(أَوْ أَخْرَجْتُك مِنْهَا انْعَزَلَ) مِنْهَا فِي الْحَالِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ عَلَيْهِ
(فَإِنْ عَزَلَهُ وَهُوَ غَائِبٌ انْعَزَلَ فِي الْحَالِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلرِّضَا فَلَمْ يَحْتَجْ لِلْعِلْمِ كَالطَّلَاقِ، وَيَنْبَغِي لِلْمُوَكِّلِ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَزْلِ إذْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ وَإِنْ وَافَقَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا مِنْ الْوَكِيلِ، أَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَإِذَا وَافَقَهُ عَلَى الْعَزْلِ وَلَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ بَعْدَ التَّصَرُّفِ لِيَسْتَحِقَّ الْجُعْلَ مَثَلًا فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي تَقَدُّمِ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْعَزْلِ وَقَالَ: تَصَرَّفْت قَبْلَهُ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ: بَعْدَهُ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ إلَى مَا بَعْدَهُ أَوْ عَلَى وَقْتِ التَّصَرُّفِ وَقَالَ: عَزَلْتُك قَبْلَهُ فَقَالَ الْوَكِيلُ: بَلْ بَعْدَهُ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَزْلَهُ قَبْلَهُ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي السَّبْقِ بِلَا اتِّفَاقٍ صَدَقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى لِأَنَّ مُدَّعَاهُ سَابِقٌ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ (وَفِي قَوْلِ لَا) يَنْعَزِلُ (حَتَّى يَبْلُغَهُ الْخَبَرُ) مِمَّنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ كَالْقَاضِي، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِتَعَلُّقِ الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ بِعَمَلِ الْقَاضِي، فَلَوْ انْعَزَلَ قَبْلَ الْخَبَرِ عَظُمَ ضَرَرُ النَّاسِ بِنَقْصِ الْأَحْكَامِ وَفَسَادِ الْأَنْكِحَةِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ فِي وَاقِعَةٍ خَاصَّةٍ كَالْوَكِيلِ.
قَالَ الْبَدْرُ بْنُ شُهْبَةَ: وَمُقْتَضَاهُ أَيْضًا أَنَّ الْوَكِيلَ الْعَامَّ كَوَكِيلِ السُّلْطَانِ كَالْقَاضِي اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ إلْحَاقًا لِكُلٍّ بِالْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ فِي نَوْعِهِ، وَلَا يَنْعَزِلُ وَدِيعٌ وَمُسْتَعِيرٌ إلَّا بِبُلُوغِ الْخَبَرِ وَفَارَقَ الْوَكِيلَ بِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ الضَّارِّ بِمُوَكِّلِهِ بِإِخْرَاجِ أَعْيَانِهِ عَنْ مِلْكِهِ فَأَثَّرَ فِيهِ الْعَزْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِخِلَافِهِمَا، وَإِذَا تَصَرَّفَ بَعْدَ عَزْلٍ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ جَاهِلًا لَمْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ مَا سَلَّمَهُ فِيمَا يَظْهَرُ إذْ الْجَهْلُ غَيْرُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْمُوجِبِ لِعَدَمِ إلْغَاءِ اللَّفْظِ وَأَنَّهُ فِي التَّعَدُّدِ وَلَا نِيَّةَ يَنْعَزِلُ الْكُلُّ لِقَرِينَةِ حَذْفِ الْمَعْمُولِ وَلِأَنَّ الصَّرِيحَ حَيْثُ أَمْكَنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَاهُ الْمُطَابِقِ لَهُ خَارِجًا لَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ
(قَوْلُهُ: فَإِذَا اتَّفَقَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْوَكِيلُ) فَيُصَدَّقُ (قَوْلُهُ صَدَقَ مَنْ سَبَقَ) أَيْ جَاءَا مَعًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ) وَإِنْ جَاءَا مَعًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ تَصْدِيقُ الْمُوَكِّلِ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إذْ أَصْلُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَقَائِهِ لِأَنَّ بَقَاءَهُ مُتَنَازَعٌ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ اهـ حَجّ. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ وَقَعَ كَلَامُهُمَا مَعًا صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ اهـ. وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ جَاءَا مَعًا أَنَّهُمَا ادَّعَيَا مَعًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ قَبْلُ: صَدَقَ مَنْ سَبَقَ بِالدَّعْوَى دُونَ قَوْلِهِ: مَنْ جَاءَ لِلْقَاضِي أَوَّلًا، وَقَوْلُهُ أَقْوَى مِنْ أَصْلِ بَقَائِهِ: أَيْ بَقَاءِ جَوَازِ التَّصَرُّفِ النَّاشِئِ عَنْ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) أَيْ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ أَنَّ الْمُحَكَّمَ إلَخْ: أَيْ الَّذِي حَكَّمَهُ الْقَاضِي فَلَا تَخَالُفَ بَيْنَ كَلَامِ الشَّارِحِ وحج (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) أَيْ فَيَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِالْعَزْلِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْخَبَرُ، وَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي فِي أَمْرٍ خَاصٍّ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ الْخَبَرِ اعْتِبَارًا بِمَا مِنْ شَأْنِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ لَا شَكَّ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ وَدِيعٌ) وَفَائِدَةُ عَدَمِ عَزْلِهِ فِي الْوَدِيعِ وُجُوبُ حِفْظِهِ وَرِعَايَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ حَتَّى لَوْ قَصَّرَ فِي ذَلِكَ كَأَنْ لَمْ يَدْفَعْ مُتْلِفَاتِ الْوَدِيعَةِ عَنْهَا ضَمِنَ، وَفِي الْمُسْتَعِيرِ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ فِي اسْتِعْمَالِ الْعَارِيَّةِ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ، وَأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِمَا) أَيْ الْوَدِيعِ وَالْمُسْتَعِيرِ
(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ مَا سَلَّمَهُ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي صَرْفِ مَالٍ فِي شَيْءٍ لِلْمُوَكِّلِ كَبِنَاءٍ وَزِرَاعَةٍ وَثَبَتَ
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي مَثَلًا) وَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِي الثَّمَنِ وَكُلٌّ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَهَلْ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الظَّفْرِ، وَهَلْ إذَا لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الثَّمَنَ لَهُمَا الْمُطَالَبَةُ أَوْ لَا؟ (قَوْلُهُ: فَإِذَا اتَّفَقَا إلَخْ) هُوَ بَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا عَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute