التَّعْيِينِ ثَمَّ لَمْ يُعَارِضْهُ مَا يُلْغِيهِ وَهُنَا عَارَضَتْهُ الْقَرِينَةُ الْمُلْغِيَةُ لَهُ، لَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ قَدْ يَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ وَذَلِكَ مُوَافِقٌ لِغَرَضِهِ وَهُوَ زِيَادَةُ الرِّبْحِ، فَاتَّضَحَ أَنَّ تَعْيِينَهُ لَا يُنَافِي غَرَضَهُ بَلْ يُوَافِقُهُ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ.
وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُو لِلْبَيْعِ فِيهِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ نَقْلًا عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ بِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ فِي الثَّوَابِ فَقَدْ وَهَمَ بَلْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ ظَاهِرٌ فِي طَلَاقِهَا فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، بَلْ الطَّلَاقُ أَوْلَى لِحُرْمَتِهِ زَمَنَ الْبِدْعَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ مَثَلًا تَعَيَّنَ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَوَّلَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ يَلْقَاهُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَجَاءَ الشِّتَاءُ قَبْلَ الشِّرَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شِرَاؤُهُ فِي الصَّيْفِ الْآتِي كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَلَيْلَةُ الْيَوْمِ مِثْلُهُ إنْ اسْتَوَى الرَّاغِبُونَ فِيهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَاضِي: لَوْ بَاعَ: أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ زَمَنًا لَيْلًا وَالرَّاغِبُونَ نَهَارًا أَكْثَرُ لَمْ يَصِحَّ.
وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ إخْفَاءَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدُهُ أَجْوَدَ وَلَا الرَّاغِبُونَ فِيهِ أَكْثَرَ. نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْ غَيْرِهِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ، قَالَ الْقَاضِي اتِّفَاقًا، وَرَدَّ السُّبْكِيُّ لَهُ بِاحْتِمَالِهِ زِيَادَةَ رَاغِبٍ مَرْدُودٍ بِأَنَّ الْمَانِعَ تَحَقُّقُهَا لَا تَوَهُّمُهَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاتَّضَحَ أَنَّ تَعْيِينَهُ) أَيْ الشَّخْصَ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي غَرَضَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ) غَايَةٌ لِتَعَيُّنِ الزَّمَانِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْكِيلِ لَا لِقَوْلِهِ قَدْ تَدْعُو لِلْبَيْعِ فِيهِ إلَخْ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ غَايَةً لِلْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ بَقِيَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ أَمَّا مَعَ وُجُودِهَا فَالْمَدَارُ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُ) أَيْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَبَيْنَ الطَّلَاقِ) يَتَعَيَّنُ الزَّمَنُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَفْهَمَ قَوْلُهُمْ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ أَنَّ يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ بِخِلَافِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمَلْحَظُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ صِدْقُ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِأَوَّلِ مَا تَلْقَاهُ فَهُوَ مُحَقَّقٌ وَمَا بَعْدَهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ هُنَا أَيْضًا اهـ حَجّ. وَقَوْلُ حَجّ بِخِلَافِهِ: أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْجُمُعَةِ الَّتِي تَلِيهِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ الْعِيدِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَهُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى بَقِيَّتِهِ أَوْ عَلَى أَوَّلِ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ تَلْقَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ عُدُولَهُ عَنْ الْيَوْمِ إلَى يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَوْ الْعِيدِ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ
(قَوْلُهُ: وَعِيدٍ يَلْقَاهُ) الْمُرَادُ بِالْعِيدِ مَا يُسَمَّى عِيدًا شَرْعًا كَالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اعْتَادَ قَوْمٌ تَسْمِيَةَ أَيَّامٍ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِالْعِيدِ كَالنَّصَارَى إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَيُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ عِيدٍ مِنْ أَعْيَادِهِمْ يَكُونُ بَعْدَ يَوْمِ الشِّرَاءِ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ أَوْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: جَمْدًا فِي الصَّيْفِ) هَلْ صُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ: اشْتَرِ لِي جَمْدًا فِي الصَّيْفِ فَيُحْمَلُ عَلَى صَيْفٍ يَلِيهِ أَوْ مَا هُوَ فِيهِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ، أَوْ يَكْفِي وُقُوعُ الْوَكَالَةِ فِي الصَّيْفِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ عَمَلًا بِالْقَرِينَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَدَّرَ لَهُ الثَّمَنَ) لَمْ يَسْتَثْنُوا نَظِيرَ هَذَا فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ فَلْيُحَرَّرْ الْفَرْقُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِشِدَّةِ تَفَاوُتِ الْغَرَضِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ سم عَلَى حَجّ. وَإِذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْحَاصِلُ إلَخْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ فِي غَيْرِهِ) قَدْ يُشْكِلُ صِحَّةُ الْبَيْعِ مَعَ مَا ذُكِرَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهُ وَمُجَرَّدُ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ قَدْ يَفُوتُ مَعَهُ الْإِخْفَاءُ
(قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ مُضِيِّ
[حاشية الرشيدي]
فَالْمُتَّجَهُ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ فِي نِسْبَةِ مَا ذَكَرَهُ لِلزَّرْكَشِيِّ مُخَالَفَةً لِمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْأَذْرَعِيِّ وَهُوَ الَّذِي يُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ، فَلَعَلَّهُ فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ أَيْضًا كَمَا هُوَ الْغَالِبُ مِنْ تَبَعِيَّتِهِ لِشَيْخِهِ الْأَذْرَعِيِّ، لَكِنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَذْكُرَ الشَّارِحُ الزَّرْكَشِيَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَوْ الْأَذْرَعِيَّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ) فِي هَذِهِ الْغَايَةِ تَهَافُتٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْعِتْقُ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِيهِ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الطَّلَاقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute