(وَحَيْضٌ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] أَيْ الْحَيْضِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِيمَا يَأْتِي الِانْقِطَاعُ مَعَ الْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ بِالِانْتِفَاعِ
(وَنِفَاسٌ) لِكَوْنِهِ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ.
(وَكَذَا وِلَادَةٌ بِلَا بَلَلٍ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ بَلَلٍ وَإِنْ كُنَّا لَا نُشَاهِدُهُ، وَلِأَنَّهُ يَجِبُ بِخُرُوجِ الْمَاءِ الَّذِي يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَتَاوِيهِ فَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِجَوْهَرٍ وَلَا جِسْمٍ، وَحَدِيثُ «يُؤْتَى بِالْمَوْتِ فِي صُورَةِ كَبْشٍ» إلَخْ مِنْ بَابِ التَّمْثِيلِ اهـ.
ثُمَّ صَحَّحَ كَوْنَهُ أَمْرًا وُجُودِيًّا
(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا} [البقرة: ٢٢٢] إلَخْ) أَيْ وَلِخَبَرِ: «إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي» وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ " فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي " سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَحْمِلْ الْمَحِيضَ فِي الْآيَةِ عَلَى زَمَنِ الْحَيْضِ أَوْ مَكَانِهِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، لِأَنَّ هَذَا أَوْفَقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ مِنْ أَنَّهُ الْمُوجِبُ عَلَى أَنَّ حَمْلَ الْمَحِيضِ عَلَى مَكَانِ الْحَيْضِ يُوهِمُ مَنْعَ قُرْبَانِهَا فِي مَحِلِّهِ وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ قَطْعًا (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَقِيلَ يَجِبُ بِالْخُرُوجِ فَقَطْ.
وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا إذَا قُلْنَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ الْجُنُبُ فَاسْتَشْهَدَتْ حَائِضٌ فَإِنَّا نُغَسِّلُهَا عَلَى هَذَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا) كَالطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِيهِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ الْخُرُوجُ وَإِرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ اهـ.
وَمِنْ لَازِمِ إرَادَةِ نَحْوِ الصَّلَاةِ الِانْقِطَاعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مُوجِبُهُ الْحَدَثُ وَالِانْقِطَاعُ وَإِرَادَةُ نَحْوِ الصَّلَاةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِانْقِطَاعَ صَرِيحًا، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ. إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ دَمَ حَيْضٍ) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَمْ تَحِضْ وَهِيَ حَامِلٌ.
أَمَّا هِيَ فَيَجُوزُ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْهَا حَالَ الْحَمْلِ الْبَعْضُ لَا الْكُلُّ، وَمُجْتَمِعٍ بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِلْحَيْضِ وَإِضَافَةُ الدَّمِ إلَيْهِ بَيَانِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا وِلَادَةٌ) هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ مِنْ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي انْسِدَادِ الْفَرْج مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا أَوْ خِلْقِيًّا.
وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ، وَقَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: وَيَجُوزُ جِمَاعُهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ بِلَا بَلَلٍ لِأَنَّهَا جَنَابَةٌ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ الْجِمَاعَ رَمْلِيٌّ.
أَقُولُ: وَتُفْطِرُ بِهَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً، وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْفِطْرِ بِهَا إذَا كَانَتْ صَائِمَةً يُشْكِلُ عَلَى جَوَازِ وَطْئِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَّلَ وُجُوبَ الْغُسْلِ بِالْوِلَادَةِ تَارَةً بِأَنَّهَا مَظِنَّةُ النِّفَاسِ، وَتَارَةً بِأَنَّ الْوَلَدَ مَنِيٌّ مُجْتَمِعٌ، فَالثَّانِي مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْوَطْءِ وَعَدَمَ الْفِطْرِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ بِمُجَرَّدِهَا لَا تُبْطِلُ الصَّوْمَ، فَلَعَلَّهُمْ بَنَوْا جَوَازَ الْوَطْءِ عَلَى أَنَّ الْوِلَادَةَ جَنَابَةٌ، وَالْفِطْرُ عَلَى أَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِلنِّفَاسِ احْتِيَاطًا لِلْعِبَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِطْرِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الزَّوْجِ لِلشَّكِّ فِي الْمُحَرَّمِ.
(فَرْعٌ) سَأَلَ م ر عَمَّا لَوْ عَضَّ كَلْبٌ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فَخَرَجَ مِنْ فَرْجِهِ حَيَوَانٌ صَغِيرٌ عَلَى صُورَةِ الْكَلْبِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَهَلْ هَذَا الْحَيَوَانُ نَجِسٌ كَالْكَلْبِ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ وَطْءِ الْكَلْبِ لِحَيَوَانٍ طَاهِرٍ حَتَّى يَجِبُ تَسْبِيعُ الْمَخْرَجِ مِنْهُ، وَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِهِ لِأَنَّهُ وِلَادَةٌ؟ فَأَجَابَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ غَيْرُ نَجِسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَاءِ الْكَلْبِ، وَأَنَّهُ لَا غُسْلَ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْغُسْلِ هِيَ الْوِلَادَةُ الْمُعْتَادَةُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ دُودٌ مِنْ الْجَوْفِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: أَيْ الْحَيْضِ) اللَّائِقُ: أَيْ زَمَنُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ نَفْسَ الْحَيْضِ فِيمَا قَبْلَهُ بِلَفْظِ الْأَذَى، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَحِيضِ الْحَيْضَ لَكَانَ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّفْسِيرِ بِالْحَيْضِ يُحْوِجُ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَهُوَ لَفْظُ زَمَنٍ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ بَلَلٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْبَلَلَ هُوَ الْمُوجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ