للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَوَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ مِنْ الْمَضْمُونِ عَنْهُ فَقَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ مُوَكِّلِهِ وَادَّعَى رَدَّهُ لَهُ وَلَيْسَ هُوَ مُسْقِطًا عَنْ نَفْسِهِ الدَّيْنَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ قَبْضَهُ ثَابِتٌ وَبِهِ يَبْرَآنِ مَعَ كَوْنِ مُوَكِّلِهِ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ وَكَالْوَكِيلِ فِيمَا مَرَّ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَابِي تَسْلِيمَ مَا جَبَاهُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ

(وَلَوْ) (ادَّعَى) الْوَكِيلُ (الرَّدَّ عَلَى رَسُولِ الْمُوَكِّلِ وَأَنْكَرَ الرَّسُولُ) (صُدِّقَ الرَّسُولُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتَمِنْهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَيْهِ (وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَلْيُثْبِتْهُ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ لِاعْتِرَافِهِ بِإِرْسَالٍ وَيَدُ رَسُولِهِ كَيَدِهِ فَكَأَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّفْعِ إلَى رَسُولِهِ لَمْ يَغْرَمْ الْوَكِيلُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَوْ اعْتَرَفَ الرَّسُولُ بِالْقَبْضِ، وَادَّعَى التَّلَفَ فِي يَدِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ

(وَلَوْ) (قَالَ الْوَكِيلُ) بِالْبَيْعِ (قَبَضْت الثَّمَنَ) حَيْثُ جَازَ لَهُ قَبْضُهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فِي قَوْلِهِ فَلَوْ طَالَبَهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ وَنَحْوُهَا، وَهَذَا إنْ أُرِيدَ بِالضَّمَانِ دُخُولُ الْمُوَكِّلِ فِيهِ فِي ضَمَانِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ مَا يَحْتَاجُ إلَى أَصِيلٍ وَهُوَ مَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ إلَخْ فَهِيَ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَوَكَّلَهُ) أَيْ الْمَضْمُونُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى) أَيْ الضَّامِنُ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ لَهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هُوَ) أَيْ الضَّامِنَ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يَبْرَآنِ) أَيْ الضَّامِنُ وَالْأَصِيلُ (قَوْلُهُ: مَا جَبَاهُ) أَيْ أَوْ أَتْلَفَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ. وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ فِي أَنَّهُ قَبَضَ مَا وَكَّلَهُ فِي قَبْضِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِلْوَقْفِ مَثَلًا هُنَا لَوْ أَنْكَرَ قَبْضَ الْجَابِي مِنْ أَصْلِهِ صَدَقَ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً هُوَ أَوْ مَنْ جَبَى مِنْهُ. وَكَمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَبْضِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ جَبَى مِنْهُمْ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ.

أَمَّا لَوْ شَهِدَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْجَابِي بِالْقَبْضِ مِنْ غَيْرِهِ وَشَهِدَ غَيْرُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ قُبِلَتْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ لَا تَجْلِبُ نَفْعًا وَلَا تَدْفَعُ ضَرَرًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ مُسْتَحِقًّا لِقَبْضِ مَا اسْتَأْجَرَهُ لَهُ بِمِلْكٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالنَّاظِرِ إذَا وَكَّلَ مَنْ يَجْبِي لَهُ الْأُجْرَةَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْجَابِي مُقَرَّرًا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ عَلَى النَّاظِرِ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَمْ يَأْتَمِنْهُ

(قَوْلُهُ: فَلْيُثْبِتْهُ عَلَيْهِ) قَالَ حَجّ: فَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الدَّفْعِ لِرَسُولِهِ بَرِئَ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إشْهَادِهِ عَلَى الرَّسُولِ انْتَهَى. أَقُولُ: وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا لَوْ أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَأَنْكَرَ وَصَدَّقَهُ الْأَصِيلُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمِ انْتِفَاعِ الْأَصِيلِ بِمَا أَدَّاهُ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الضَّامِنَ لَمَّا كَانَ مُؤَدِّيًا عَنْ غَيْرِهِ طُلِبَ مِنْهُ الِاحْتِيَاطُ لِحَقِّ الْغَيْرِ فَامْتَنَعَ رُجُوعُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ الِاحْتِيَاطِ، وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ هُنَا مُؤَدٍّ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُنْسَبُ لِتَقْصِيرٍ فِي عَدَمِ الْإِشْهَادِ كَنِسْبَةِ الضَّامِنِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لَيْسَ عَنْ غَيْرِهِ حَتَّى يُطْلَبَ مِنْهُ الِاحْتِيَاطُ (قَوْلُهُ: وَادَّعَى التَّلَفَ) وَكَذَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ، وَقَدْ يُقَالُ يُصَدَّقُ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ ائْتَمَنَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الرَّسُولِ بَلْ يَرْجِعُ عَلَى الدَّيْنِ وَلَا رُجُوعَ لِلْمَدِينِ عَلَى الرَّسُولِ حَيْثُ اعْتَرَفَ بِوَكَالَتِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ، وَالدَّائِنُ هُوَ الظَّالِمُ لِلْمَدِينِ بِالْأَخْذِ مِنْهُ، وَالْمَظْلُومُ لَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ.

[فَرْعٌ] وَكَّلَ الدَّائِنُ لِلْمَدِينِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا بِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَنْوَارِ؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يُوجَدْ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا مِنْ نَفْسِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَاعْتَمَدَ حَجّ فِي شَرْحِهِ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَمَنَعَ كَوْنَهُ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ فَلْيُرَاجَعْ وَقَوْلُ سم لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَإِذَا فَعَلَ وَقَعَ الشِّرَاءُ لِلْمَدِينِ،

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْجِبَايَةِ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْجَابِي الْمُقَرَّرُ فِي الْوَقْفِ الرَّدَّ عَلَى النَّاظِرِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ لَمْ يَسْتَأْمِنْهُ حَتَّى يَقْبَلَ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ) وَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْمَالِكَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ رَسُولِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>