كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إنْ عَلِمَتْ (لَا يَجِبُ) مَهْرٌ (عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ.
وَالثَّانِي يَجِبُ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا. وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْمَهْرَ وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدْنَا تَأَثُّرَهُ بِفِعْلِهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَعَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ عَلِمَتْ) بِالتَّحْرِيمِ كَزِنَاهَا، وَكَالزَّانِيَةِ مُرْتَدَّةٌ مَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا هُنَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَمَهْرُ ثَيِّبٍ (وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ) وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ.
نَعَمْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ هُنَا الْجَهْلَ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَقُلْ: عَلِمَتْ الْغَصْبَ فَيُشْتَرَطُ عُذْرٌ مِنْ نَحْوِ قُرْبِ إسْلَامٍ مَعَ عَدَمِ مُخَالَطَتِنَا أَوْ خَالَطَ وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (فَإِنْ غَرَّمَهُ) أَيْ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ الْمَهْرَ (لَمْ يَرْجِعْ بِهِ) الْمُشْتَرِي (عَلَى الْغَاصِبِ فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ الَّذِي انْتَفَعَ وَبَاشَرَ الْإِتْلَافَ، وَكَذَا أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا أَتْلَفَهُ.
وَالثَّانِي يَرْجِعُ إنْ جَهِلَ الْغَصْبَ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ عَلَى ضَمَانِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ بِالْبَيْعِ (وَإِنْ) (أَحْبَلَ) الْغَاصِبُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْمَغْصُوبَةَ (عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ) (فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ غَيْرُ نَسِيبٍ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ زِنًا، فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِلسَّيِّدِ، أَوْ بِغَيْرِهَا فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحِيلِ وَجْهَانِ، أَوْجُهُهُمَا كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ بَهِيمَةٍ مَغْصُوبَةٍ انْفَصَلَ مَيِّتًا، وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ لِثُبُوتِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الرَّغْبَةَ فِيهَا وَمَدَارُ الْمَهْرِ عَلَى الزِّنَا، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهَا زِنًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ) خَرَجَ أَرْشُ الْبَكَارَةِ فَيَجِبُ مَعَ الْمُطَاوَعَةِ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يَسْقُطُ يَتَوَقَّفُ مُطَاوَعَتِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ نَهَى عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ) أَيْ الزَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَزِنَاهَا) أَيْ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ يَجِبُ بِوَطْئِهِ الْبِكْرَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشَ بَكَارَةٍ، وَعَلَيْهِ فَيَخُصُّ قَوْلُهُمْ الْمَقْبُوضَةَ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ يَجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ بِكْرٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ بِالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَالْوَاجِبُ بِوَطْئِهَا مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ، وَقَدْ يَلْتَزِمُ ذَلِكَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمْ ثُمَّ إنَّمَا أَوْجَبُوا مَهْرَ الْبِكْرِ مَعَ الْأَرْشِ لِاسْتِنَادِ الْوَطْءِ إلَى عَقْدٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي فَسَادِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْغَاصِبِ وَحُكْمُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ، وَمَنْ أَرَادَ تَحْقِيقَ الْفَرْقِ فَلْيَنْظُرْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَمْ لَا نَشَأَ بَعِيدًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ اشْتِبَاهُ ذَلِكَ عَلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا وَطِئَ جَارِيَةَ زَوْجَتِهِ وَأَحْبَلَهَا مُدَّعِيًا حِلَّهَا لَهُ وَأَنَّ مِلْكَ زَوْجَتِهِ مِلْكٌ لَهُ وَهُوَ عَدَمُ قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهُ وَحَدَهُ وَكَوْنُ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِعَدَمِ خَفَاءِ ذَلِكَ عَلَى مُخَالِطِنَا.
[فَرْعٌ] أَذِنَ الْمَالِكُ لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ بِالْوَطْءِ هَلْ يَسْقُطُ الْمَهْرُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، أَوْ تَسْقُطُ قِيمَةُ الْوَلَدِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ، وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ سُقُوطِ قِيمَةِ الْوَلَدِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَ الشَّارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا) أَيْ وَمَاتَ رُوِّضَ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَإِنْ بَقِيَ حَيًّا وَأَحْبَلَهَا الْغَاصِبُ بِزِنًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ فَهُوَ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: انْفَصَلَ مَيِّتًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ وَلَدَ الْبَهِيمَةِ يُفْرَدُ بِالضَّمَانِ عَنْ أُمِّهِ، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّ حَمْلَ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّهِ وَحِينَئِذٍ يَتَأَمَّلُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مَا الْمُرَادُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِصَارُ الشَّارِحِ عَلَى حِكَايَةِ الضَّمَانِ) أَيْ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَمَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ) أَيْ: وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute