للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَعَدَمِ نُفُوذِهِ مِنْهُ.

حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ كَمَا مَرَّ، وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ لَوْ مَلَكَهُ ذَلِكَ بِعِوَضٍ لَمْ يَتَصَرَّفْ حَتَّى رَضِيَ بِذِمَّتِهِ، فَمَعَ عَدَمِ رِضَاهُ بِالْأَوْلَى قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ اتَّسَعَتْ دَائِرَتُهُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ

(وَلَوْ) (غَصَبَ خَشَبَةً) مَثَلًا (وَبَنَى عَلَيْهَا) فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَخَفْ مِنْ إخْرَاجِهَا تَلَفَ نَحْوُ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ مَعْصُومٍ، وَكَلَامُهُ الْآتِي صَالِحٌ لِشُمُولِهِ هَذِهِ أَيْضًا (أُخْرِجَتْ) وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ أَضْعَافُ قِيمَتِهَا لِتَعَدِّيهِ وَيَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ مَثَلًا وَأَرْشُ نَقْصِهَا وَمَحِلُّهُ إنْ بَقِيَ لَهَا قِيمَةٌ وَلَوْ تَافِهَةً وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهَا، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ نَقْصِ بِنَائِهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَكْرَى آخَرَ جَمَلًا وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ وَتَلِفَ فَأَثْبَتَهُ آخَرُ لَهُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مُكْرِيهِ إنْ جَهِلَ أَنَّ الْجَمَلَ لِغَيْرِهِ (وَلَوْ) غَصَبَ خَشَبَةً وَ (أَدْرَجَهَا فِي سَفِينَةٍ) (فَكَذَلِكَ) تَخْرُجُ مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي فَمِهِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ أَخْذُهُ لِضَرُورَةٍ، وَحَيْثُ يَبْلَعُهُ بِأَنْ سَقَطَ مِنْ فَمِهِ أَوْ لَمْ يُدْخِلْهُ فَمَهُ أَصْلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ دَفْعُ الضَّرُورَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَدْفَعَ الْبَدَلَ) أَيْ أَوْ يَعْزِلَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرَ الْمَغْصُوبِ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

فَلَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِغَيْبَةِ الْمَالِكِ رُفِعَ الْأَمْرُ لِحَاكِمٍ يَقْبِضُهُ عَنْ الْغَائِبِ أَوْ تَعَذَّرَ رَدُّ الْبَدَلِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَيُحْتَمَلُ مَنْعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ لِتَقْصِيرِهِ، وَإِنْ تَلِفَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَبِيعَهُ وَيُحَصِّلَ بِثَمَنِهِ الْبَدَلَ أَوْ بَعْضَهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْبَدَلِ يَبْقَى دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ الْقَوْلُ بِالْمِلْكِ) أَيْ لِلْغَاصِبِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصَبَ خَشَبَةً وَبَنَى عَلَيْهَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَلَوْ مَنَارَةً لِمَسْجِدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَغَرِمَ نَقْصَ الْمَنَارَةِ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُتَطَوِّعَ بِهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ هَالِكَةٌ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْخَشَبَةَ حِينَئِذٍ لِلْمَالِكِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ، وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى تَلَفِ مَا بَنَى عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ تَلَفَ مَالٍ: يَعْنِي غَيْرَ مَا أُدْرِجَتْ فِيهِ الْخَشَبَةُ إذَا كَانَ تَلَفُهُ بِإِخْرَاجِهَا لَا بِنَحْوِ غَرَقٍ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ قَوْلُهُ: وَلَوْ تَلِفَ مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ إلَخْ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ لِلْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جَاهِلًا) وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَا لَمْ تَدُلُّ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ فِي السَّفَرِ بِهِ مَعَ الْخَوْفِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِعَدَمِ رُجُوعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْغَاصِبِ لِكَوْنِهِ قَصَّرَ بِالسَّفَرِ بِهِ زَمَنَ الْخَوْفِ، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِذْنٍ مِنْ الْغَاصِبِ نَسَبَ التَّعْزِيرَ لَهُ فَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ، أَمَّا زَمَنُ الْأَمْنِ فَالرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ظَاهِرٌ فَلَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَهُ) أَيْ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ تُخْرَجُ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ عَلِمَ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَأَنْ اخْتَلَطَتْ السَّفِينَةُ بِسُفُنٍ فَهَلْ يُعَدُّ كَالتَّالِفِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْمَالِكِ ذَلِكَ، وَقَالَ: هَذَا الَّذِي غَصَبْته مِنْك وَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ غَيْرُهُ إلَخْ أَنْ يُقَالَ: إنْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً عُمِلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي تَعْيِينِهِ، ثُمَّ إنْ صَدَّقَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ فِيهِ فَيَبْقَى تَحْتَ يَدِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِنَاءً عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ الشَّارِحُ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ الْمَذْكُورَةِ وَلَزِمَهُ بَدَلُ الْخَشَبَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ هَذَا فِيمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى الْغَصْبِ وَادَّعَى الْغَاصِبُ أَنَّ الْمَغْصُوبَ اللَّوْحُ الَّذِي فِي أَعْلَى السَّفِينَةِ، وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنَّهُ فِي أَسْفَلِهَا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَصِرْ لَا مِثْلَ لَهَا) أَيْ فَلَا تُخْرَجُ لِأَنَّهَا كَالْهَالِكَةِ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سم مِنْ أَنَّهَا لِلْمَالِكِ، إذْ هِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إذَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الشِّهَابُ سم فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التُّحْفَةِ مِمَّا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَهْمِ أَنَّ الْمُرَادَ فِيهَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِهِ فَفِيهِ تَمَلُّكُ كُلِّ حَقِّ الْآخَرِ إلَخْ مَوْجُودٌ فِي الْقَوْلِ بِالشَّرِكَةِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْقَوْلِ بِالْهَلَاكِ، وَقَدْ تَبَيَّنَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادَهُ فَتَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>