للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ وَأَخَذَهَا كَانَ كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ إجَارَةً مُؤَبَّدَةً (أَوْ يَقْلَعُ) أَوْ يَهْدِمُ الْبِنَاءَ وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهُ بِالْأُجْرَةِ (وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا وَمَقْلُوعًا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ كَوْنِهِ مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ حِينَئِذٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمْرَانِيُّ،

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَلْعِ عَلَى صَاحِبِ الْبِنَاءِ، وَالْغِرَاسُ كَالْإِجَارَةِ حَيْثُ يَجِبُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، أَمَّا أُجْرَةُ نَقْلِ النِّقْضِ فَعَلَى مَالِكِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أَرَادَ تَمَلُّكَ الْبَعْضِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ الْقَلْعَ بِالْأَرْشِ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ فَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِكَثْرَةِ الضَّرَرِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُهُ كَالْكَفَّارَةِ (قِيلَ أَوْ يَتَمَلَّكُهُ) بِعَقْدٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ (بِقِيمَتِهِ) حَالَ التَّمَلُّكِ مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَنَظَائِرِهِ مِنْ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهَا، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ إنَّهُمَا جَزَمَا بِهِ فِي مَوَاضِعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَلَمْ يَعْتَمِدُوا مَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ تَخْصِيصِ التَّخْيِيرُ بِالتَّمَلُّكِ وَالْقَلْعِ وَلَا مَا فِي الْكِتَابِ فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي رُجُوعِ الْأَبِ فِي هِبَتِهِ: إنَّهُ يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَالْعَارِيَّةِ، وَأَيْضًا فَيُسْتَفَادُ اعْتِمَادُ ذَلِكَ مِنْ مَجْمُوعِ مَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْكِتَابِ، وَقَدْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ بِأَنْ بَنَى أَوْ غَرَسَ شَرِيكٌ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ رَجَعَ كَمَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا أَعْرَضَ عَنْهَا كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إذَا لَمْ يُوقَفْ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَامْتَنَعَ الثَّالِثُ.

وَإِذَا لَمْ تُوقَفْ الْأَرْضُ، فَإِنْ وُقِفَتْ لَمْ يَقْلَعْ بِالْأَرْشِ إلَّا إذَا كَانَ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ وَلَمْ يَتَمَلَّكْ بِالْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ جَوَازَ تَحْصِيلِ مِثْلِهَا مِنْ رِيعِهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْإِجَارَةِ.

وَظَاهِرُ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ تَأْتِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ. وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِالْأُجْرَةِ أَنْ يَتَوَافَقَا عَلَى تَرْكِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ لِلْحَاجَةِ كَالْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُلِعَ غِرَاسُهُ أَوْ سَقَطَ بِنَاؤُهُ لَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا يُجْبِرُهُ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا اسْتَوْفَاهُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلَهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ لَهُ إبْدَالَ مَا قَلَعَ: أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ ضَرَرُهُ عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ الْآنَ) أَيْ أَوْقَعَ فِي الزَّمَنِ الْحَاضِرِ إجَارَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَفَ مَسْجِدًا) أَيْ وَيَنْبَغِي إنْ بَنَى بِأَنْقَاضِهِ مَسْجِدًا آخَرَ إنْ أَمْكَنَ عَلَى مَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي الْوَقْفِ فِيمَا لَوْ انْهَدَمَ مَسْجِدٌ وَتَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ: مُسْتَحِقَّ الْأَخْذِ) أَيْ الْقَلْعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرَادَ) أَيْ الْمُعِيرُ (قَوْلُهُ وَإِبْقَاءَ الْبَعْضِ) أَيْ بِأُجْرَةٍ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ مَا جَازَ فِيهِ التَّخْيِيرُ إلَخْ امْتِنَاعُ تَمَلُّكِ الْبَعْضِ وَقَلْعِ الْبَعْضِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ، وَيُمْكِنُ شُمُولُ قَوْلِهِ وَإِبْقَاءُ الْبَعْضِ لِلصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْحَقُ بِالشَّفِيعِ) أَيْ فِي الْأَخْذِ قَهْرًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ (قَوْلُهُ: فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ) ع قَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فَالْحُكْمُ كَمَا هُنَا اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيُقْلَعُ مَجَّانًا.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُوقَفْ) أَيْ الْبِنَاءُ أَوْ الْغِرَاسُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا تُخُيِّرَ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ) وَهُمَا التَّبْقِيَةُ بِالْأُجْرَةِ وَالْقَلْعِ وَغَرَامَةُ الْأَرْشِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّبْقِيَةِ بِالْأُجْرَةِ) وَهِيَ مِنْ الرِّيعِ ثُمَّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ اهـ عُبَابٌ: أَيْ فَإِنْ لِمَ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، كَذَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الشَّوْبَرِيِّ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ بِأَنَّ مَيَاسِيرَ الْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يُلْزَمُونَ بِالضَّرُورِيِّ دُونَ غَيْرِهِ وَهَذَا لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ شَيْءٌ عَنْهُمَا فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَبَحَثَ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّ الْمُعِيرَ إلَخْ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا تَلْزَمُهُ تَسْوِيَتُهُ، بِخِلَافِ مَا اتَّسَعَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ الْقَلْعِ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ آجَرَهُ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ هُنَا إلَى عَقْدٍ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ أَنَّ هُنَاكَ ابْتِدَاءَ انْتِفَاعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، بِخِلَافِ مَا هُنَا فَهُوَ دَوَامُ انْتِفَاعٍ كَانَ ابْتِدَاؤُهُ بِعَقْدِ الْعَارِيَّةِ. (قَوْلُهُ: إذْ مَا جَازَ إلَخْ) هُوَ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ لِلْحُكْمِ كَمَا لَا يَخْفَى فَكَانَ يَنْبَغِي فِيهِ الْعَطْفُ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْحَالَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>