للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْإِجْمَاعِ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَضْمَنُ كَالْمُسْتَعِيرِ

(وَالثَّالِثُ) (يَضْمَنُ) الْأَجِيرُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ النَّاسِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ (وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ) كَخِيَاطَةٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْتِزَامُ عَمَلٍ عَلَى آخَرَ وَهَكَذَا (لَا الْمُنْفَرِدُ وَهُوَ مَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ) أَيْ عَيْنَهُ (مُدَّةً مُعَيَّنَةً لِعَمَلٍ) أَوْ أَجَّرَ عَيْنَهُ وَقَدَّرَ بِالْعَمَلِ لِاخْتِصَاصِ مَنَافِعَ هَذَا بِالْمُسْتَأْجِرِ كَانَ كَالْوَكِيلِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، وَلَا تَجْرِي هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي أَجِيرٍ لِحِفْظِ حَانُوتٍ مَثَلًا إذَا أَخَذَ غَيْرُهُ مَا فِيهَا فَلَا يَضْمَنُهُ قَطْعًا، قَالَ الْقَفَّالُ: لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهِ الْمَتَاعُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ حَارِسِ سِكَّةٍ سُرِقَ بَعْضُ بُيُوتِهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُعَزُّ النَّقْلُ فِيهَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِلَا تَعَدٍّ مَا لَوْ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى دَابَّتَهُ فَأَعْطَاهَا آخَرَ يَرْعَاهَا فَيَضْمَنُهَا كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَيْ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا، وَإِلَّا فَالْقَرَارُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَكَأَنْ أَسْرَفَ خَبَّازٌ فِي الْوَقُودِ أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ أَجِيرٌ فِي نَفْيِ تَعَدِّيهِ مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ

(وَلَوْ) عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ كَأَنْ (دَفَعَ ثَوْبًا إلَى قَصَّارٍ لِيُقَصِّرَهُ أَوْ) إلَى (خَيَّاطٍ لِيَخِيطَهُ فَفَعَلَ وَلَمْ يَذْكُرْ) أَحَدُهُمَا (أُجْرَةً) وَلَا مَا يُفْهِمُهَا (فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) لِتَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا فَأَسْكَنَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ أُجْرَةً بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُهَا فِي قِنٍّ وَمَحْجُورِ سَفَهٍ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعِ، وَمِثْلُهُمَا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ بِالْأَوْلَى (وَقِيلَ لَهُ) أُجْرَةُ مِثْلِهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ مَنْفَعَتَهُ (وَقِيلَ إنْ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ بَابَيْ نَفَعَ وَقَتَلَ وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ

(قَوْلُهُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْخُفَرَاءَ إلَخْ) وَيُؤْخَذُ مِنْ فَرْضِ ذَلِكَ فِي الْبُيُوتِ وَنَحْوِهَا وَمِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ خَفِيرَ الْجُرْنِ وَخَفِيرَ الْغَيْطِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ حَيْثُ قَصَّرُوا، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَفِيرِ الْبُيُوتِ خَفِيرُ الْمَرَاكِبِ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الضَّائِعِ صُدِّقَ الْخَفِيرُ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ، وَأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ إذَا وَقَعَتْ إجَارَةً صَحِيحَةً وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَصَّرُوا، وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ خِلَافُهُ فِي التَّقْصِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْقَرَارُ عَلَى مَنْ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدِهِ) وَالْكَلَامُ كُلُّهُ حَيْثُ كَانَ الرَّاعِي بَالِغًا عَاقِلًا رَشِيدًا، أَمَّا لَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ قَصَّرَ حَتَّى تَلِفَتْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الْإِتْلَافِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ ضَرْبِ الْمُعَلِّمِ) وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ مُعْتَادًا لِلتَّعْلِيمِ لَكِنْ يُشْكَلُ وَصْفُهُ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّأْدِيبَ كَانَ مُمْكِنًا بِالْقَوْلِ وَظَنُّ عَدَمَ إفَادَتِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الْإِقْدَامَ، وَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَشْهَدْ خَبِيرَانِ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِالْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ مِثْلُهُ لِلتَّأْدِيبِ أَوْ يَكْفِي مَا هُوَ دُونَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَلَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ لَيْسَ مَالًا وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مَا يُفْهِمُهَا) أَيْ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يُفْهِمُهَا فَلَا يُقَالُ الْقَرِينَةُ دَالَّةٌ عَلَى الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا أُجْرَةَ لَهُ) نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ بِبَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ مَا لَوْ دَخَلَ عَلَى طَبَّاخٍ وَقَالَ لَهُ أَطْعِمْنِي رِطْلًا مِنْ لَحْمٍ فَأَطْعَمَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الثَّمَنَ وَالْبَيْعُ صَحَّ أَوْ فَسَدَ يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ الثَّمَنِ. أَقُولُ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ الطَّبَّاخُ بِدَفْعِهِ أَخْذَ الْعِوَضِ سِيَّمَا وَقَرِينَةُ الْحَالِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ وَيُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الْمُتْلَفِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْكِنِّي دَارَك إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّهُ يَتَّفِقُ أَنَّ إنْسَانًا يَتَزَوَّجُ امْرَأَةً وَيَسْكُنُ بِهَا فِي بَيْتِ أَهْلِهَا مُدَّةً وَلَمْ تَجْرِ بَيْنَهُمَا تَسْمِيَةُ أُجْرَةٍ وَلَا مَا يَقُومُ مَقَامَ التَّسْمِيَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ أَسْكِنِّي دَارَك شَهْرًا إلَخْ يُفْهِمُ وُجُوبَ الْأُجْرَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَوْفَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

بَحَثَ فِيهِ مَعَ الشَّارِحِ فَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ تَفْرِيطٌ، قَالَ: وَقَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا بِإِذْنِهِ) قَيَّدَ بِالْإِذْنِ لِلْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَيْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>