غَابَ الْمُوَكِّلُ لِمَا مَرَّ أَنَّ مَا لَا يَحْتَاجُ لِلرِّضَا لَا يَحْتَاجُ لِلْعِلْمِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ إبْطَالٌ لِأَصْلِ إذْنِ الْمُوَكِّلِ لَهُ فَلَا يُشْكِلُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فَسَادِ الْوَكَالَةِ فَسَادُ التَّصَرُّفِ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ.
أَمَّا لَوْ وَكَّلَ السَّيِّدُ قِنَّهُ فِي تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ فَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الِاسْتِخْدَامِ الْوَاجِبِ
(وَيَنْعَزِلُ) أَيْضًا (بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا) أَيْ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ (عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ) (بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآخَرُ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ لِأَنَّهُ لَوْ قَارَنَ مَنَعَ الِانْعِقَادَ، فَإِذَا طَرَأَ أَبْطَلَهُ، وَخَالَفَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَقَالَ: الصَّوَابُ أَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِعَزْلٍ وَإِنَّمَا تَنْتَهِي بِهِ الْوَكَالَةُ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفَائِدَةُ عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمَوْتِهِ انْعِزَالُ مَنْ وَكَّلَهُ عَنْ نَفْسِهِ إنْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا عَنْهُ اهـ. وَقِيلَ لَا فَائِدَةَ لِذَلِكَ فِي غَيْرِ التَّعَالِيقِ (وَكَذَا إغْمَاءٌ) يَنْعَزِلُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ، وَالثَّانِي لَا يَنْعَزِلُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِمَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِ.
نَعَمْ لَا يَنْعَزِلُ وَكِيلٌ رَمَى الْجِمَارَ بِإِغْمَاءِ مُوَكِّلِهِ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي عَجْزِهِ الْمُشْتَرَطِ لِصِحَّةِ الْإِنَابَةِ، وَذِكْرُهُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِثَالٌ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مِثْلَهَا طُرُوُّ نَحْوِ فِسْقِهِ فِيمَا شَرْطُهُ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى مَا مَرَّ، وَرِدَّةُ الْمُوَكِّلِ يَنْبَنِي الْعَزْلُ بِهَا عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ، وَفِي رِدَّةِ الْوَكِيلِ وَجْهَانِ، وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ الِانْعِزَالُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ دُونَ الْوَكِيلِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ نَحْوُ وَكِيلٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
غَايَةُ (قَوْلِهِ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلرِّضَا (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ وَكَّلَ السَّيِّدُ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ لَيْسَ قِنًّا (قَوْلُهُ: فِي تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ) هُوَ لِلْغَالِبِ وَلَمْ يَحْتَرِزْ بِهِ عَنْ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ وَكَّلَهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ انْعِزَالُهُ
(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) بَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَإِبْدَاءُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ فَائِدَةٌ أُخْرَى. أَيْ غَيْرُ التَّعَالِيقِ مَنْظُورٌ فِيهِ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْمَوْتِ أَوْ تَنْتَهِي بِهِ وَكَالَتُهُ (قَوْلُهُ: إنْ جَعَلْنَاهُ وَكِيلًا عَنْهُ) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْمَالِكُ فِي التَّوْكِيلِ عَنْ نَفْسِهِ فَفَعَلَ أَوْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ فِيمَا لَوْ أَذِنَ لَهُ وَأَطْلَقَ (قَوْلُهُ: إلْحَاقًا لَهُ بِالْجُنُونِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْإِغْمَاءِ وَقِصَرِهِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ، لَهُ فِي الشَّرِكَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، لَكِنْ فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: دَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْإِغْمَاءُ فَيَنْعَزِلُ بِهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرَ مَا يُسْقِطُ الصَّلَاةَ فَلَا انْعِزَالَ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ م ر. [فَرْعٌ] لَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا بِلَا تَعَدٍّ انْعَزَلَ الْوَكِيلُ أَوْ بِتَعَدٍّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّاحِي.
وَقَالَ م ر. بَحْثًا بِالْأَوَّلِ فِي الْوَكِيلِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ: أَيْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِصِحَّةِ تَوْكِيلِهِ فِي حَالِ السُّكْرِ وَتَصَرُّفِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ انْعِزَالُهُ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ انْعِزَالُهُ كَكَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ مَحْجُورٍ اهـ. أَوْ يُقَالُ إنَّمَا لَمْ تَبْطُلُ تَصَرُّفَاتُ السَّكْرَانِ عَنْ نَفْسِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، وَهَذَا يَقْتَضِي عَزْلَ الْوَكِيلِ لِأَنَّ مُوَكِّلَهُ لَيْسَ مَحِلًّا لِلتَّغْلِيظِ وَالسَّكْرَانُ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِزَوَالِ التَّكْلِيفِ فَأَشْبَهَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونَ. [فَرْعٌ] لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِتَوْكِيلِ وَكِيلٍ آخَرَ كَمَا فِي الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، ثُمَّ يَجْتَمِعَانِ عَلَى التَّصَرُّفِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَذَكَرَهُ لِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ) هِيَ الْمَوْتُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ
(قَوْلُهُ: طُرُوُّ نَحْوِ فِسْقِهِ) أَيْ مِنْ الرِّقِّ وَالتَّبْذِيرِ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ عَزْلَهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَزْعِ الْمَالِ مِنْ يَدِهِ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَقْوَالِ مِلْكِهِ) وَالرَّاجِحُ الْوَقْفُ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ) قُدِّمَتْ أَوَّلَ الْبَابِ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ عَدَمُ الِانْعِزَالِ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ دُونَ الْوَكِيلِ يُفِيدُ أَنَّ رِدَّتَهُ لَا تُوجِبُ انْعِزَالَهُ، وَعَلَيْهِ فَتَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ عَنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَصَرَّفَ نَحْوُ وَكِيلٍ) أَيْ كَشَرِيكٍ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: يَنْعَزِلُ بِهِ) هُوَ خَبَرُ قَوْلِهِ وَكَذَا (قَوْلُهُ: الِانْعِزَالُ بِرِدَّةِ الْمُوَكِّلِ) أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ جَزْمِهِ بِخِلَافِهِ