للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَيْهِ بِالْمَعْنَى الْمَارِّ تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَحَشٌّ مِمَّا حَصَلَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَفَارَقَا الْكُنَاسَةَ بِأَنَّهُمَا نَشَآ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِهَا، وَبِأَنَّ الْعُرْفُ فِيهَا رَفْعُهَا أَوَّلًا فَأَوَّلًا بِخِلَافِهِمَا، وَيَلْزَمُ الْمُؤَجِّرَ تَسْلِيمُهُمَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَارِغَيْنِ وَإِلَّا ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِامْتِلَائِهِمَا، وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ خِيَارِهِ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى تَتَوَقَّفُ عَلَى تَفْرِيغِهِ، بِخِلَافِ تَنْقِيَةِ الْكُنَاسَةِ وَنَحْوِهَا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَعَ وُجُودِهِمَا.

(وَإِنْ) (أَجَّرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ) عَيْنًا أَوْ ذِمَّةً (فَعَلَى الْمُؤَجِّرِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (إكَافٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ لِلْفَرَسِ وَكَالْقَتَبِ لِلْبَعِيرِ، وَفَسَّرَهُ كَثِيرٌ بِالْبَرْذَعَةِ، وَلَعَلَّهُ مُشْتَرَكٌ، وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يُطْلَقُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُكْتَرِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: تَفْرِيغُ بَالُوعَةٍ وَحَشُّ) الْحَشُّ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا كَمَا فِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ تَعَذَّرَ الْحَشُّ هَلْ يَلْزَمُهُ تَفْرِيغُ الْجَمِيعِ أَمْ تَفْرِيغُ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَقَطْ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ مَا زَادَ تُشَوِّشُ رَائِحَتُهُ عَلَى السَّاكِنِ وَأَوْلَادِهِ هَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَإِلَّا ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ (قَوْلُهُ: مِمَّا حَصَلَ فِيهِمَا بِفِعْلِهِ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَوَلَّدَ مِنْهُ ضَرَرٌ لَلْجُدَرَانِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ دَفْعَ الضَّرَرِ فَعَلَهُ لِحِفْظِ مِلْكِهِ، وَيَنْبَغِي كَمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْ نَفْسِهِ، أَمَّا النَّاظِرُ وَالْوَلِيُّ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ عَمَلًا بِالْمَصْلَحَةِ، هَذَا وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي الْكُنَاسَةِ إجْبَارُ الْمُكْتَرِي قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَلَى تَفْرِيغِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ حَيْثُ تَوَلَّدَ مِنْهُمَا ضَرَرٌ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اللُّزُومِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكُنَاسَةِ بِأَنَّهُ جَرَتْ الْعَادَةُ فِي الْكُنَاسَةِ بِأَنْ تُزَالَ شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى وُجُودِهَا بِخِلَافِ الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اتَّسَخَ الثَّوْبُ الْمُؤَجَّرُ وَأُرِيدَ غَسْلُهُ هَلْ هُوَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: يَأْتِي فِيهِ جَمِيعُ مَا قِيلَ فِي الْكُنَاسَةِ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا فِي الْحَشِّ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ غَسْلُهُ لَا قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَلَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ عَادَةً فِي الِاسْتِعْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) بَقِيَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّتَهُ، فَإِنْ اسْتَأْجَرَ مُدَّةً أَوْ مُدَّتَيْنِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فِي عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَالْكُلُّ كَالْمُدَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّتِهِ وَطَلَبَ مِنْ الْمُؤَجِّرِ التَّفْرِيغَ لَزِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّغْهُ ثَبَتَ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الِامْتِلَاءُ بِفِعْلِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّفْرِيغِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمَا) أَيْ مَا فِي الْبَالُوعَةِ وَالْحَشِّ (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا) أَيْ الْكُنَاسَةِ (قَوْلُهُ فَارِغَيْنِ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَأَتَّى مَعَهُ الِانْتِفَاعُ فَلَا يَضُرُّ اسْتِعْمَالُهَا بِمَا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ بِأَنَّ اسْتِيفَاءَ مَنْفَعَةِ السُّكْنَى تَتَوَقَّفُ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ سَلَّمَهُمَا لَهُ مَشْغُولَيْنِ بِمَا لَا يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ ثُمَّ انْتَفَعَ بِهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ فَصَارَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا بِأَنْ امْتَلَآ هَلْ يَثْبُتُ لِلْمُكْتَرِي الْخِيَارُ أَمْ لَا لِأَنَّ عَدَمَ الِانْتِفَاعِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مَنْعَ الِانْتِفَاعِ إنَّمَا حَصَلَ بِمَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلُ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ قَوْلُهُ فَارِغَيْنِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي الِامْتِلَاءِ وَعَدَمِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ الرُّجُوعُ إلَى الْقَرَائِنِ، فَإِذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ مِنْهُ مُنْذُ شَهْرٍ مَثَلًا صُدِّقَ الْمُسْتَأْجِرُ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمُؤَجِّرُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِرَاحَةٍ سَائِلَةٍ بِالْمَبِيعِ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ أَمْسِ مَثَلًا حَيْثُ قَالُوا فِيهِ إنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْإِكَافَ مُخْتَصٌّ بِالْحِمَارِ كَمَا أَنَّ السَّرْجَ مُخْتَصٌّ بِالْفَرَسِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَيْ مَعَ لُزُومِ تَنْظِيفِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ حَتَّى يُفَارِقَ الْغُبَارَ الْحَاصِلَ بِالرِّيحِ الْآتِي

(قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْحِمَارِ كَالسَّرْجِ إلَخْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>