للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْبَائِعُ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارَانِ وَلَا يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيه، وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَمِيرَاثُهُ لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ.

وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ بِزَعْمِهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ وَاعْتِرَافُ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا وَلَكِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ شِرَاءِ الْبَائِعِ لَهُ كَاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ لَكِنَّهُ هُنَا يُورَثُ بِالْوَلَاءِ بِشَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ تَرِكَتِهِ أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ (وَإِنْ قَالَ: أَعْتَقَهُ) الْبَائِعُ وَهُوَ يَسْتَرِقُّهُ ظُلْمًا (فَافْتِدَاءٌ) أَيْ فَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ افْتِدَاءٌ (مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ (وَبَيْعٌ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ أَوْ فِي الْبَائِعِ فَقَطْ عِنْدَ الْإِسْنَوِيِّ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ.

قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: إنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (فَيَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارَانِ) أَيْ الْمَجْلِسُ وَالشَّرْطُ، وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ (لِلْبَائِعِ فَقَطْ) لَا لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ أَنَّهُ افْتِدَاءٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ بِعَيْبٍ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أَرْشًا، بِخِلَافِ الْبَائِعِ إذْ لَوْ رَدَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْإِنْسَانُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) أَيْ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) أَيْ فَيَكُونُ مَا هُنَا افْتِدَاءً مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبَيْعًا مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ قَطْعًا (قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ الْخَاصِّ) أَيْ كَالِابْنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ وَارِثٍ خَاصٍّ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ (قَوْلُهُ: أَقَلَّ الثَّمَنَيْنِ) أَيْ ثَمَنِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَالْبَائِعِ الثَّانِي، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ فَهُوَ الَّذِي تَعَدَّى سَيِّدُ الْعَبْدِ بِقَبْضِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ دُونَ مَا زَادَ، وَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ هُوَ الثَّانِيَ فَلِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْحُرِّيَّةِ لَمْ يَغْرَمْ إلَّا هُوَ فَلَا يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَيْهِ.

[فَرْعٌ] قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا وَوَقَفَهَا مَسْجِدًا: أَيْ مَثَلًا، فَجَاءَ آخَرُ وَادَّعَاهَا وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ تَبْطُلْ الْوَقْفِيَّةُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا اهـ حَوَاشِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

أَقُولُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ مَأْخُوذٌ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ إذَا تَعَلَّقَ بِثَالِثٍ لَا الْتِفَاتَ إلَى قَوْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا اتَّفَقَا عَلَى بُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَلَا يَثْبُتُ مَا ادَّعَاهُ الثَّالِثُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ حَيْثُ لَمْ يُصَدِّقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُشْتَرِي لِذَلِكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ عَلَى الْمَذْهَبِ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلَ) هُوَ قَوْلُهُ فِيهِمَا عِنْدَ السُّبْكِيّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَحَلِّيُّ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ أَوْ فِي الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ ذَلِكَ خِيَارُ عَيْبِ الثَّمَنِ) أَيْ فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ فَلَهُ الْأَرْشُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ رَدُّهُ) أَيْ الْمُشْتَرَى (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ رَدَّ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ اسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَكْسَابَ الْحَاصِلَةَ مِنْ الْعَبْدِ إذَا رُدَّ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَتْ لِلْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ، وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ مَاذَا يَفْعَلُ فِيهَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا لِدَعْوَاهُ حُرِّيَّتَهُ وَالْمَبِيعُ رَقِيقٌ بِزَعْمِ الْبَائِعِ، وَالرَّقِيقُ لَا يَمْلِكُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي الْعُبَابِ مَا نَصُّهُ: فَلَهُ دُونَ الْمُقِرِّ الْخِيَارَانِ وَالْفَسْخُ فِي الثَّمَنِ الْمَعِيبِ، فَإِنْ عَيَّنَ فِي الْعَقْدِ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ. وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ: أَيْ وَمَا كَسَبَهُ مِنْ الْبَيْعِ إلَى الْفَسْخِ لَا يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ بَلْ يُوقَفُ تَحْتَ يَدِ مَنْ يَخْتَارُهُ الْقَاضِي إنْ عَتَقَ فَلَهُ وَإِنْ مَاتَ فَحُكْمُ الْفَيْءِ كَمَالٍ مِنْ رِقٍّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الشِّهَابُ حَجّ فِي الْفَتَاوَى. وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْجَوَازِ يُشْعِرُ بِأَنَّ لَهُ حَالَةً أُخْرَى، وَانْظُرْ مَا هِيَ فَإِنَّهُ بِرَدِّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَعُودُ لَهُ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ فَبِاطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ لَهُ اسْتِرْدَادُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَالَ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْتَضِيهِ) فِي حَوَاشِي التُّحْفَةِ مَا نَصُّهُ: يُمْكِنُ جَعْلُ قَوْلِهِ الْآتِي وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ عَلَى الْمَذْهَبِ رَاجِعًا لِهَذِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُتَبَادَرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَ الْمُدَّعِي حُرِّيَّتَهُ) أَيْ وَهُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَبِيعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَمَّا بَعْدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>