وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ وَإِلَّا ضَمِنَ، بِخِلَافِ الْحَالِ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ إلَى اسْتِيفَاءِ ثَمَنِهِ، وَمَتَى أَذِنَ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ لَمْ يَجِبْ إشْهَادٌ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِشْهَادِ فِي الْبَيْعِ الْحَالِّ. وَالْمُرَادُ بِالْإِشْهَادِ الْوَاجِبِ كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنْ لَا يُسَلِّمَ الْمَبِيعُ حَتَّى يُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْعَقْدِ. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: أَوْ وَاحِدًا ثِقَةً اهـ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَقْدِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ قَدْ تَيَسَّرَ لَهُ الْبَيْعُ بِرِبْحٍ بِدُونِ شَاهِدَيْنِ، وَلَوْ أَخَّرَ لِحُضُورِهِمَا فَاتَ ذَلِكَ فَجَازَ لَهُ الْعَقْدُ بِدُونِهِمَا وَلَزِمَهُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ التَّسْلِيمِ.
(وَلَهُ) (الْبَيْعُ) وَمِثْلُهُ الشِّرَاءُ كَمَا قَالَهُ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ (بِعَرْضٍ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمَالِكُ إذْ الْغَرَضُ الرِّبْحُ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ، وَبِهِ فَارَقَ الْوَكِيلَ، وَقَضَيْتُهُ أَنَّ لَهُ الْبَيْعَ بِنَقْدِ غَيْرِ الْبَلَدِ، لَكِنْ مَنَعَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَجَزْمًا بِهِ فِي الشَّرِكَةِ، وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ نَقْدَ غَيْرِ الْبَلَدِ لَا يُرَوَّجُ فِيهَا بِخِلَافِ الْعَرْضِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ رَاجَ جَازَ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ (وَلَهُ) بَلْ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (الرَّدُّ بِعَيْبٍ) حَالَ كَوْنِ الرَّدِّ (
تَقْتَضِيهِ مَصْلَحَةٌ
) بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ وَلَيْسَ بِضَعِيفٍ وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الظَّرْفِ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ إذَا تَقَدَّمَ لَا يَتَحَمَّلُ ضَمِيرًا مَرْدُودٌ، وَيَصِحُّ كَوْنُهُ صِفَةً لِلرَّدِّ إذْ تَعْرِيفُهُ لِلْجِنْسِ وَهُوَ كَالنَّكِرَةِ نَحْوُ {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ} [يس: ٣٧] (فَإِنْ اقْتَضَتْ) الْمَصْلَحَةُ (الْإِمْسَاكَ فَلَا) يَرُدُّهُ (فِي الْأَصَحِّ) لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ. وَالثَّانِي نَعَمْ كَالْوَكِيلِ، فَإِنْ اسْتَوَى الرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَطْعًا كَمَا فِي الْبَسِيطِ (وَلِلْمَالِكِ الرَّدُّ) حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ وَأَوْلَى لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ، ثُمَّ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالْعَيْنِ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كَانَ ثَمَّ عُرْفٌ فِي الْأَجَلِ حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا رَاعَى الْمَصْلَحَةَ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ فِي النَّسِيئَةِ، وَاقْتِصَارُهُ فِي وُجُوبِ الْإِشْهَادِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَيَانُ الْمُشْتَرِي لِلْمَالِكِ، وَهَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْعَامِلَ هُنَا لَمَّا كَانَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَكَانَ مُطَالَبًا بِتَنْضِيضِ رَأْسِ الْمَالِ أَغْنَى ذَلِكَ عَنْ بَيَانِهِ لِلْمَالِكِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ بِالْقِيمَةِ وَقْتَ التَّسْلِيمِ وَيَكُونُ لِلْحَيْلُولَةِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْعَادَةَ لَوْ جَرَتْ بِهِ فِي مَحَلِّ الْقِرَاضِ وَعَلِمَ الْمَالِكُ بِهَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَاحِدًا ثِقَةً) أَيْ وَلَوْ مَسْتُورًا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ إذْ الْغَرَضُ الرِّبْحُ.
(قَوْلُهُ: وَجَزْمًا بِهِ) أَيْ بِالْمَنْعِ وَاعْتَمَدَهُ الشَّارِحُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: السَّابِقُ) أَيْ فِي الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً) أَيْ كَوْنُهُ حَالًا عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ أَيْ مِنْ صِحَّةِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْمُبْتَدَإِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ {وَآيَةٌ لَهُمُ} [يس: ٣٧] أَيْ فَإِنَّ " نَسْلَخُ " الْآيَةَ صِفَةٌ لِلَّيْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ الرَّدُّ قَطْعًا) وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ إذَا اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فِي الْمَصْلَحَةِ رَجَعَ إلَى اخْتِيَارِ الْعَامِلِ لِأَنَّ ذَاكَ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا تَوَافَقَا عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لِلْعَامِلِ) وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِبْقَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى لِمِلْكِهِ الْأَصْلَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: بَلْ الْقِيَاسُ وُجُوبُهُ: أَيْ الرَّدُّ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ كَعَكْسِهِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَنَازَعَ فِي حَوَاشِي حَجّ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ، وَتُوَجَّهُ الْمُنَازَعَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَالِكَ حَيْثُ رَضِيَ بِعَيْبِهِ فَقَدْ رَضِيَ بِالتَّفْوِيتِ عَلَى نَفْسِهِ، وَالْعَامِلُ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَكَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لَمْ يَمْنَعْهُ الْمَالِكُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ) قَدْ يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْحَالِ مَعَ إنْكَارِ الْبَائِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ: أَيْ فَيَكُونُ الرَّدُّ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ فَقَطْ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمَالِكُ بِالظَّفَرِ.
[حاشية الرشيدي]
جَرَى هُنَا فِي قَدْرِ النَّسِيئَةِ وَإِطْلَاقِهَا فِي الْبَيْعِ مَا مَرَّ ثَمَّ: أَيْ فِي الْوَكَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ: فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ: الْمُشْتَرِي
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ السَّابِقُ) أَيْ: فِي الشَّرِكَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute