كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ الْغَزَالِيِّ بَعْدَ دُخُولِ السَّبْتِ فِي اسْتِئْجَارِ الْيَهُودِ شَهْرًا لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ.
(أَوْ تَعْيِينِ سُوَرٍ) أَوْ سُورَةٍ أَوْ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ كَذَا وَيَذْكُرُ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ وَسَطِهَا لِلتَّفَاوُتِ فِي ذَلِكَ، وَشَرَطَ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ فِي التَّعْلِيمِ كُلْفَةٌ كَأَنْ لَا يَتَعَلَّمَ الْفَاتِحَةَ مَثَلًا إلَّا فِي نِصْفِ يَوْمٍ، فَإِنْ تَعَلَّمَهَا فِي مَرَّتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِئْجَارُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّدَاقِ، وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ عُرْفًا كَإِقْرَائِهَا وَلَوْ مَرَّةً خِلَافُ مَا يُوهِمُهُ قَوْلُهُ نِصْفَ يَوْمٍ، وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ لِدُونِ ثَلَاثِ آيَاتٍ، لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ يَقْتَضِي الْإِعْجَازَ وَدُونَهَا لَا إعْجَازَ فِيهِ مَحَلُّ النَّظَرِ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ. وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِتَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُقَدَّرٍ بِزَمَنٍ فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ قِرَاءَةِ نَافِعٍ مَثَلًا لِأَنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ عَيَّنَ شَيْئًا تَعَيَّنَ، فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ اتَّجَهَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِهِ أُجْرَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: كَالْأَحَدِ لِلنَّصَارَى) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَلْ يُلْحَقُ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ أَعْيَادِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ لَا سِيَّمَا الَّتِي تَدُومُ أَيَّامًا، وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ اهـ. وَلَا يُنَافِي اسْتِثْنَاءُ سَبْتِ الْيَهُودِ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْدَى عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ أُحْضِرَ لِأَنَّهُ لِحَقٍّ تَعَلَّقَ بِهِ وَالْإِجَارَةُ تَنْزِلُ عَلَى الْعَمَلِ الْمُعْتَادِ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِهِ) وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْبَعْضِ وَصَوْنًا لَهُ عَنْ الْبُطْلَانِ مُؤَلِّفُ فَتَكُونُ الْجُمَعُ مُسْتَثْنَاةً، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الْبُطْلَانِ لِلْإِجَارَةِ عِنْدَ اسْتِثْنَائِهَا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَوْنُ الْمَدَارِ عَلَى الْكُلْفَةِ) أَيْ وَلَوْ حَرْفًا وَاحِدًا كَأَنْ نَقَلَ عَلَيْهِ النُّطْقَ بِهِ فَعَالَجَهُ لِيَعْرِفهُ لَهُ (قَوْلُهُ: عُرْفًا) أَيْ وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ وَلَوْ لَمْ يُقْرِئْهُ بِالْأَحْكَامِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى قِرَاءَةً عُرْفًا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِقِرَاءَةٍ عَلَى قَبْرٍ أَوْ قِرَاءَةِ لَيْلَةٍ مَثَلًا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: وَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ) .
[فَرْعٌ] لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ كَذَا مِنْ الْقُرْآنِ هَلْ يَفْسُدُ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْحِفْظَ لَيْسَ بِيَدِهِ كَمَا لَوْ شَرَطَ الشِّفَاءَ فِي الْمُدَاوَاةِ أَوْ يَصِحُّ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيمِ بِهِ وَيُفَرَّقُ؟ فِيهِ نَظَرٌ سم عَلَى حَجّ. وَلَا يَبْعُدُ الصِّحَّةُ بِمَا عُلِّلَ بِهِ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيمِ الْحِفْظُ، وَقَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ: أَيْ بَيْنَ الْمُدَاوَاةِ وَالْحِفْظِ، وَلَعَلَّهُ أَنَّ التَّعْلِيمَ مُسْتَلْزِمٌ لِلْحِفْظِ عَادَةً مُطَّرِدَةً غَايَتُهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ شِدَّةً وَضَعْفًا بِاعْتِبَارِ قُوَّةِ فَهْمِ الْمُتَعَلِّمِ وَضَعْفِهِ، وَلَا كَذَلِكَ الشِّفَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُدَاوَاةُ إذْ كَثِيرًا مَا تُوجَدُ وَلَا يُوجَدُ الشِّفَاءُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ عَلَّمَهُ مُدَّةً تَقْتَضِي الْعَادَةُ مَعَهَا بِالْحِفْظِ لِلْبَلِيدِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ فَيَنْبَغِي اسْتِحْقَاقُ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمَقْصُودُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْقُرْآنِ إلَخْ) أَيْ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ لِأَنَّ الْقُرْآنَ يُطْلَقُ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ وَالْمَدَارُ عَلَى الْكُلْفَةِ الْحَاصِلَةِ بِالتَّعْلِيمِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مِثْلِ مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَأَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ قُرْآنٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْإِعْجَازِ اسْتِقْلَالًا وَلِهَذَا يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَةُ كَلِمَةٍ بَلْ حَرْفٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: أَنَّ مَا دُونَهَا كَذَلِكَ) أَيْ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ مُعْجِزٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَطْلَقَهَا صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ فِي بَلَدِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا أَقْرَأَهُ مَا شَاءَ، فَإِنْ تَنَازَعَا فِيمَا يَعْلَمُهُ أُجِيبَ الْمُعَلَّمُ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ فَيُؤَدِّيهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ أَرَادَهَا قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ مُسْتَوِيَانِ فَيُخْرِجُ فِي الزَّكَاةِ وَفِي أَدَاءِ قِيمَةِ التَّلَفِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَقْرَأَهُ غَيْرُهُ إلَخْ) هَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِلْكَلِمَاتِ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ مَثَلًا بَيْنَ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ أَوْ جَمِيعِ مَا عَلَّمَهُ إيَّاهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ الثَّانِي.
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِعْجَازُ) اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ لِوُجُوبِ الْأُجْرَةِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً أَوْ اعْتِبَارُهُ لِمَاذَا؟ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ ابْنَ قَاسِمٍ نَظَرَ فِي هَذَا الْحَمْلِ بِأَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ يُسَمَّى قُرْآنًا وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute