للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ) (رَكِبَ دَابَّةً) لِغَيْرِهِ (وَقَالَ لِمَالِكِهَا أَعَرْتنِيهَا، فَقَالَ) لَهُ (بَلْ أَجَرْتُكَهَا) مُدَّةً كَذَا بِكَذَا، وَيَجُوزُ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ إطْلَاقُ الْأُجْرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ الْآتِي أَنَّ الْوَاجِبَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ اخْتَلَفَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَزَارِعُهَا كَذَلِكَ فَالْمُصَدَّقُ الْمَالِكُ عَلَى الْمَذْهَبِ) فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْقِيمَةِ بِتَفْصِيلِهِمَا الْآتِي لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ لَوْ بَقِيَ، إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَأْذَنُ فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إلَّا بِمُقَابِلٍ، فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ يَمِينًا تَجَمَّعَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا أَنَّهُ مَا أَعَارَهُ بَلْ أَجَرَهُ وَاسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ مُدَّعِي الْعَارِيَّةِ بِيَمِينِهِ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْ شَيْئًا حَتَّى يُجْعَلَ مُدَّعِيًا لِسُقُوطِ بَدَلِهِ أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لَهَا أُجْرَةٌ فَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ بِالْقِيمَةِ لِمُنْكِرِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُسَمَّى وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْمُسَمَّى عَلَيْهِمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا حَلَفَ لِلزَّائِدِ. وَالثَّانِي يُصَدَّقُ الرَّاكِبُ وَالزَّارِعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ وَافَقَهُمَا عَلَى إبَاحَةِ الْمَنْفَعَةِ لَهُمَا، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِمَا مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا. وَالثَّالِثُ يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الدَّابَّةِ لِأَنَّ الدَّابَّةَ تَكْثُرُ فِيهَا الْإِعَارَةُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ (وَكَذَا) يُصَدَّقُ الْمَالِكُ فِيمَا (لَوْ) (قَالَ) الرَّاكِبُ أَوْ الزَّارِعُ (أَعَرْتنِي وَقَالَ الْمَالِكُ لَقَدْ غَصَبْته مِنِّي) وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ. وَالثَّانِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ تَصَرُّفَهُ بِحَقٍّ

(فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ) قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ (فَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ) لَهَا لِضَمَانِ كُلٍّ مِنْ الْمُعَارِ وَالْمَغْصُوبِ (لَكِنْ) هِيَ لِلِاسْتِدْرَاكِ وَوَجْهُهُ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهُ أَنَّ قَوْلَهُ اتَّفَقَا عَلَى الضَّمَانِ يَقْتَضِي مُسَاوَاةَ ضَمَانِ الْعَارِيَّةِ لِضَمَانِ الْغَصْبِ الَّذِي سَيَذْكُرُهُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ ذِكْرِ الِاخْتِلَافِ يَقْتَضِي تَخَالُفَهُمَا وَأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَبَيَّنَ تَحَالَفَهُمَا بِذِكْرِ مَا تُضْمَنُ بِهِ الْعَارِيَّةُ هُنَا الْمُخَالِفِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْغَصْبِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى بَيَانِ اتِّحَادِهِمَا عَلَى وَجْهٍ (الْأَصَحُّ أَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ بِقِيمَةِ يَوْمِ التَّلَفِ) مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ أَوْ مِثْلِيَّةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -؛ فَقَدْ قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: لَا يَضْمَنُهُ بِالْمِثْلِ بِلَا خِلَافٍ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا. قُلْت: وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ رَدَّ عَيْنِ مِثْلِهَا مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ نَقْدِ الْمِثْلِ فَيَرْجِعُ لِلْقِيمَةِ و (لَا) تُضْمَنُ الْعَارِيَّةُ (بِأَقْصَى الْقِيَمِ وَلَا بِيَوْمِ الْقَبْضِ) خِلَافًا لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَارَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ إذَا تَلِفَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فَإِجَارَةٌ فَاسِدَةٌ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ الْأَقْيَسَ أَنَّهَا إعَارَةٌ فَاسِدَةٌ أَوْ بِشَرْطِ أَنَّهَا أَمَانَةٌ أَوْ ضَمَانُهَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ ذَهَبَ إلَى فَسَادِهِ فَقَطْ

(فَإِنْ كَانَ) (مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ) بِالْغَصْبِ (أَكْثَرَ)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمَالِكُ أَوْ الْحَاكِمُ لَا يَلْزَمُهُ مَا ذَكَرَ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَيُوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ فِي الْأَصْلِ تَعَدٍّ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ فِي قَوْلِهِ صَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ.

(قَوْلُهُ لَا فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ) لَوْ بَقِيَ بَعْضُ الْمُدَّةُ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ مَعَ بَقَائِهَا) أَيْ الْعَيْنِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ قَبْلَ رَدِّهَا تَلَفًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ) أَيْ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً بِقِيمَتِهَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا لَوْ شَرَطَ أَنْ تُضْمَنَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا عَلَى مَا مَرَّ لَهُ أَنَّهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ الزَّائِدَ عَلَى قِيمَتِهَا فِي مُقَابَلَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْ الدَّابَّةِ وَالْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ تَلَفِهَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا تَغْيِيرٌ وَمُوَافَقَةٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ وَفِيهِ بَعْضُ خَلَلٍ (قَوْلُهُ: وَذُو الْيَدِ مُقِرٌّ لَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ) لَعَلَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ لَفْظِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: مَعَ اسْتِعْمَالِ جُزْءٍ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْعَيْنِ الْمَغْرُومَةِ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ وَالْعَارِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ) تَقَدَّمَ لَهُ اسْتِيجَاهُهُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْأَمَانَةِ مُخَالِفًا فِيهَا لِلْإِسْنَوِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>