للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حَصَلَا) كَمَا لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ النَّفَلُ فِي الْفَرْضِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ بِصَلَاةٍ وَقَدْ حَصَلَ، وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ، فَلَوْ نَوَى غُسْلَ الْجَنَابَةِ وَنَفَى غُسْلَ الْجُمُعَةِ وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ احْتِمَالَانِ: أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ عَدَمُ الْحُصُولِ نَعَمْ لَوْ طُلِبَتْ مِنْهُ أَغْسَالٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَعِيدٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَجُمُعَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا حَصَلَ الْجَمِيعُ لِمُسَاوَاتِهَا لِمَنْوِيِّهِ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَسْبَابُ أَغْسَالٍ وَاجِبَةٍ وَنَوَى أَحَدَهَا لِأَنَّ مَبْنَى الطِّهَارَاتِ عَلَى التَّدَاخُلِ.

(قُلْت: وَلَوْ) (أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَجْنَبَ ثُمَّ أَحْدَثَ (كَفَى الْغُسْلُ) (عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاَلَّذِي أَعْلَمُ) نَوَى الْوُضُوءَ مَعَهُ أَمْ لَمْ يَنْوِهِ غَسَلَ الْأَعْضَاءَ مُرَتَّبَةً أَمْ لَا، لِأَنَّهُمَا طَهَارَتَانِ فَتَدَاخَلَتَا، وَقَدْ نَبَّهَ الرَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَأَنَّ الْأَصْغَرَ يَضْمَحِلُّ مَعَهُ: أَيْ لَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ فَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَفَى.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَكْفِي الْغُسْلُ وَإِنْ نَوَى مَعَهُ الْوُضُوءَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْوُضُوءِ مَعَهُ.

وَالثَّالِثُ إنْ نَوَى مَعَ الْغُسْلِ الْوُضُوءَ كَفَى وَإِلَّا فَلَا.

وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ طَرِيقٌ قَاطِعٌ بِالِاكْتِفَاءِ لِتَقَدُّمِ الْأَكْبَرِ فِيهَا فَلَا يُؤْثَرُ بَعْدَهُ الْأَصْغَرُ، فَالطَّرِيقَانِ فِي مَجْمُوعِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ حَيْثُ الثَّانِيَةُ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، كَذَا قَالَ الشَّارِحُ جَوَابًا عَنْ اعْتِرَاضٍ أُورِدَ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ لَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: أَيْ لَا فِي جَمِيعِهِمَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَيْهَا مَا رَفَعَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: حَصَلَا) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْأَكْمَلُ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ لِلْجُمُعَةِ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا اهـ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: دُونَ التَّحِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا.

أَمَّا لَوْ نَفَاهَا فَلَا يَحْصُلُ، بِخِلَافِ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ بَلْ يَحْصُلُ وَإِنْ نَفَاهُ لِأَنَّهُ اضْمَحَلَّ مَعَ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ: إشْغَالُ الْبُقْعَةِ) التَّعْبِيرُ بِهِ لُغَةً فَلْيُتَأَمَّلْ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: شَغْلٌ، وَفِي الْمُخْتَارِ شَغْلٌ بِسُكُونِ الْغَيْنِ وَضَمِّهَا، وَشَغْلٌ بِفَتْحِ الشِّين وَسُكُونِ الْغَيْنِ وَبِفَتْحَتَيْنِ فَصَارَتْ أَرْبَعَ لُغَاتٍ، وَالْجَمْعُ أَشْغَالٌ وَشَغَلَهُ مِنْ بَابِ قَطَعَ فَهُوَ شَاغِلٌ، وَلَا تَقُلْ أَشْغَلَهُ لِأَنَّهَا لُغَةٌ رَدِيئَةٌ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا) صَادِقٌ بِمَا إذَا نَوَى الْجُمُعَةَ وَحْدَهَا، وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَا تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ قَطْعًا (قَوْلُهُ: حَصَلَ الْجَمِيعُ) الظَّاهِرُ مِنْهُ حُصُولُ ثَوَابِ الْكُلِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا اعْتَمَدَهُ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَنْوِهَا، لَكِنْ قَالَ حَجّ: وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِحُصُولِ غَيْرِ الْمَنْوِيِّ سُقُوطُ طَلَبِهِ كَمَا فِي التَّحِيَّةِ اهـ.

وَهُوَ جَارٍ عَلَى مِثْلِ مَا جَرَى عَلَيْهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا حَصَلَ فَقَطْ) أَمَّا لَوْ نَوَى أَحَدَ وَاجِبَيْنِ فَيَحْصُلَانِ، وَكَتَبَ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ: لِأَحَدِ وَاجِبَيْنِ إلَخْ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي وَاجِبَيْنِ عَنْ حَدَثٍ، أَمَّا وَاجِبَانِ أَحَدُهُمَا عَنْ حَدَثٍ كَجَنَابَةٍ وَالْآخَرُ عَنْ نَذْرٍ، فَالْمُتَّجَهُ: أَيْ كَمَا قَالَهُ م ر أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ، لِأَنَّ نِيَّةَ أَحَدِهِمَا لَا تَتَضَمَّنُ الْآخَرَ.

أَمَّا نِيَّةُ الْمَنْذُورِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَرُّضٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا.

وَأَمَّا نِيَّةُ الْآخَرِ فَلِأَنَّ الْمَنْذُورَ جِنْسٌ آخَرُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا عَلَى الْمُحْدِثِ، بَلْ لَوْ كَانَ عَنْ نَذْرَيْنِ اتَّجَهَ عَدَمٌ بِحُصُولِ أَحَدِهِمَا بِنِيَّةِ الْآخَرِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ النَّذْرَيْنِ أَوْجَبَ فِعْلًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ مَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ مِنْ حَيْثُ الشَّخْصُ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي مُطْلَقِ الْغُسْلِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ حَيْضٌ وَنِفَاسٌ وَجَنَابَةٌ حَيْثُ أَجْزَأَهَا نِيَّةُ وَاحِدٍ مِنْهَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الثَّلَاثَةِ رَفْعُ مَانِعِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ إذَا ارْتَفَعَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهَا ارْتَفَعَ ضَرُورَةً بِالنِّسْبَةِ لِبَاقِيهَا إذْ الْمَنْعُ لَا يَتَبَعَّضُ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ نُفِيَ بَعْضُهَا لَمْ يَنْتِفْ، فَكَانَتْ كُلُّهَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ.

(قَوْلُهُ: أَمْ لَمْ يَنْوِهِ) أَيْ بَلْ لَوْ نَفَاهُ لَمْ يَنْتِفْ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ اضْمِحْلَالِ الْأَصْغَرِ مَعَ الْأَكْبَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَكْسُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَقُلْنَا بِحُصُولِهِمَا) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ أَحَدِهِمَا) شَمِلَ حُصُولَ الْجُمُعَةِ بِالْجَنَابَةِ وَعَكْسَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ فَقَدْ قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا حَكَاهُ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَغَيْرُهُ، فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مَمْنُوعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>