اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك أَوْ سَكَتَ عَنْ الْمَالِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا بَيِّنَةَ وَقَالَ لَهُ الْوَكِيلُ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَسْت وَكِيلًا (وَحَلَفَ) الْبَائِعُ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ) وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بِفَرْضِ الْأُولَى فِي دَعْوَى الْوَكِيلِ عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ دُونَ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى لَا تَتَضَمَّنُ نَفْيَ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَا إثْبَاتَهُ فَتَوَقَّفَ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى ذِكْرِ الْوَكِيلِ لَهُ ذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ تَتَضَمَّنُ نَفْيَ تَوْكِيلِ غَيْرِهِ لَهُ وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ الَّذِي أَطْلَقُوهُ، وَقَرَّرَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ النَّاشِئَةِ عَنْ التَّوْكِيلِ مُشِيرًا بِهِ لِرَدِّ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ تَوْكِيلِ مُطْلَقٍ وَلَا نَفْيِ عِلْمٍ مُطْلَقٍ بَلْ نَفْيُ وَكَالَةٍ خَاصَّةٍ نَاشِئَةٍ عَنْ تَوْكِيلٍ فَيَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ (وَ) إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ (وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ) ظَاهِرًا فَيَسْتَلِمُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ لِلْبَائِعِ وَيَغْرَمُ بَدَلَهُ لِلْمُوَكِّلِ (وَكَذَا إنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَلَمْ يُسَمِّ الْمُوَكِّلَ) فِي الْعَقْدِ بِأَنْ نَوَاهُ وَقَالَ بَعْدَهُ اشْتَرَيْته لَهُ وَالْمَالُ لَهُ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ فَيَحْلِفُ كَمَا مَرَّ وَيَقَعُ شِرَاؤُهَا لِلْوَكِيلِ ظَاهِرًا، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ بَطَلَ الشِّرَاءُ كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ.
وَقَوْلُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ: إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ وُقُوعُ الْعَقْدِ لِلْوَكِيلِ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ أَوْ لَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ لَا رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ (وَكَذَا إنْ سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِنِيَّتِهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الشِّرَاءُ لِلِابْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ) أَيْ أَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: أَنَا وَكِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي وَكِيلٌ (قَوْلُهُ: الَّذِي أَطْلَقُوهُ) فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَهُ لَهُ إنَّمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ قَالَ لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: صَدَّقَهُ الْبَائِعُ) أَيْ فِي أَنَّهُ نَوَى الْمُوَكِّلَ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الشِّرَاءُ) وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ اشْتَرَى لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ حَيْثُ لَمْ تَكْفِ نِيَّتُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِاسْمِهِ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَالُ لَهُ تَضَمَّنَ ذَلِكَ الْغَرَضَ الْحِكَمِيَّ لِلْآذِنِ، وَالْغَرَضُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَاشْتَرَطَ التَّصْرِيحَ بِالِاسْمِ لِيُوجَدَ مَا يَقُومُ مَقَامَ الصِّيغَةِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا يَأْتِي عَنْهُ أَيْضًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى جِهَةِ الضَّعْفِ فَلَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ غَيْرُ سَدِيدٍ) وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِمَالِ نَفْسِهِ وَنَوَى غَيْرَهُ وَقَدْ أُذِنَ لَهُ حَيْثُ يَقَعُ لِلْوَكِيلِ، ثُمَّ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الشِّرَاءُ
[حاشية الرشيدي]
بِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ بِالْوَكَالَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُهُ عَنْ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا صَنَعَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ) أَيْ بَتًّا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَاعِدَتَهُ الْحَلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَهَذَا لَا يُمْكِنُ الْحَلِفُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فَتَعَيَّنَ الْحَلِفُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَلَعَلَّ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقْطًا مِنْ الْكَتَبَةِ (قَوْلُهُ: مُشِيرًا بِهِ لِرَدِّ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) كَأَنَّ مُرَادَهُ اعْتِرَاضُ الْإِسْنَوِيِّ الَّذِي مِنْ تَتِمَّةِ اسْتِشْكَالِهِ السَّابِقِ، وَعِبَارَةُ الْإِسْنَوِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَذَّبَهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ، اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَفَسَّرَ التَّكْذِيبَ بِأَنْ يَقُولَ إنَّمَا اشْتَرَيْت لِنَفْسِك وَالْمَالُ لَك، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّكْذِيبَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ هُوَ نَفْيَ عِلْمٍ حَتَّى يَحْلِفَ قَائِلُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَى أَنْ قَالَ: الثَّانِي: أَنَّ مَعَ هَذَا التَّفْسِيرِ لَا يَسْتَقِيمُ الِاقْتِصَارُ فِي التَّحْلِيفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْوَكَالَةِ بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِكَوْنِ الْمَالِ لِغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ وَلَكِنْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ كَانَ كَافِيًا فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ اهـ.
وَحِينَئِذٍ فَفِي دَفْعِهِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ نَظَرٌ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَاجِعْهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ بِمَا ذَكَرَهُ إنَّمَا هُوَ دَفْعُ الِاعْتِرَاضِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ يَقُولُ إنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ الْوَكَالَةِ حَلِفٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ نَفْيَهَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ التَّوْكِيلِ النَّاشِئَةِ هِيَ عَنْهُ وَهُوَ فِعْلُ الْغَيْرِ، عَلَى أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ هُنَا لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ تَوْكِيلٍ مُطْلَقٍ إلَخْ كَلَامٌ لَا يَكَادُ يُعْقَلُ فَتَأَمَّلْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute