فِيهِ مِنْهُ (لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ) أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ تَعَاطِيهِ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ فِي الْعَادَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (فَلَهُ التَّوْكِيلُ) عَنْ مُوَكِّلِهِ دُونَ نَفْسِهِ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِهِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ جَاهِلًا بِحَالِهِ أَوْ اعْتَقَدَ خِلَافَ حَالِهِ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرٌ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ كَثُرَ) الْمُوَكَّلُ فِيهِ (وَعَجَزَ) الْوَكِيلُ (عَنْ الْإِتْيَانِ بِكُلِّهِ) (فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُوَكِّلُ) عَنْ مُوَكِّلِهِ فَقَطْ، فَلَوْ وَكَّلَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ (فِيمَا زَادَ عَلَى الْمُمْكِنِ) دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ الْمُضْطَرُّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُمْكِنِ: أَيْ فِي الْعَادَةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ لَا تُحْتَمَلُ غَالِبًا فِيمَا يَظْهَرُ، وَفِي كَلَامِ مُجَلِّي مَا يُقَارِبُ ذَلِكَ وَتَزْيِيفُ مُقَابِلِهِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ عَدَمُ تَصَوُّرِ الْقِيَامِ بِالْكُلِّ مَعَ بَذْلِ الْمَجْهُودِ، وَلَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ لِطُرُوِّ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ، وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ (وَلَوْ) (أَذِنَ) الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ (وَقَالَ) لِلْوَكِيلِ: (وَكِّلْ عَلَى نَفْسِك فَفَعَلَ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْإِذْنِ، وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ أَيْضًا كَمَا أَفْهَمَهُ جَعْلُهُ وَكِيلَ وَكِيلِهِ، إذْ مَنْ مَلَكَ عَزْلَ الْأَصْلِ مَلَكَ عَزْلَ فَرْعِهِ بِالْأَوْلَى، وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفْهِمُ ذَلِكَ أَيْضًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
هُوَ قَوْلُهُ وَفِي أَنْ تَبِيعَهُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّانِيَ مُشْتَمِلٌ عَلَى نِسْبَةِ الْبَيْعِ لِلْوَكِيلِ صَرِيحًا وَلَا كَذَلِكَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ لَا يُحْسِنُهُ) أَيْ أَصْلًا، أَمَّا إذَا أَحْسَنَهُ لَكِنْ كَانَ غَيْرُهُ فِيهِ أَحْذَقَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ التَّوْكِيلُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِيَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ وَإِنْ صَارَ أَهْلًا لِمُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَهُ لَمْ يَصِحَّ وَإِذَا تَسَلَّمَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ كَانَ الْمُوَكِّلُ جَاهِلًا إلَخْ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَ تَوْكِيلُهُ) أَيْ وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ، لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ وَلَا ضَرُورَةَ كَالْمُودَعِ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى التَّوْكِيلِ عِنْدَ طُرُوُّ مَا ذُكِرَ كَأَنْ خِيفَ تَلَفُهُ لَوْ لَمْ يُبَعْ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ الرَّفْعُ فِيهِ إلَى قَاضٍ وَلَا إعْلَامُ الْمُوَكِّلِ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَبَقِيَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا لَوْ وَكَّلَ عَاجِزًا ثُمَّ قَدَرَ هَلْ لَهُ الْمُبَاشَرَةُ بِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ كحج لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِهِ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ الِاسْتِنَابَةُ، لَكِنْ عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: لِأَنَّ التَّفْوِيضَ لِمِثْلِ هَذَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ عَيْنُهُ اهـ.
وَمُقْتَضَاهَا أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ حُصُولَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْوَكِيلِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ بِنَفْسِهِ وَالتَّفْوِيضِ إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ) لَا حَاجَةَ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ عَنْ الْمُوَكِّلِ) لَا يَخْفَى جَرَيَانُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ إلَخْ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَلَوْ طَرَأَ الْعَجْزُ لِطُرُوِّ نَحْوِ مَرَضٍ إلَخْ، فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَهُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بِقَوْلِهِ وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ إلَخْ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ إلَخْ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَثُرَ إلَخْ، وَعُذْرُهُ أَنَّهُ تَبِعَ هُنَاكَ صَنِيعَ التُّحْفَةِ ثُمَّ تَبِعَ هُنَا شَرْحَ الرَّوْضِ بِهَذَا التَّصَرُّفِ فَحَصَلَ التَّكْرَارُ مَعَ الْإِيهَامِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وَكَّلَهُ فِيمَا يُمْكِنُهُ عَادَةً وَلَكِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ فِي حَالِ عِلْمِهِ بِسَفَرِهِ أَوْ مَرَضِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَإِنْ طَرَأَ الْعَجْزُ فَلَا خِلَافًا لِلْجُورِيِّ، قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ، وَكَطُرُوِّ الْعَجْزِ مَا لَوْ جَهِلَ الْمُوَكِّلُ حَالَ تَوْكِيلِهِ ذَلِكَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْإِسْنَوِيِّ انْتَهَتْ.
(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تُفْهِمُ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَفْهَمَتْهُ عِبَارَةُ أَصْلِهِ حَيْثُ عَبَّرَ فِيمَا يَأْتِي بِقَوْلِهِ لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ، فَفِي إتْيَانِهِ بِلَكِنَّ تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُحَرَّرُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَالثَّانِي وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِاللَّازِمِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ زِيَادَةً عَلَى الْمُحَرَّرِ، إذْ الضَّمِيرُ فِي عَزْلِهِ رَاجِعٌ فِي عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لِلْمُوَكِّلِ وَفِي عِبَارَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute