ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ، هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَسَاعَدَهُ الْمُعَظَّمُ انْتَهَى.
وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ غَيْبَةَ الثَّمَنِ عُذْرٌ فَأُمْهِلَ لِأَجْلِهِ مُدَّةً قَرِيبَةً يُتَسَامَحُ بِهَا غَالِبًا فَانْدَفَعَ دَعْوَى بِنَائِهِ عَلَى مَرْجُوحٍ، وَلِلشَّفِيعِ إجْبَارُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَبْضِ الشِّقْصِ حَتَّى يَأْخُذَهُ مِنْهُ، وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي
(وَيُشْتَرَطُ) فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِالشُّفْعَةِ (لَفْظٌ) أَوْ نَحْوُهُ كَكِتَابَةٍ وَإِشَارَةِ أَخْرَسَ (مِنْ الشَّفِيعِ كَتَمَلَّكْتُ أَوْ أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ) وَنَحْوِهَا كَاخْتَرْتُ الْأَخْذَ بِهَا، بِخِلَافِ أَنَا مُطَالِبٌ بِهَا وَإِنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ رَغْبَةٌ فِي التَّمَلُّكِ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالرَّغْبَةِ الْمُجَرَّدَةِ (وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) اللَّفْظِ أَوْ نَحْوِهِ كَوْنُ الثَّمَنِ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَوْ اشْتَرَى بِجُزَافٍ.
نَعَمْ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ فِي الطَّلَبِ وَرُؤْيَةُ شَفِيعِ الشِّقْصِ كَمَا يَذْكُرُهُ الْآنَ (أَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا تَسَلَّمَهُ أَوْ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ أَخْذِ الْعِوَضِ (التَّسَلُّمَ) بِضَمِّ اللَّامِ (مَلَكَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ) لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَتَقْصِيرِهِ فِيمَا بَعْدَهَا وَمِنْ ثَمَّ كَفَى وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ سَوَاءٌ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ وَمَا فِي الذِّمَّةِ، وَقَبْضُ الْحَاكِمِ عَنْ الْمُشْتَرِي كَافٍ (وَأَمَّا رِضَا الْمُشْتَرِي بِكَوْنِ الْعِوَضِ فِي ذِمَّتِهِ) أَيْ الشَّفِيعِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ، فَإِنْ وُجِدَ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا ذَهَبٌ يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقَابُضِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي الرِّبَا (وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ بِثُبُوتِهَا لَا بِالْمِلْكِ كَمَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ (إذَا حَضَرَ مَجْلِسَهُ وَأَثْبَتَ حَقَّهُ) فِيهَا وَطَلَبَهُ (فَيَمْلِكُهُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِتَأَكُّدِ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَا يَقُومُ الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ مَقَامَهُ وَاخْتِيَارُ الشُّفْعَةِ مَقَامَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَدَفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ
(قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ شَفِيعٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي.
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَسَبَبُهُ أَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ بِالْوِكَالَةِ وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَارِثِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَصُورَتُهُ فِي الْوَارِثِ أَنْ يَمُوتَ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ فَيَنْتَقِلُ لِوَارِثِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ) أَيْ فَلَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَضْعَ الشَّفِيعِ الثَّمَنَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي لِبَقَاءِ الثَّمَنِ فِي جِهَةِ الشَّفِيعِ، وَيُصَدَّقُ الشَّفِيعُ فِي الْوَضْعِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ حَقُّهُ مِنْ الشُّفْعَةِ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ بِالْبَيْعِ وَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ إسْقَاطَهَا بِعَدَمِ مُبَادَرَةِ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وُجِدَ) أَيْ مَانِعٌ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مَا فِيهَا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً بِجِنْسِهِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَاخْتِيَارُ الشُّفْعَةِ مَقَامَهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ
ــ
[حاشية الرشيدي]
كَأَنْ أَخَذَ وَقَضَى لَهُ الْقَاضِي بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فَسَخَ الْحَاكِمُ تَمَلُّكَهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ قَبْضُهُ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي) أَشَارَ بِهِ إلَى دَفْعِ مَا عَلَّلَ بِهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ مَا اخْتَارَهُ مِنْ تَعْيِينِ إجْبَارِ الْمُشْتَرِي مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ يُفْضِي إلَى سُقُوطِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ بِهِ يَفُوتُ حَقُّ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقُّ لِلْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ اهـ.
وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّ قَبْضَ الشَّفِيعِ قَائِمٌ مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَرُدُّ مَا قَالَهُ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّارِحِ مِثْلُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّارِحَ رَجَعَ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ تَبِعَهُ فِيهِ وَأَشَارَ إلَى رَدِّهِ بِمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: كَمَا يَذْكُرُهُ الْآنَ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ عَقِبَ هَذَا مَا لَفْظُهُ: وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ مُدْخَلٌ بِهِ عَلَى الْمَتْنِ، وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا صَارَ الْكَلَامُ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى نَائِبِ الْفَاعِلِ الَّذِي أَتَى بِهِ: أَعْنِي قَوْلَهُ كَوْنَ الثَّمَنِ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ الشَّفِيعِ، فَالتَّقْدِيرُ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: كَوْنُ الثَّمَنِ مَعْلُومًا لِلشَّفِيعِ، وَرُؤْيَةُ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ، وَأَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا بِالْمِلْكِ) يَعْنِي لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ فِي حُكْمِهِ بِالْمِلْكِ بَلْ حُكْمُهُ بِثُبُوتِهَا يَحْصُلُ بِهِ مَعَ سَبْقِ طَلَبِ الْمِلْكِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ.