للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا يَنْتَقِلُ بِالرَّهْنِ لِأَنَّ صَيْرُورَتَهُ إلَيْهِ إنَّمَا تَكُونُ بِالْحَوَالَةِ وَهِيَ تُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الدَّيْنَ كَانَ لَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ بِحَالِهِ، وَمَرَّ أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ وَنَحْوَ الْمُتْعَةِ وَالْخُلْعِ وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ وَالْحُكُومَةِ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ فِيمَا مَرَّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ إذْ لَا يَزُولُ الْمِلْكُ بِالْكَذِبِ (وَلَوْ) (قَالَ: هَذَا لِفُلَانٍ وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت) بِهِ (فَأَوَّلُ كَلَامِهِ إقْرَارٌ وَآخِرُهُ لَغْوٌ) فَلْيُطْرَحْ آخِرُهُ فَقَطْ وَيُعْمَلْ بِأَوَّلِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُسْتَقِلَّتَيْنِ، وَمِنْ هَذَا عُلِمَ صِحَّةُ هَذَا مِلْكِي هَذَا لِفُلَانٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ، أَوْ هَذَا لِي وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقْرَرْت لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بَعْدَ إنْكَارٍ أَوْ عَكْسُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ شَاهِدٍ تَنَاقَضَ كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ وَإِنْ أَمْكَنَ الْجَمْعُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الشَّهَادَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِلْإِقْرَارِ (وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ) مِنْ الْأَعْيَانِ (فِي يَدِ الْمُقِرِّ) حِسًّا أَوْ حُكْمًا (لِيُسَلَّمَ بِالْإِقْرَارِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ) لِأَنَّهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ يَدِهِ عَنْهُ إمَّا مُدَّعٍ أَوْ شَاهِدٍ بِغَيْرِ لَفْظَيْهِمَا فَلَمْ يُقْبَلْ وَاشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِيَدِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأَعْمَالِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ التَّسْلِيمُ لَا لِصِحَّتِهِ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَاغٍ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ مَتَى حَصَلَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي.

وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَوْ لَهُمَا ثُمَّ ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَأَقَرَّ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ، وَمَا لَوْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَالَ غَائِبٍ بِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ ثُمَّ قَدِمَ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَصَرَّفَ فِيهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَجَازِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ أَوْ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ لَمْ يَبْعُدْ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ أَوْ أَطْلَقَ، وَاقْتَضَى الْإِطْلَاقُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: وَمَرَّ) أَيْ قَبْلَ فَصْلِ الصِّيغَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَسْنَدَهُ إلَى جِهَةٍ لَا تُمْكِنُ فِي حَقِّهِ إلَخْ فِي قَوْلِهِ، وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا أَنْ يُقِرَّ لِقِنٍّ عَقِبَ عِتْقِهِ وَأَنْ يَثْبُتَ لَهُ دَيْنٌ بِنَحْوِ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَيُقِرُّ بِهِ لِغَيْرِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ دَيْنَ الرَّهْنِ) عِبَارَةُ حَجّ أَنَّ دَيْنَ الْمَهْرِ وَهِيَ الصَّوَابُ وَالْمُوَافَقَةُ لِمَا مَرَّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُ الْمُتْعَةِ) كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَرَادَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِظُهُورِ الْكَذِبِ فِيهِ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ دَيْنُ الْمَهْرِ إلَخْ إنْ عَيَّنَ مَا ذَكَرَهُ كَأَنْ أَمْهَرَ أَوْ أَمْتَعَ عَيْنًا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا عَقِبَ ثُبُوتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي، فَلَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ ثُمَّ صَارَ عَمِلَ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُ سم بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ: أَيْ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مَغْصُوبَةً فَلَمْ تَدْخُلْ فِي مِلْكِهَا (قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ عَلَى جُمْلَتَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلِمَ صِحَّةَ هَذَا) أَيْ فَيَكُونُ إقْرَارًا (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صَحِيحٌ، وَالْمُرَادُ بِعَكْسِهِ الْإِنْكَارُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ حَكَى مَا ذُكِرَ) بِأَنْ قَالَ: إنَّ زَيْدًا أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو، وَكَانَ مِلْكَ زَيْدٍ إلَى أَنْ أَقَرَّ بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ بَيْنَ كَوْنِهِ يَجْعَلُ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ نَفْسِهِ أَوْ نَقْلًا عَنْ كَلَامِ الْمُقِرِّ، وَقَالَ سم عَلَى حَجّ: إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حِكَايَةً لِكَلَامِ الْغَيْرِ بِالْمَعْنَى. ثُمَّ قَالَ: لَكِنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَمَعَ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ مَعْنَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَالَ زَيْدٌ هَذَا مِلْكُ عَمْرٍو وَكَانَ مِلْكِي إلَى أَنْ أَقْرَرْت بِهِ كَانَ إقْرَارًا لِأَنَّ هَذَا نَقْلٌ لِخُصُوصِ مَا قَالَهُ الْمُقِرُّ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَادِرًا مِنْهُ أَوْ مِنْ الشَّاهِدِ إخْبَارًا عَنْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ كَالْمُعَارِ أَوْ الْمُؤَجَّرِ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَبَقَاءِ مِلْكِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَيَنْفَسِخُ الْأَثَرُ الَّذِي كَانَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ لَوْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ اطَّلَعَ الْبَائِعُ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي الْمَبِيعِ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لِأَنَّ لَهُمَا الْفَسْخَ فَلْيُرَاجَعْ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَا أَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَيَانِ إلَخْ خِلَافُهُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْفَسْخُ، وَهَذَا وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلْيَكُنْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي يَدِ الْمُقِرِّ) أَيْ: فِي تَصَرُّفِهِ فَلَا يَرِدُ نَحْوُ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَهُ) لَفْظُ لَهُ مُتَعَلِّقٌ بِ أَقَرَّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>