لِأَنَّ ضَمَانَ نَفْسِهِ بِالْقِيمَةِ يُشَارِكُ فِيهِ الْقِنَّ. وَوَجْهُ مَا مَرَّ أَنَّ أَجْزَاءَهُ كَنَفْسِهِ، بِخِلَافِ الْقِنِّ فَحَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى هَذَا التَّعْمِيمِ الْمُخْتَصِّ بِهِ لِيُفَرِّقَ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَوْلَى.
(وَغَيْرُهُ) أَيْ الْحَيَوَانِ مِنْ الْأَمْوَالِ (مِثْلِيٌّ وَمُتَقَوِّمٌ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ) إنْ أَمْكَنَ ضَبْطُهُ بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ (وَجَازَ السَّلَمُ فِيهِ) فَمَا حَصَرَهُ عَدٌّ أَوْ زَرْعٌ كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ مُتَقَوِّمٍ وَإِنْ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَالْمَعْجُونَاتُ وَالْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا وَكُلُّ مَا مَرَّ مِمَّا يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ مُتَقَوِّمٌ وَإِنْ حَصَرَهُ وَزْنٌ أَوْ كَيْلٌ، إذْ الْمَانِعُ مِنْ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدِ السَّلَمِ مَانِعٌ مِنْ ثُبُوتِهِ فِيهَا بِالتَّعَدِّي.
وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ خَلُّ التَّمْرِ فَإِنَّهُ مُتَقَوِّمٌ مَعَ حَصْرِهِ بِأَحَدِهِمَا، وَصِحَّةُ السَّلَمِ فِيهِ لِأَنَّا نَمْنَعُ حَصْرَهُ بِذَلِكَ إذْ الْمَاءُ الَّذِي بِهِ صَيَّرَهُ مَجْهُولًا كَذَا قِيلَ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَلَا بُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ فَهُوَ مِثْلِيٌّ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ رَدِّ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ انْتَقَلَ مِنْ الْمِثْلِيِّ إلَى الْمُتَقَوِّمِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا. قُلْت: وَكَلَامُهُمْ مُصَرَّحٌ بِهِ حَيْثُ شَرَطُوا فِي الْمِثْلِيِّ صِحَّةَ السَّلَمِ فِيهِ، فَعَلَيْهِ لَا إيرَادَ عَلَى أَنَّ إيجَابَ رَدِّ الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَلْزِمٍ كَوْنَهُ مِثْلِيًّا كَمَا يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الْمُتَقَوِّمِ فِي الْقَرْضِ، وَمَعِيبُ حَبٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَنَفْسِهِ) أَيْ تُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ أَيْ بِمَا نَقَصَ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِيُفَرِّقَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ مَا لَا يَخْفَى اهـ سم عَلَى حَجّ، لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ إذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَجْزَاءِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِنِّ أَيْضًا لِأَنَّ الْإِسْنَوِيَّ يَجْعَلُ غَيْرَ الْقِنِّ كَالْقِنِّ فِي أَنَّ نَفْسَهُ تُضْمَنُ بِأَقْصَى الْقِيَمِ، وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَجْزَاءِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقِنَّ إنَّمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الْأَبْعَاضِ.
[فَرْعٌ] أَخَذَ قِنًّا فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَتَرَكَهُ ضَمِنَهُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَطْعَمَ دَابَّةَ غَيْرِهِ مَسْمُومًا فَمَاتَتْ بِأَنَّهُ يَضْمَنُهَا لَا غَيْرَ مَسْمُومٍ مَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا؛ وَمَنْ آجَرَ دَارِهِ إلَّا بَيْتًا وَضَعَ فِيهِ دَابَّتَهُ لَمْ يَضْمَنْ مَا أَتْلَفَتْهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا إنْ غَابَ فَظَنَّ أَنَّ الْبَيْتَ مُغْلَقٌ، وَبِهَذَا يُقَيِّدُ مَا يَأْتِي قُبَيْلَ السَّيْرِ مِنْ إطْلَاقِ عَدَمِ الضَّمَانِ اهـ حَجّ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَوْلِ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ مَا أَطْعَمَهُ إيَّاهَا مُضِرًّا بِهَا اهـ سم
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِفَتْحِهَا) فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّ " تَقَوَّمَ " لَازِمٌ لِأَنَّهُ مُطَاوِعُ قَوَّمَهُ وَالْوَصْفُ مِنْ اللَّازِمِ إنَّمَا هُوَ اسْمُ فَاعِلٍ وَالْمَفْعُولُ مِنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالصِّلَةِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى هُنَا عَلَى تَقْدِيرِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهِ) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: قَوْلُهُ أَوْ وَزْنًا يَنْبَغِي شَرْعًا وَإِلَّا فَالثِّيَابُ يُمْكِنُ وَزْنُهَا تَأَمَّلْ اهـ. أَقُولُ: قَوْلُهُ شَرْعًا لَعَلَّ الْمُرَادَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ أَهْلِ الشَّرْعِ فِيهِ بِمِثْلِهِ، وَإِلَّا فَالثِّيَابُ إذَا بِيعَتْ وَزْنًا لَا تَمْتَنِعُ شَرْعًا (قَوْلُهُ: مَعَ حَصْرِهِ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ) خِلَافًا لحج (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِثْلِيٌّ) تَوْجِيهٌ لِلْإِيرَادِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَيُصَدَّقُ الْغَاصِبُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِيهِ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى الصُّلْحِ لِأَنَّ مَحَلَّ تَصْدِيقِ الْغَارِمِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى شَيْءٍ وَاخْتَلَفَا فِي الزَّائِدِ، وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُرَدُّ (قَوْلُهُ: قُلْت) هُوَ مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ إيجَابَ رَدِّ الْمِثْلِيِّ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي اعْتِمَادُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ وَاَلَّذِي فِي الْمَنْهَجِ الْجَزْمَ بِرَدِّ الْمِثْلِ وَالِاقْتِصَارُ فِي الْجَوَابِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عَلَى أَنَّ إيجَابَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَعِيبُ حَبٍّ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَحَمَلَ كَلَامَهُ عَلَى هَذَا التَّعْمِيمِ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ضَمَانِ النَّفْسِ وَجَعَلَ ضَمَانَ الْأَجْزَاءِ قَدْرًا زَائِدًا عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، فَهُوَ تَخْصِيصٌ عَكْسَ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ لَا تَعْمِيمٌ
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِفَتْحِهَا) قَالَ الشِّهَابُ سم: فِيهِ تَأَمُّلٌ اهـ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ اسْمَ الْمَفْعُولِ لَا يُصَاغُ مِنْ قَاصِرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُرٌّ اخْتَلَطَ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَبُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ مِثْلِيٍّ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُ الْقَدْرِ الْمُحَقَّقِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا كَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ، لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ عَجِيبٌ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَمْنَعُ رَدَّ مِثْلِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ: وَبُرٌّ اخْتَلَطَ بِشَعِيرٍ مِثْلِيٍّ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute