للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْحَدَثِ.

(ثُمَّ) بَعْدَ الْوُضُوءِ (تَعَهُّدُ مَعَاطِفِهِ) كَالْأُذُنَيْنِ وَطَبَقَاتِ الْبَطْنِ وَالْمُوقِ وَتَحْتَ الْمُقْبِلِ مِنْ الْأَنْفِ بِأَنْ يَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ وَيَضَعُهَا بِرِفْقٍ عَلَيْهِ مُمِيلًا لَهَا لِيُصَلِّ لِمَعَاطِفِهَا مِنْ غَيْرِ نُزُولٍ لِصِمَاخِهِ فَيَضُرُّ بِهِ وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّائِمِ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ يَتَعَيَّنُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمُبَالَغَةِ، وَإِنَّمَا سُنَّ تَعَهُّدُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِ الْمَاءِ وَأَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ.

(ثُمَّ يُفِيضُ) الْمَاءَ (عَلَى رَأْسِهِ وَيُخَلِّلُهُ) أَيْ أُصُولَ شَعْرِهِ بِأَصَابِعِهِ وَهِيَ مَبْلُولَةٌ اتِّبَاعًا وَالْمُسْتَحَبُّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنْ يَكُونَ التَّخْلِيلُ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا يَتَقَيَّدُ الِاسْتِحْبَابُ بِالرَّأْسِ فَسَائِرُ شُعُورِ بَدَنِهِ كَذَلِكَ.

(ثُمَّ) يُفِيضُهُ (عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ) لِلِاتِّبَاعِ وَفَارَقَ غُسْلُ الْمَيِّتِ حَيْثُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ لِسُهُولَةِ ذَلِكَ عَلَى الْحَيِّ هُنَا خِلَافُهُ، ثُمَّ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ، فَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بِاسْتِوَائِهِمَا مَرْدُودٌ، وَعَلَى الْفَرْقِ لَوْ فَعَلَ هُنَا مَا يَأْتِي ثُمَّ كَانَ آتِيًا بِأَصْلِ السُّنَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِمُقَدَّمِ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ دُونَ مُؤَخَّرِهِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُقَدَّمِ الْأَيْسَرِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ فِي الرَّأْسِ الْبُدَاءَةُ بِالْأَيْمَنِ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ الْوُضُوءَ ثَمَّ هُنَا صَحِيحٌ فَحَصَلَتْ بِهِ السُّنَّةُ.

(قَوْلُهُ: مُمِيلًا لَهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ فِعْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْغِمَاسُ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الْإِمَالَةُ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ إذَا وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ إلَى الصِّمَاخَيْنِ بِسَبَبِ الِانْغِمَاسِ مَعَ إمْكَانِ الْإِمَالَةِ يَبْطُلُ صَوْمُهُ لِمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُمْ يَتَأَكَّدُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْ مَأْذُونٍ فِيهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقِيَاسُ الْفِطْرِ بِوُصُولِ مَاءِ الْمَضْمَضَةِ إذَا بَالَغَ الْفِطْرَ، لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحِلَّ الْفِطْرِ إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ وُصُولُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ أُذُنَيْهِ لَوْ انْغَمَسَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: إذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ: أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ هُنَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الْأَغْسَالِ الْوَاجِبَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهَا الْمَنْدُوبَةُ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي الطَّلَبِ، أَمَّا لَوْ اغْتَسَلَ لِمُجَرَّدِ التَّبَرُّدِ أَوْ التَّنَظُّفِ وَوَصَلَ الْمَاءُ بِسَبَبِهِ إلَى بَاطِنِ الْأُذُنِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَضُرَّ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ مَأْمُورٍ بِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي كِتَابِ الصَّوْمِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضْمَضَةِ إلَخْ مَا نَصُّهُ: بِخِلَافِ حَالَةِ الْمُبَالَغَةِ وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَائِهِمَا غَيْرَ مَشْرُوعَيْنِ كَأَنْ جَعَلَ الْمَاءَ فِي أَنْفِهِ أَوْ فَمِهِ لَا لِغَرَضٍ، وَبِخِلَافِ سَبْقِ مَاءِ غُسْلِ التَّبَرُّدِ وَالْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْمَضْمَضَةِ أَوْ الِاسْتِنْشَاقِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِذَلِكَ بَلْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الرَّابِعَةِ، وَخَرَجَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ سَبْقُ مَاءِ الْغُسْلِ مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ جَنَابَةٍ أَوْ مِنْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ فَلَا يُفْطِرُ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ غَسَلَ أُذُنَيْهِ فِي الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا فَسَبَقَ الْمَاءُ الْجَوْفَ مِنْهُمَا لَا يُفْطِرُ، وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ إمَالَةِ الرَّأْسِ بِحَيْثُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ لِعُسْرِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ يَصِلُ الْمَاءُ مِنْهُ إلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ بِالِانْغِمَاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ أَنْ يَحْرُمَ الِانْغِمَاسُ وَيُفْطِرُ قَطْعًا.

نَعَمْ مَحَلُّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الْغُسْلِ لَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا فَلَا يُفْطِرُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَكَذَا لَا يُفْطِرُ بِسَبْقِهِ مَنْ غَسَلَ نَجَاسَةً بِفِيهِ وَإِنْ بَالَغَ فِيهَا اهـ بِحُرُوفِهِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِمَالَةُ (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ التَّأَكُّدُ خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ: بِأَصَابِعِهِ) قَالَ حَجّ: وَالْمُحْرِمُ كَغَيْرِهِ لَكِنْ يَتَحَرَّى الرِّفْقَ خَشْيَةَ الِانْتِتَافِ اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ عَدَمِ تَقْيِيدِ الشَّارِحِ لَهُ، لَكِنْ تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فِي الْوُضُوءِ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ سَنِّ التَّخْلِيلِ، وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْوُضُوءِ بِأَنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الشَّعْرِ هُنَا مُطْلَقًا، بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ لَا يَجِبُ إيصَالُهُ إلَى بَاطِنِ الْكَثِيفِ عَلَى مَا مَرَّ فَطَلَبُ التَّخْلِيلِ هُنَا مِنْ الْمُحْرِمِ اسْتِظْهَارًا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ) أَيْ مِنْ أَمَامِهِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَثْنَاءَ الْغُسْلِ

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْإِذْنِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>