فَتَكُونُ لَازِمَةً مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ، وَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ وَنَزْعُ الثَّوْبِ، وَلَا إعَادَةَ وَجَائِزَةٌ مِنْ جِهَتِهِمَا إنْ أَحْرَمَ بِنَفْلٍ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ سُتْرَةً لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ أَوْ أَعَارَ دَارًا لِسُكْنَى مُعْتَدَّةٍ فَهِيَ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ، وَإِلَّا إذَا أَعَارَ جِذْعًا لِيَسْنُدَ بِهِ جِدَارًا مَائِلًا فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ فِيمَا يَظْهَرُ وِفَاقًا لِلْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَا يَدْفَعُ بِهِ عَمَّا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ كَآلَةٍ لِسَقْيٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ مَا يَقِي نَحْوُ بَرْدٍ مُهْلِكٍ أَوْ مَا يُنْقِذُ بِهِ غَرِيقًا، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا.
(وَإِذَا) (أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ) لِغَرْسِ (الْغِرَاسِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُدَّةً) بِأَنْ أَطْلَقَ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ (إنْ كَانَ) الْمُعِيرُ (شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ بِلَا بَدَلٍ (لَزِمَهُ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ، فَإِنْ امْتَنَعَ فَلِلْمُعِيرِ الْقَلْعُ، وَيَلْزَمُ الْمُسْتَعِيرَ أَيْضًا تَسْوِيَةُ حَفْرٍ إنْ شَرَطَهَا وَإِلَّا فَلَا، وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغُرْمَ أَرْشِ النَّقْصِ. فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ تَبَعًا لِلنَّصِّ وَالْجُمْهُورِ إلَى أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ مَجَّانًا، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ بِلَا أَرْشٍ أَوْ مَعَهُ صُدِّقَ الْمُعِيرُ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعَارِيَّةِ،
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ) وَعَلَى هَذَا لَوْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ صَلَاتِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهَا فِي الثَّوْبِ إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ، كَذَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ سم بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ، وَأَمَّا إذَا تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأَثْنَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَطُولُ زَمَنُهُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ كَانَ كَالتَّبَيُّنِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَاضِي قَبْلَ التَّبَيُّنِ مِمَّا يَقَعُ قَدْرُهُ فِي تَطْوِيلُ الصَّلَاةِ عَادَةً جَازَ إعَادَتُهَا فِيهِ بِلَا إذْنٍ، لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ بُطْلَانَهَا وَطُولَ ذَلِكَ الْقَدْرِ لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَبَقِيَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ سُتْرَةً لِصَلَاةٍ فَصَلَّى غَيْرَهَا هَلْ لِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَحْرَمَ بِمِثْلِهَا أَوْ دُونَهَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ عَدَدًا مِنْهَا كَأَنْ أَعَارَهُ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَصَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا فَلَهُ الرُّجُوعُ، وَهَلْ يَرْجِعُ مِنْ الِابْتِدَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ نُقِلَ عَنْ سم بِالدَّرْسِ الثَّانِي، وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيُصَلِّيَ فِيهِ مَقْصُورَةً فَأَحْرَمَ بِهَا ثُمَّ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ فَهَلْ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا الْمَأْذُونُ فِيهِمَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ وَيَلْزَمُهُ الْإِبْقَاءُ؟ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ حَيْثُ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ، فَلَوْ رَجَعَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ لَزِمَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْزِعُ الثَّوْبَ مِنْهُ وَيُصَلِّي عَارِيًّا وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِصَلَاةِ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلِّ الْفَرَائِضِ أَوْ يَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. وَبَقِيَ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعَارَهُ لِيَخْطُبَ فِيهِ فَهَلْ لَهُ فِعْلُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ الدُّعَاءِ لِلسُّلْطَانِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَرْكَانِ فَقَطْ حَيْثُ رَجَعَ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ لَازِمَةٌ) أَيْ فِي إعَارَةِ الثَّوْبِ لِيَسْتَتِرَ بِهَا فِي الْخَلْوَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ لَا الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ) أَيْ مِنْ الْمُعِيرِ (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْأُجْرَةِ أَيْضًا) أَيْ فِي السَّقْيِ وَمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ) بَقِيَ مَا لَوْ رَجَعَ قَبْلَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فِعْلُهُمَا، قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ فَعَلَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا بِرُجُوعِهِ قَلَعَ مَجَّانًا وَكُلِّفَ تَسْوِيَةَ الْأَرْضِ اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَلْزَمَهُ الْأُجْرَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ عِنْدَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُعِيرُ شَرَطَ الْقَلْعَ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ مَجَّانًا فَيَلْزَمُهُ الْقَلْعُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِلَا أَرْشٍ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِمَجَّانًا عَمَّا لَوْ شَرَطَ الْقَلْعَ وَغَرِمَ أَرْشَ النَّقْصِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ اخْتَارَ الْمُعِيرُ الْقَلْعَ وَطَلَبَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَفَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: عَمَّا لَوْ شَرَطَ) أَيْ الْمُعِيرُ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا إعَادَةَ) يَعْنِي فِي صُورَةِ السَّتْرِ (قَوْلُهُ: فِي الْخَلْوَةِ) أَيْ وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا بِالْأَوْلَى كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، فَكَانَ يَنْبَغِي وَلَوْ فِي الْخَلْوَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ شَرْطِ الْقَلْعِ) هَذَا هُوَ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُعِيرُ: شَرَطْنَا الْقَلْعَ وَالْمُسْتَعِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute