كَمَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْمُعِيرُ، فَإِنْ أُخِّرَ الْوَرَثَةُ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِمْ ضُمِنَتْ فِي التَّرِكَةِ وَلَا أُجْرَةَ وَإِلَّا ضَمِنُوهَا مَعَ الْأُجْرَةِ، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ فِي هَذِهِ عَلَيْهِمْ وَفِيمَا قَبْلَهَا عَلَى التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَمْ يَلْزَمْهُمْ سِوَى التَّخْلِيَةِ، وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ لَوْ جُنَّ أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ.
وَالْمُرَادُ بِجَوَازِ الْعَارِيَّةِ جَوَازُهَا أَصَالَةً وَإِلَّا فَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا اللُّزُومُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا إذَا) (أَعَارَ لِدَفْنِ) مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ وَدُفِنَ (فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ أَثَرُ الْمَدْفُونِ) بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي تَكْرِيرِ الدَّفْنُ وَإِلَّا فَالْعَارِيَّةُ انْتَهَتْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ دُفِنَ بِحَقٍّ وَفِي النَّبْشِ هَتْكُ حُرْمَةٍ، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ عَجْبُ الذَّنَبِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَنْدَرِسْ إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ وَهُوَ لَا يُحَسُّ، وَحُكْمُ الْوَرَثَةِ حُكْمُ مُوَرِّثِهِمْ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَلَا أُجْرَةَ لِذَلِكَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْمَيِّتِ وَلِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِعَدَمِ الْأُجْرَةِ وَالْمَيِّتُ لَا مَالَ لَهُ، وَعُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِانْدِرَاسِ لُزُومُهَا فِي دَفْنِ النَّبِيِّ وَالشَّهِيدِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا، فَلَا يَرِدُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ رَجَعَ بَعْدَ تَمَامِ الدَّفْنِ، فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ وَلَمْ يُوَارَ لَمْ يُؤَثِّرْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ جَوَازُهُ وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
عَلَى الْمَالِكِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي مَوْتِ الْمُعَارِ وَبِهَا عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَا أُجْرَةَ) أَيْ لِلْعَيْنِ الْمُعَارَةِ فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَضَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُصُولُهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمُوَرِّثِ فَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَلَا تَوَقَّفَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ رَدُّهَا عَلَى وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا فَأَخَذَهَا لِيَرُدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا فَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا كَمَا لَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَفِيمَا قَبْلَهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَا قَبْلَهَا أَنَّهُمْ حَيْثُ رَدُّوا فَوْرًا أَوْ عَقِبَ زَوَالِ الْمَانِعِ مِنْ الرَّدِّ لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِمْ إذْ لَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ التَّرِكَةُ (قَوْلُهُ لَوْ جُنَّ) لَمْ يَقُلْ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا إنْ زَادَتْ مُدَّةُ إغْمَائِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَكَالْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ وَلِيُّهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرُ
(قَوْلُهُ: لِدَفْنِ مَيِّتٍ مُحْتَرَمٍ) وَهُوَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ دَفْنُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّانِي الْمُحْصِنُ وَتَارِكُ الصَّلَاةِ وَالذِّمِّيُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ، وَخَرَجَ بِالْمُعِيرِ الْمُسْتَأْجِرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفِنَ مَوْتَاهُ فِيهَا إلَّا إنْ عَمَّمَ لَهُ الْمُؤَجِّرُ فِي الِانْتِفَاعِ وَنَصَّ لَهُ عَلَى الدَّفْنِ بِخُصُوصِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُعِيرَهَا لِغَيْرِهِ لِلدَّفْنِ فِيهَا لِجَوَازِ ذَلِكَ لَهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَدُفِنَ) بَقِيَ مَا لَوْ وُضِعَ فِي الْقَبْرِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ أُخْرِجَ مِنْهُ لِغَرَضٍ مَا كَتَوْسِعَةِ الْقَبْرِ أَوْ إصْلَاحِ كَفَنِهِ مَثَلًا فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا قِيلَ فِيمَا لَوْ أَظْهَرَهُ سَيْلٌ أَوْ سَبُعٌ الْآتِي (قَوْلُهُ: فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَنْدَرِسَ) وَيُعْلَمَ ذَلِكَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ قَدْ أَذِنَ لَهُ) تَصْوِيرٌ لِصُورَةِ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ الْكَلَامَ) الْأَوْلَى لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي الْأَجْزَاءِ الَّتِي تُحَسُّ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يُحَسُّ مِنْ الْأَجْزَاءِ كَعَجْبِ الذَّنَبِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لُزُومُهَا) أَيْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ بَلَائِهِمَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَهُمَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ ثَبَتَ فِيهِمْ عَدَمُ الِانْدِرَاسِ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ لِعَدَمِ عِلْمِنَا بِالشُّرُوطِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ بَلَائِهِمْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ رَجَعَ بَعْدَ وَضْعِ الْمَيِّتِ) أَيْ أَوْ إدْلَائِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ وَعِبَارَتُهُ بَلْ يَتَّجِهُ امْتِنَاعُ الرُّجُوعِ بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَرْضِ الْقَبْرِ لِأَنَّ فِي عَوْدِهِ مِنْ هَوَاءِ الْقَبْرِ بَعْدَ إدْلَائِهِ إزْرَاءً بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُ سم بِمُجَرَّدِ إدْلَائِهِ: أَيْ أَوْ إدْلَاءِ بَعْضِهِ فِيمَا يَظْهَرُ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) أَيْ الرُّجُوعُ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُعِيرِ سَقْيُ شَجَرَةِ الْمَقْبَرَةِ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنُوهَا) أَيْ: فِي أَمْوَالِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: لَمْ يُؤَثِّرْ) هُوَ عَيْنُ مَا قَبْلَهُ فَكَانَ اللَّائِقُ خِلَافَ هَذَا التَّعْبِيرِ. وَحَاصِلُ الْمُغَايَرَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ الْخِلَافُ فِي هَذَا وَالْوِفَاقُ فِي ذَاكَ، فَكَأَنَّهُ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute