للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قَالَ: أَرَدْته قُبِلَ إنْ وَصَلَهُ لَا إنْ فَصَلَهُ (وَالتَّفْسِيرُ بِالْمَغْشُوشَةِ كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ) فَإِنَّ الدِّرْهَمَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْغِشِّ يَنْقُصُهَا فَكَانَتْ كَالنَّاقِصَةِ فِي تَفْصِيلِهَا الْمَذْكُورِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِجِنْسٍ رَدِيءٍ أَوْ بِغَيْرِ سِكَّةِ الْبَلَدِ قُبِلَ مُطْلَقًا وَفَارَقَ النَّاقِصَ بِأَنَّهُ يَرْفَعُ بَعْضَ مَا أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ يُحْمَلُ عَلَى سِكَّةِ الْبَلَدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهَا فِي كُلِّ مَحَلٍّ تَقَعُ بِمَا يَرُوجُ فِيهِ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ يُحْتَمَلُ ثُبُوتُهُ بِمُعَامَلَةٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَيُرْجَعُ إلَى إرَادَتِهِ، وَلَوْ فَسَّرَهَا بِالْفُلُوسِ لَمْ يُقْبَلْ لِانْتِفَاءِ تَسْمِيَتِهَا دَرَاهِمَ، سَوَاءٌ أَفَصَلَهُ أَمْ وَصَلَهُ.

نَعَمْ لَوْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا بِبَلَدٍ بِحَيْثُ هُجِرَ التَّعَامُلُ بِالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ عِوَضًا عَنْ الْفُلُوسِ كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ، فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ الْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْمَكِيلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَلَوْ أَقَرَّ لَهُ بِإِرْدَبِّ بُرٍّ وَبِمَحَلِّ الْإِقْرَارِ مَكَايِيلُ مُخْتَلِفَةٌ وَلَا غَالِبَ فِيهَا تَعَيَّنَ أَقَلُّهَا مَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُقَرُّ بِهِ بِمِكْيَالٍ مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت غَيْرَهَا، وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ، وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ وَالْمُتْلِفُ بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ كَيْلِ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ، وَلَوْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِكَذَا كَذَا أَشَرَفِيًّا حُمِلَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِشُمُولِ الْعُرْفِ لِذَلِكَ فَهُوَ مُجْمَلٌ فَيُرْجَعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ ثُمَّ إلَى وَرَثَتِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ فِي أَنَّ الْقَدْرَ الْمُقَرَّ بِهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَدَعْوَى أَنَّهُ يُنَافِيه قَوْلُهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ أَنَّهُ مَوْضِعٌ لِضَرْبٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الذَّهَبِ فَيُحْمَلُ فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ عَلَيْهِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ، وَقَوْلُ الْمُنَازِعِ بِأَنْ وَضَعَهُ لِمِقْدَارٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ.

وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا يَعُمُّ الْفِضَّةَ أَيْضًا فَهُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ.

وَقَاعِدَةُ الْبَابِ قَبُولُ مِثْلِهِ مُتَّصِلًا لَا مُنْفَصِلًا مَمْنُوعٌ بِأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِيمَا لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ قَدِيمٌ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ إذْ الْأَشَرُّ فِي حَادِثٍ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ الذَّهَبِ مُتَجَدِّدٌ فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ.

وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ بِالتَّصْغِيرِ أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ لَزِمَهُ صَغِيرُ الْقَدْرِ وَزْنًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَمْسُونَ شَعِيرَةً وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ، وَبِالدَّوَانِقِ سِتٌّ وَكُلُّ دَانَقٍ ثَمَانُ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ (قَوْلُهُ: قُبِلَ مُطْلَقًا) أَيْ فَصَلَهُ أَوْ وَصَلَهُ كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ كَذَلِكَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: كَالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ) أَيْ فِي زَمَنِهِ إذْ ذَاكَ، وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ التَّفْسِيرُ بِهَا لِأَنَّهَا لَا يَتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ إلَّا فِي الْمُحَقَّرَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ) هِيَ غَايَةٌ (قَوْلُهُ: فِي قَدْرِ كَيْلٍ) أَيْ وَفِي قِيمَتِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَالْفِضَّةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ لِأَنَّ الْأَشْرَفِيَّ يُطْلَقُ تَارَةً عَلَى الذَّهَبِ الْخَالِصِ وَتَارَةً عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْفِضَّةِ كَعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ: فَجَازَ فِيهِ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ مُجْمَلٌ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْفِضَّةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَةِ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْقَبُولُ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا) وَفِي نُسْخَةٍ: وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي الْكَيْلِ) تَبِعَ فِي هَذَا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، لَكِنْ ذَاكَ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ، فَمَعْنَى قَوْلِ الشِّهَابِ وَيَجْرِي ذَلِكَ: يَعْنِي الْحَمْلَ عَلَى الْغَالِبِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ الَّذِي يَقُولُ بِهِ هُوَ دُونَ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ) تَبِعَ فِيهِ أَيْضًا الشِّهَابَ الْمَذْكُورَ، وَهُوَ نَقِيضُ مَا صَدَرَ بِهِ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى دِرْهَمِ الْإِسْلَامِ، فَهَذَا اخْتِيَارُ الشِّهَابِ الْمَذْكُورِ الْمُقَابِلِ لِاخْتِيَارِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَا عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ الْأَنْقَصِ مِنْهُ إلَّا إنْ وَصَلَهُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعُقُودِ يُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمُخْتَصِّ مِنْ تِلْكَ الْمَكَايِيلِ كَالنَّقْدِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فِي الْحُكْمِ، وَالْعَلَّامَةُ حَجّ ذَكَرَ عَقِبَ هَذَا مَا نَصُّهُ: مَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي تَعْيِينِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ اهـ.

فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْعَلَّامَةُ الْمَذْكُورُ هُوَ مَحَطُّ الْمُخَالَفَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَذْكُرَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ عَدَمِ التَّسْلِيمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>