وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى يَنْفَرِدُ دُونَهُ وَيُحْكَمُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْحَالِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَثْبُتُ لِأَنَّ إقْرَارَ الْفَرْعِ مَسْبُوقٌ بِإِنْكَارِ الْأَصْلِ وَهُوَ الْمُوَرِّثُ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ وَسَكَتَ الْبَاقِي ثُمَّ مَاتَ السَّاكِتُ وَوَرِثَهُ الْمُقِرُّ أَوْ غَيْرُهُ فَصُدِّقَ عَلَى النَّسَبِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَثْبُتُ هَهُنَا النَّسَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْهُ تَكْذِيبٌ مِنْ أَصْلِهِ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ) (أَقَرَّ ابْنٌ حَائِزٍ) مَشْهُورُ النَّسَبِ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ (بِأُخُوَّةِ مَجْهُولٍ فَأَنْكَرَ الْمَجْهُولُ نَسَبَ الْمُقِرِّ) بِأَنْ قَالَ: أَنَا ابْنُ الْمَيِّتِ وَلَسْت أَنْتَ ابْنَهُ (لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ) إنْكَارُهُ لِثُبُوتِهِ وَشُهْرَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَثَّرَ فِيهِ لَبَطَلَ نَسَبُ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا لِإِرْثِهِ وَحِيَازَتِهِ، وَلَوْ بَطَلَ نَسَبُهُ ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقِرِّ وَذَلِكَ دَوْرٌ حُكْمِيٌّ (وَيَثْبُتُ أَيْضًا نَسَبُ الْمَجْهُولِ) لِأَنَّ الْحَائِزَ قَدْ اسْتَلْحَقَهُ فَلَمْ يَنْظُرْ لِإِخْرَاجِهِ لَهُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْإِقْرَارِ بِتَكْذِيبِهِ.
وَالثَّانِي يُؤَثِّرُ الْإِنْكَارُ فَيَحْتَاجُ الْمُقِرُّ إلَى بَيِّنَةٍ بِنَسَبِهِ، وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْمَجْهُولِ لِزَعْمِهِ فِي إرْثِ الْمُقِرِّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَقَرَّ الْحَائِزُ وَالْمَجْهُولُ بِنَسَبِ ثَالِثٍ فَأَنْكَرَ الثَّالِثُ نَسَبَ الثَّانِي سَقَطَ نَسَبُهُ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّالِثِ فَاعْتُبِرَتْ مُوَافَقَتُهُ فِي نَسَبِ الثَّانِي وَهَذَا مِنْ بَابِ أَدْخِلْنِي أُخْرِجْكَ، وَلَوْ أَقَرَّ بِأَخَوَيْنِ مَجْهُولَيْنِ مَعًا فَكَذَّبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ أَوْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا لِوُجُودِ الْإِقْرَارِ مِنْ الْحَائِزِ، وَإِنْ صَدَّقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَكَذَّبَهُ الْآخَرُ سَقَطَ نَسَبُ الْمُكَذَّبِ بِفَتْحِ الذَّالِ دُونَ نَسَبِ الْمُصَدِّقِ إنْ لَمْ يَكُونَا تَوْأَمَيْنِ، وَإِلَّا فَلَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِأَحَدِ تَوْأَمَيْنِ مُقِرٌّ بِالْآخَرِ، وَلَوْ كَانَ الْمُنْكِرُ اثْنَيْنِ وَالْمُقِرُّ وَاحِدًا فَلِلْمُقِرِّ تَحْلِيفُهُمَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِهَا نَسَبٌ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهَا إرْثًا، وَلَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ لِمُوَرِّثِهِمْ وَرِثَتْ كَإِقْرَارِهِمْ بِنَسَبِ شَخْصٍ وَمِثْلُهُ إقْرَارُهُمْ بِزَوْجٍ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ أَقَرَّ الْبَعْضُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا مِيرَاثٌ ظَاهِرًا كَالنَّسَبِ أَمَّا بَاطِنًا فَفِيهِ مَا مَرَّ.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا) (كَانَ الْوَارِثُ الظَّاهِرُ يَحْجُبُهُ الْمُسْتَلْحَقُ) بِفَتْحِ الْحَاءِ حَجْبَ حِرْمَانٍ (كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ لِلْمَيِّتِ) (ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلِابْنِ لِأَنَّ الْحَائِزَ ظَاهِرًا قَدْ اسْتَلْحَقَهُ (وَلَا إرْثَ) لَهُ لِلدَّوْرِ الْحُكْمِيِّ وَهُوَ أَنْ يَلْزَمَ مِنْ إثْبَاتِ الشَّيْءِ رَفْعُهُ، إذْ لَوْ وَرِثَ حَجَبَ الْأَخَ فَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُهُ فَلَمْ يَرِثْ فَأَدَّى إرْثُهُ إلَى عَدَمِ إرْثِهِ، وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْهُولُ عَلَى الْأَخِ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْمَجْهُولُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا إرْثَ إنْ قُلْنَا: الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلْنَاهَا كَالْبَيِّنَةِ وَخَرَجَ بِيَحْجُبُهُ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِنْتٌ مُعْتَقَةٌ لِلْأَبِ بِأَخٍ لَهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِكَوْنِهَا حَائِزَةً وَيَرِثَانِهِ أَثْلَاثًا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُبُهَا حِرْمَانًا وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا عُصُوبَةَ الْوَلَاءِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ عَدَمُ ثُبُوتِهِمَا، أَمَّا الْإِرْثُ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَثَبَتَ الْإِرْثُ وَهَذَا قَطْعٌ لِلدَّوْرِ مِنْ أَوَّلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَطْعٌ لَهُ مِنْ وَسَطِهِ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْبَالِغَ إلَخْ (وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ) أَيْ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهَا، فَإِنَّ غَايَةَ الرَّدِّ أَنْ يُجْعَلَ النَّاكِلُ كَالْمُقِرِّ، وَهُوَ بِتَقْدِيرِ إقْرَارِهِ لَا يُفِيدُ لِبَقَاءِ الْآخَرِ عَلَى إنْكَارِهِ وَحَلِفِهِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُقِرِّ الْأَوْلَى الْمُقَرُّ بِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُ عَلَى تَقْدِيرِ تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ.
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute