السَّيِّدِ عَلَيْهَا، وَالْعَتِيقَةُ الْمُوصَى بِمَنَافِعِهَا أَبَدًا لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةُ لَهُ فَيَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُهَا وَلَوْ لِوَلَدِهِ مِنْهَا، وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ تَمَلَّكَ مَنَافِعَهَا، فَلَوْ كَانَتْ مُسْتَأْجَرَةُ الْعَيْنِ لَمْ تَصِحَّ إجَارَتُهَا نَفْسَهَا قَطْعًا، وَقَدْ عَمَّتْ الْبَلْوَى بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ.
وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ بِمَنْعِهِ لِوُقُوعِ الْإِجَارَةِ عَلَى أَعْيُنِهِمْ لِلْعَكْمِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُونَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَةَ بَيْنَ أَعْمَالِ الْحَجِّ وَالْعَكْمِ إذْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَغْرِقُ الْأَزْمِنَةَ، وَلَيْسَ لِمُسْتَأْجِرِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَوْ لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ وَطْئِهَا خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْعِ الرَّاهِنِ مِنْ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الرَّهْنِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، وَإِذْنُهُ هُنَا لَيْسَ كَتَعَاطِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(وَيَجُوزُ) (تَأْجِيلُ الْمَنْفَعَةِ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ) إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ لِقَبُولِ الدَّيْنِ التَّأْجِيلَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ أُطْلِقَ كَانَ حَالًّا (كَأَلْزَمْت ذِمَّتَك الْحَمْلَ) بِكَذَا (إلَى مَكَّةَ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا) وَمُرَادُهُ. بِأَوَّلِ الشَّهْرِ هُنَا مُسْتَهَلُّهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ بَاطِلٌ عَلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَمَرَّ ثَمَّ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا نَقَلَاهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ فَكَلَامُهُ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ.
(وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ عَيْنٍ لِمَنْفَعَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ) كَإِجَارَةِ هَذِهِ الدَّارِ السَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ أَوْ سَنَةً أَوَّلُهَا مِنْ غَدٍ، وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ وَكَإِجَارَةِ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ لَا يُمْكِنُ تَفْرِيغُهَا إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ عَيْنًا عَلَى أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ بَعْدَ سَاعَةٍ بِخِلَافِ إجَارَةِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ وَقَدْ عَقَدَ آخِرَ النَّهَارِ أَوَّلُهَا يَوْمَ تَارِيخِهِ لَمْ يَضُرَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَوْمِ الْوَقْتُ أَوْ فِي التَّعْبِيرِ بِالْيَوْمِ عَنْ بَعْضِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا سَائِغٌ شَائِعٌ وَلَوْ قَالَا بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي السَّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ النِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ وَالنِّصْفَ فِي أَوَّلِ أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الثَّانِي صَحَّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
صُدِّقَ الزَّوْجُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ) أَيْ بَلْ يُؤَجِّرُهَا مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ بِلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُسْتَأْجِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ الْوَجْهَيْنِ (قَوْلُهُ: بِاسْتِئْجَارِ الْعَكَّامِينَ لِلْحَجِّ) أَيْ عَنْ الْمَعْضُوبِ لِيَحُجُّوا عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِهِ) أَيْ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: خَوْفَ الْحَبَلِ) أَيْ أَمَّا الْوَطْءُ الْمُضِرُّ بِالطِّفْلِ حَالًا فَيَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي لَهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَصِحُّ لِحَضَانَةٍ وَإِرْضَاعٍ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ إلَخْ) وَهَذَا الْفَرْقُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَجَّرَ أَمَتَهُ الْخَلِيَّةَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِتَعَاطِيهِ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّاهِنِ لَائِحٌ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: وَلَعَلَّهُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ هُنَا لَا يُضَيِّعُ حَقَّهُ بِنُقْصَانِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لَهُ الْخِيَارُ بِتَعَيُّبِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَانْفَسَخَ رَجَعَ بِمَا سَلَّمَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ أَوْ سَقَطَتْ عَنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهَا، بِخِلَافِ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ بِتَقْدِيرِ تَلَفِ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ يَفُوتُ التَّوَثُّقُ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّهْنِ بِلَا بَدَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى) أَيْ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَقْدَ الْمُوجِبَ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ، بِخِلَافِ نَفْسِ الرَّهْنِ مَعَ الْإِقْبَاضِ فَإِنَّهُ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمَرْهُونِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي السَّلَمِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ التَّأْجِيلَ بِهِ أَيْ بِالْأُولَى.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَالَ أَوَّلُهَا مِنْ أَمْسِ) صَرِيحٌ هَذَا بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ، وَقَدْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ بِالْقِسْطِ مِنْ الْمُسَمَّى وَتَبْطُلُ فِيمَا مَضَى تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ لِاشْتِمَالِ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَقْبَلُ الْإِجَارَةَ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا، وَلَوْ قَالَ بِقِسْطَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْقِسْطَ الْأَوَّلَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مُتَوَالِيَةٌ مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ وَالْقِسْطَ الثَّانِيَ سَنَةٌ مُتَوَالِيَةٌ تَلِي السَّنَةَ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَوْ آخِرِ نِصْفِهَا الْأَوَّلِ) وَالْمُرَادُ آخِرُ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ أَوْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَبِمَا بَعْدَهُ آخِرِ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ إذْنُ الزَّوْجِ فِي إيجَارِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي أَوْقَاتِ التَّمَتُّعِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ لَا تَتَقَاعَدُ عَنْ الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِيمَنْ يَمْلِكُ مَنَافِعَهَا إلَخْ) هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْكُوحَةِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِئْجَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute