للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِ الْمَسْحُ عَلَيْهِ جَزْمًا، بِخِلَافِ الرَّأْسِ فَإِنَّ الشَّعْرَ مِنْ مُسَمَّاهُ، إذْ الرَّأْسُ لِمَا رَأَسَ وَعَلَا، وَهُوَ صَادِقٌ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ شَعْرِ الْخُفِّ فَلَا يُسَمَّى خُفًّا (إلَّا أَسْفَلُ الرِّجْلِ وَعَقِبِهَا فَلَا) يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِعَدَمِ وُرُودِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ، وَالرُّخْصَةُ يَجِبُ فِيهَا الِاتِّبَاعُ.

وَالثَّانِي يَكْفِي قِيَاسًا عَلَى الْأَعْلَى، وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا.

(قُلْت: حَرْفُهُ كَأَسْفَلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ الرُّؤْيَةِ غَالِبًا.

(وَلَا مَسْحَ لِشَاكٍّ فِي بَقَاءِ الْمُدَّةِ) كَأَنْ نَسِيَ ابْتِدَاءَهَا أَوْ أَنَّهُ مَسَحَ حَضَرًا أَوْ سَفَرًا لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ، فَإِذَا شَكَّ فِيهَا رَجَعَ لِلْأَصْلِ وَهُوَ الْغَسْلُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّكَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ الْمَسْحِ لَا أَنَّهُ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، فَلَوْ زَالَ الشَّكُّ وَتَحَقَّقَ بَقَاءُ الْمُدَّةِ جَازَ الْمَسْحُ، وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَلَى الشَّكِّ فِي أَنَّهُ مَسَحَ فِي الْحَضَرِ أَوْ السَّفَرِ وَصَلَّى ثُمَّ زَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَعَلِمَ أَنَّ ابْتِدَاءَهُ وَقَعَ فِي السَّفَرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ صَلَاةِ الْيَوْمِ الثَّانِي لِأَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ الشَّكِّ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْمَسْحِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لِعِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْمُدَّةِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَسَحَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْيَوْمَ الثَّالِثَ بِذَلِكَ الْمَسْحِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لَكِنَّهُ مَسَحَ فِيهِ عَلَى الشَّكِّ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَسْحِهِ، وَيَجُوزُ لَهُ إعَادَةُ صَلَوَاتِ الْيَوْمِ الثَّانِي بِالْمَسْحِ الْوَاقِعِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ.

(فَإِنْ أَجْنَبَ وَجَبَ) عَلَيْهِ (تَجْدِيدُ لِبْسِ) أَيْ إنْ أَرَادَ الْمَسْحَ وَمِثْلُهُ كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغَسْلُ لِحَدَثٍ أَكْبَرَ كَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ لِمَا صَحَّ مِنْ خَبَرِ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ إلَّا مِنْ جَنَابَةٍ» وَقِيسَ بِهِ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْوِلَادَةُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ فَلَا يَشُقُّ النَّزْعُ لَهُ، بِخِلَافِ الْحَدَثِ حَتَّى لَوْ غَسَلَهُمَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْعِبْرَةَ بِمَا قُدَّامِ السَّاقِ إلَى رُءُوسِ الْأَظْفَارِ لَا غَيْرُ اهـ.

وَكُتِبَ عَلَى الْمَنْهَجِ: لَوْ مَسَحَ بَاطِنَهُ فَنَفَذَ الْمَاءُ مِنْ مَوَاضِعَ الْخَرْزِ إلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْزِئُ إنْ قَصَدَ الظَّاهِرَ أَوْ الْبَاطِنَ أَوْ أَطْلَقَ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الْبَاطِنَ فَقَطْ، وَكَذَا يُقَالُ إذَا مَسَحَ الشَّعْرَ الَّذِي بِظَاهِرِ الْخُفِّ فَأَصَابَ الْمَاءُ بَقِيَّةَ الْخُفِّ، وَقُلْنَا إنْ مَسَحَ الشَّعْرَ لَا يَكْفِي فَتَأَمَّلْ اهـ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ لَمْ يَكْفِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ.

[فَرْعٌ] هَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْخَيْطِ الَّذِي خِيطَ بِهِ الْخُفُّ سَوَاءٌ كَانَ جِلْدًا أَوْ كَتَّانًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ لِأَنَّهُ صَارَ يُعَدُّ مِنْ جُمْلَتِهِ، وَهَلْ يَكْفِي الْمَسْحُ عَلَى الْأَزْرَارِ وَالْعُرَى الَّتِي لِلْخُفِّ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ إذَا كَانَتْ مُثَبَّتَةً فِيهِ بِنَحْوِ الْخِيَاطَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ شَعْرٌ لَمْ يَكْفِ عَلَيْهِ الْمَسْحُ جَزْمًا) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: لِمَا رَأَسَ) قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: رَأَسَ فُلَانٌ الْقَوْمَ يَرْأَسُهُمْ بِالْفَتْحِ رِآسَةٌ فَهُوَ رَئِيسٌ وَيُقَالُ رَيِّسٌ بِوَزْنِ قَيِّمٍ اهـ (قَوْلُهُ: فَلَا يُسَمَّى خُفًّا) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ عَنْ م ر، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الشَّعْرُ دَاخِلًا فِي حَقِيقَةِ الرَّأْسِ وَاكْتَفَى بِهِ، فَقِيَاسُهُ الِاكْتِفَاءُ بِشَعْرِ الْخُفِّ كَمَا قَالَهُ حَجّ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُرُودِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَسْفَلِ وَالْعَقِبِ

(قَوْلُهُ: إعَادَةُ مَسْحِهِ) أَيْ لِفِعْلِهِ أَوَّلًا مَعَ التَّرَدُّدِ

(قَوْلُهُ: لِحَدَثٍ أَكْبَرَ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ النَّزْعُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِنَذْرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ لِنَجَاسَةِ كُلِّ بَدَنِهِ أَوْ بَعْضِهِ وَاشْتُبِهَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ.

[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ شَكَّ هَلْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ كَامِلَةً أَمْ لَا؟ هَلْ لَهُ الْإِحْرَامُ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مَا لَا يَسَعُ الصَّلَاةَ وَأَحْرَمَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ يَنْعَقِدْ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا وَتَبِعَهُ الْخَطِيبُ مِنْ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: مُسَافِرِينَ أَوْ سَفْرًا) فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ: إذَا كُنَّا سَفْرًا أَوْ مُسَافِرِينَ، الشَّكُّ مِنْ الرَّاوِي فِي السَّفَرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>