَقُهُ بِالطَّلَاقِ (وَيَصِحُّ فِي طَرَفَيْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَسَلَمٍ وَرَهْنٍ وَنِكَاحٍ) لِلنَّصِّ فِي النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ كَمَا مَرَّ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الْبَاقِي (وَ) فِي (طَلَاقٍ) مُنَجَّزٍ لِمُعَيَّنَةٍ، فَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ إحْدَى نِسَائِهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَسَائِرِ الْعُقُودِ) كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَشَرِكَةٍ وَوَكَالَةٍ وَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَإِجَارَةٍ وَأَخْذٍ بِشُفْعَةٍ

وَصِيغَةُ الضَّمَانِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْحَوَالَةِ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك أَوْ مُوصِيًا لَك بِكَذَا أَوْ أَحَلْتُك بِمَالِك عَلَى مُوَكِّلِي مِنْ كَذَا بِنَظِيرِهِ مِنْ مَالِهِ عَلَى فُلَانٍ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ غَيْرُهُ (وَالْفُسُوخِ) وَلَوْ فَوْرِيَّةً لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ تَأْخِيرٌ مُضِرٌّ. أَمَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صِحَّةَ الِاسْتِئْجَارِ لِذَلِكَ بِأَنَّ بَذْلَ الْعِوَضِ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْعَمَلِ لِلْمُسْتَأْجِرِ انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الثَّوَابَ لِلْمُسْتَأْجِرِ وَلَوْ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ

(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ) أَيْ فَالتَّوْكِيلُ بِسَائِرِ التَّعَالِيقِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ الْأَذَانُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ: صَحَّ التَّوْكِيلُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ جَوَازُ التَّوْكِيلِ فَيَحْرُمُ التَّوْكِيلُ فِي الْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ تَلْزَمُهُ وَإِنْ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَفِي طَلَاقٍ مُنَجَّزٍ) .

[فَرْعٌ] وَكَّلَهُ فِي طَلَاقِ زَوْجَتِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا هُوَ كَانَ لِلْوَكِيلِ التَّعْلِيقُ إذَا كَانَ طَلَاقُ الْمُوَكِّلِ رَجْعِيًّا، بِخِلَافِ حُكْمِ الزَّوْجِ فِي الشِّقَاقِ إذَا سَبَقَ الزَّوْجُ إلَى الطَّلَاقِ لَيْسَ لَهُ هُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَاكَ لِحَاجَةِ قَطْعِ الشِّقَاقِ، وَقَدْ حَصَلَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِ هُنَا م ر اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَإِنْ عُلِمَ بِطَلَاقِ الزَّوْجِ أَوَّلًا، وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ فِي هَذِهِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا وَلَا سِيَّمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَذًى لِلزَّوْجِ، وَقَوْلُ سم رَجْعِيًّا: أَيْ وَإِنْ بَانَتْ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِمَا يَحْصُلُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: وَسَائِرِ الْعُقُودِ) هَذَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَصُلْحٍ وَإِبْرَاءٍ، وَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: جَعَلْت مُوَكِّلِي ضَامِنًا) يَنْبَغِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ فَيَصِحُّ الضَّمَانُ بِقَوْلِ الْوَكِيلِ ضَمِنْت مَالَكَ عَلَى زَيْدٍ عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ وَالْوَصِيَّةِ بِنَحْوِ أَوْصَيْت لَك بِكَذَا عَنْ مُوَكِّلِي، أَوْ نِيَابَةً عَنْهُ وَالْحَوَالَةِ بِنَحْوِ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُحِيلًا لَك بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى زَيْدٍ

(قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ بِالتَّوْكِيلِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلرَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: وَالتَّدْبِيرِ) مَعْطُوفٌ عَلَى النَّذْرِ وَلَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ تَعْلِيقٍ (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: جَعَلْتُ مُوَكِّلِي ضَامِنًا لَك) وَصِيغَةُ التَّوْكِيلِ فِي الضَّمَانِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْعِجْلِيّ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ اجْعَلْنِي ضَامِنًا لِدَيْنِهِ أَوْ اجْعَلْنِي كَفِيلًا بِبَدَنِ فُلَانٍ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّصْوِيرِ: أَيْ تَبَعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>