فِي الْمُسَاقَاةِ، وَلَوْ قَالَ: قَارَضْتُك مَا شِئْت أَوْ شِئْت جَازَ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْعَقْدِ الْجَائِزِ أَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَرْطٍ كَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُك، أَوْ عَلَّقَ تَصَرُّفَهُ كَقَارَضْتُكَ الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ إلَى انْقِضَاءِ الشَّهْرِ، أَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا وَقَالَ: إذَا مِتُّ فَتَصَرَّفْ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا عَلَى أَنَّ لَك نِصْفَ الرِّبْحِ لَمْ يَصِحَّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَلِبُطْلَانِ الْقِرَاضِ بِمَوْتِهِ لَوْ صَحَّ (فَلَوْ ذَكَرَ) لَهُ (مُدَّةً) عَلَى جِهَةِ تَأْقِيتِهِ بِهَا كَسَنَةٍ فَسَدَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَسَكَتَ أَمْ مَنَعَهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَهَا أَمْ الْبَيْعَ أَمْ الشِّرَاءَ إذْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَدْ لَا يَرُوجُ فِيهَا شَيْءٌ، وَإِنْ ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ (وَمَنَعَهُ التَّصَرُّفَ بَعْدَهَا) كَقَارَضْتُكَ عَلَى كَذَا وَلَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ سَنَةٍ (فَسَدَ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا رَاغِبًا فِي شِرَاءِ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْعَرَضِ (وَإِنْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَهَا) دُونَ الْبَيْعِ (فَلَا) يَفْسُدُ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ تَمْثِيلِ التَّنْبِيهِ بِشَهْرٍ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ يَتَأَتَّى فِيهَا الشِّرَاءُ لِغَرَضِ الرِّبْحِ، بِخِلَافِ نَحْوِ سَاعَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ مَجْهُولَةً كَمُدَّةِ إقَامَةِ الْعَسْكَرِ لَمْ يَصِحَّ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ.
وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ ابْتِدَاءَ تَأْقِيتٍ مُضِرٌّ إنْ مَنَعَهُ بَعْدَهَا مُتَرَاخِيًا عَنْهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك سَنَةً وَذَكَرَ مَنْعَ الشِّرَاءِ مُتَّصِلًا لِضَعْفِ التَّأْقِيتِ حِينَئِذٍ، وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِمَنْعِ الشِّرَاءِ بَعْدَهَا: أَيْ دُونَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: وَلَك الْبَيْعُ بَعْدَهَا، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِيهَا الْفَسَادَ
(وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِالرِّبْحِ) فَيَمْتَنِعُ شَرْطُ بَعْضِهِ لِثَالِثٍ مَا لَمْ يَشْرُطْ عَلَيْهِ الْعَمَلَ مَعَهُ فَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَ اثْنَيْنِ، نَعَمْ شَرْطُهُ لِقِنِّ أَحَدِهِمَا كَشَرْطِهِ لِسَيِّدِهِ (وَاشْتِرَاكِهِمَا فِيهِ) لِيَأْخُذَ الْمَالِكُ بِمِلْكِهِ وَالْعَامِلُ بِعَمَلِهِ، فَلَوْ شَرَطَ اخْتِصَاصَ أَحَدِهِمَا بِهِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِهَذَا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اخْتِصَاصِهِمَا بِهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بَذْلِ الْجَهْدِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ: بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قِرَاضًا) مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ، وَإِلَّا فَلَوْ حَذَفَهُ كَانَ فَاسِدًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَمَّا تَصَرُّفُهُ بَعْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَ هَذِهِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْوِكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بَطَلَ خُصُوصُهَا تُصْرَفُ بِعُمُومِ الْإِذْنِ صِحَّةُ التَّصَرُّفِ هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ نَوْعٌ مِنْ الْوِكَالَةِ، بَلْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيهَا صِحَّةُ الْقِرَاضِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَجَّزَ الْوِكَالَةَ وَعَلَّقَ التَّصَرُّفَ لَمْ يَمْتَنِعْ، لَكِنْ فَرَّقَ حَجّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ تَأْخِيرَ التَّصَرُّفِ مُنَافٍ لِغَرَضِ الرِّبْحِ بِخِلَافِ الْوِكَالَةِ (قَوْلُهُ: أَمْ الشِّرَاءَ) سَيَأْتِي لَهُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ مَحِلَّ الْفَسَادِ فِيمَا لَوْ مَنَعَهُ الشِّرَاءَ بَعْدَ ذِكْرِ السَّنَةِ إنْ مَنَعَهُ مُتَرَاخِيًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَهُ مُتَّصِلًا فَلَا يَفْسُدُ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ، لَكِنْ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي عِلْمِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك) صَرِيحُ هَذِهِ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ قَالَ: قَارَضْتُك وَلَا تَتَصَرَّفْ بَعْدَ شَهْرٍ وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ وَهُوَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّصَرُّفِ فِيهِ تَضْيِيقٌ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَتَيَسَّرَ لَهُ بَيْعُ مَا اشْتَرَاهُ فِي الشَّهْرِ فَيَتَعَطَّلُ بَعْدَهُ.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: كَسَنَةٍ) بِأَنْ قَالَ قَارَضْتُكَ سَنَةً كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَمْ الشِّرَاءُ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي إنْ وَقَعَ الْمَنْعُ مُتَرَاخِيًا (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ) لَمْ يُعْلَمْ هَذَا مِمَّا قَرَّرَهُ بَلْ عُلِمَ مِنْهُ خِلَافُهُ وَهُوَ أَنَّ ذِكْرَ الْمُدَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ مُضِرٌّ مُطْلَقًا وَأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا ذَكَرَهَا لَا عَلَى وَجْهِ التَّأْقِيتِ.
(قَوْلُهُ: إنْ مَنَعَهُ بَعْدَهَا مُتَرَاخِيًا) أَيْ: أَوْ سَكَتَ (قَوْلُهُ: مُتَرَاخِيًا) لَعَلَّهُ بِأَنْ فَصَلَهُ عَنْ الْكَلَامِ بِمَا فَوْقَ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعَيِّ كَمَا قَدْ يُرْشِدُ إلَيْهِ مُقَابَلَتُهُ بِمُتَّصِلًا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّيْخِ فِي شَرْحَيْ الْمَنْهَجِ وَالرَّوْضِ) أَيْ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِي بَعْضِهَا مَا يُوَافِقُ مَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute