للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انْضِمَامِهِ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَكَوْنُهُ نَقْصًا مَجْبُورًا بِزِيَادَةٍ فِي الْأُجْرَةِ مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً. وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ لَهُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ فَلَا تَنْجَبِرُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَرَى عُدُولَ النُّظَّارِ وَالْقُضَاةِ وَالْفُقَهَاءِ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَحْكُمُونَ بِهِ، وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ لِاسْتِدْرَاكِهِ فِي الْآخَرِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِهَا ضَيَاعُ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ.

(وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ) وَلَوْ ذُكُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ. وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَبِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِلْقَدِيمِ الْآتِي (وَالْعِنَبُ) لِلنَّصِّ فِي النَّخْلِ، وَأُلْحِقَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَتَأَتَّى الْخَرْصُ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِالْكَرْمِ بَدَلَ الْعِنَبِ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ، وَالْأَصَحُّ تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ خِلَافًا لِلرَّيْمِيِّ فِي التُّحْفَةِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) كَتِينٍ وَتُفَّاحٍ لِوُرُودِهِ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ وَلِعُمُومِ الْحَاجَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ، وَالْجَدِيدُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا وَعَلَيْهِ تُمْتَنَعُ فِي الْمُقِلِّ كَمَا صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَتَصِحُّ عَلَى أَشْجَارٍ مُثْمِرَةٍ تَبَعًا لِلنَّخْلِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَيْنِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ فَإِنَّ الثَّمَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ لَا يُسَاقِي غَيْرُهُ أَوْ عَلَى ذِمَّتِهِ جَازَ كَمَا يَأْتِي، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ عَمِلَ فِي مَالِ نَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّ الْحَامِلَ لَهُ عَلَى الْعَمَلِ مَا يَتَوَقَّعُهُ مِنْ الْمَالِ، فَلَا يُرَدُّ أَنَّ الثَّمَرَةَ قَدْ لَا تَكُونُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي مُدَّةِ عَدَمِ الثَّمَرَةِ فِي مَالِ الْمَالِكِ (قَوْلُهُ: مَوْثُوقٌ بِهَا عَادَةً) دَفَعَ بِهِ مَا قَدْ يُقَالُ: قَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَيَحْكُمُونَ بِهِ) أَيْ فَصَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ الْحَالُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَنْضَمَّ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ إلَى الْآخَرِ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ مَعَ الِانْضِمَامِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الضَّمُّ حَصَلَ أَقَلَّ أَوْ تَعَطَّلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ وَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا ذُكِرَ بَلْ وُجُوبُهُ، وَقَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ) هُوَ صَاحِبُ الْخِصَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا النَّفْيِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِيهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ وَإِمْكَانُ الْخَرْصِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا بِاعْتِبَارِ مَا مِنْ شَأْنِهِ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَيُدْعَى شُمُولُ الثَّمَرِ فِي لَفْظِ النَّصِّ لِطَلْعِ الذُّكُورِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ هَذَا عَلَى الْقَدِيمِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْ تَسْمِيَتِهِ بِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَرْمُ هُوَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ: صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - نَهَى عَنْ تَسْمِيَتِهِ كَرْمًا وَقَالَ: إنَّمَا الْكَرْمُ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ. قِيلَ: وَجْهُ النَّهْيِ أَنَّ تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ مِنْهَا يُحْمَلُ عَلَى الْكَرْمِ وَهَذِهِ الصِّفَةُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْمُؤْمِنِ. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَجْهُ النَّهْيِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] (قَوْلُهُ: تَفْضِيلُ الرُّطَبِ عَلَى الْعِنَبِ) اُنْظُرْ مَعْنَى الْأَفْضَلِيَّةِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مِنْ الذَّوَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَحَلًّا لِعَمَلٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ثَوَابٌ أَوْ عِقَابٌ (قَوْلُهُ: الثَّمَرَةُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُثْمِرَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً كَمَا فِي النَّخْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) قَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي الْخَبَرِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى نَخْلِهَا مَصْرُوفٌ لِثَمَرِ النَّخْلِ فَلْيَتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا) هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَ الْقِيَاسِ عَلَى الرُّخَصِ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ:

ــ

[حاشية الرشيدي]

يَخْتَلِفُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْضَمَّةً إلَى إجَارَةِ الْأَرْضِ وَبَيْنَ أَنْ تَقَعَ مُنْفَرِدَةً فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ) اُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ صَدْرَ الْخَبَرِ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ سَبَقَ إلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ) قَالَ الشِّهَابُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي رَدِّهِ: لِدَلِيلِ الْقَدِيمِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِعُمُومِ الثَّمَرِ فِي الْخَبَرِ لَا بِالْقِيَاسِ، وَقَوْلُهُ: فَتَخْتَصُّ بِمَوْرِدِهَا.

قَدْ يُقَالُ: يَرِدُ عَلَيْهِ قِيَاسُ الْعِنَبِ، إلَى أَنْ قَالَ: عَلَى أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ

<<  <  ج: ص:  >  >>