حَانُوتٍ
(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِتَلَفِ مُسْتَوْفًى مِنْهُ عُيِّنَ فِي عَقْدِهَا شَرْعًا كَمُسْلِمَةٍ اُسْتُؤْجِرَتْ نَفْسُهَا مُدَّةً لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ فِيهَا أَوْ حِسًّا كَالْمَوْتِ فَتَنْفَسِخُ (بِمَوْتِ) نَحْوِ (الدَّابَّةِ وَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنَيْنِ) وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا قَبْلَ قَبْضِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنَّمَا اسْتَقَرَّ بِإِتْلَافِ الْمُشْتَرِي لَهُ ثَمَنُهُ لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ وَبِإِتْلَافِهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ هُنَا لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ إنَّمَا هُوَ (فِي) الزَّمَانِ (الْمُسْتَقْبَلِ) وَمَنَافِعُهُ مَعْدُومَةٌ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُرَدَّ الْإِتْلَافُ عَلَيْهَا (لَا) فِي الزَّمَنِ (الْمَاضِي) بَعْدَ الْقَبْضِ الَّذِي يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا تَنْفَسِخُ (فِي الْأَظْهَرِ) لِاسْتِقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارٌ (فَيَسْتَقِرُّ قِسْطُهُ مِنْ الْمُسَمَّى) بِالنَّظَرِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِأَنْ تُقَوَّمَ مَنْفَعَةُ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ وَيُوَزَّعَ الْمُسَمَّى عَلَى نِسْبَةِ قِيمَتِهِمَا وَقْتَ الْعَقْدِ دُونَ مَا بَعْدَهُ، فَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ سَنَةً وَمَضَى نِصْفُهَا وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مَثَلًا أُجْرَةُ النِّصْفِ الْبَاقِي وَجَبَ مِنْ الْمُسَمَّى ثُلُثَاهُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَثُلُثُهُ لَا عَلَى نِسْبَةِ الْمُدَّتَيْنِ لِاخْتِلَافِهِمَا، إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ عَلَى شُهُورٍ، وَخَرَجَ بِالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَغَيْرُهُ مِمَّا مَرَّ فَلَا انْفِسَاخَ بِتَلَفِهِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ
(وَلَا تَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِنَوْعَيْهَا (بِمَوْتِ الْعَاقِدَيْنِ) أَوْ أَحَدِهِمَا لِلُزُومِهَا كَالْبَيْعِ، فَتَبْقَى الْعَيْنُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكْرِي عِنْدَ الْمُكْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهَا الْمَنْفَعَةَ، فَإِنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَمَا الْتَزَمَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَرِكَةٌ اُسْتُؤْجِرَ مِنْهَا وَإِلَّا تَخَيَّرَ الْوَارِثُ، فَإِنْ وَفَّى اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ. وَاسْتَثْنَى مَسَائِلَ بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَوْرِدَ الْعَقْدِ لَا لِكَوْنِهِ عَاقِدًا كَمَوْتِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَبَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ بِغَيْرِ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَجَّرَ مَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنْفَعَةِ دَارٍ حَيَاتِهِ فَانْفِسَاخُهَا بِمَوْتِهِ إنَّمَا هُوَ لِفَوَاتِ شَرْطِ الْمُوصَى، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِمَنَافِعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ أَنْ يَنْتَفِعَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِيجَارُ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهُ الْمَنْفَعَةَ وَإِنَّمَا أَبَاحَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ كَمَا يَأْتِي وَكَأَنْ أَجَّرَ الْمَقْطَعَ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ: أَيْ إقْطَاعَ إرْفَاقٍ لَا تَمْلِيكٍ، وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ.
ــ
[حاشية الشبراملسي]
يَظْهَرُ، لِأَنَّا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ الزِّرَاعَةِ ثَانِيًا بَعْدَ أَوَانِ الْحَصَادِ مَثَلًا لِكَوْنِ الزِّرَاعَةِ الثَّانِيَةِ تُضْعِفُ قُوَّةَ الْأَرْضِ، لَكِنَّا لَا نَمْنَعُهُ هُنَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمِثْلِهِ وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فَيُفْرَضُ الْأَوَّلُ كَالْعَدَمِ وَيَسْتَأْنِفُ زَرْعَهَا مِنْ نَوْعِ مَا اسْتَأْجَرَ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَزِيدُ ضَرَرُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَقِيَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِذَلِكَ الزَّمَنِ، وَلَيْسَ بِمَا يُمْتَنَعُ زَرْعُهُ ثَانِيًا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِتَكَرُّرِ الزَّرْعِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَزَرْعِهَا أَوَّلًا بِرْسِيمًا مَثَلًا ثُمَّ ثَانِيًا سِمْسِمًا مَثَلًا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِعْلُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ مَسْجِدٍ فَحَاضَتْ) قِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي غَصْبِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ تَخْصِيصُ الِانْفِسَاخِ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الِانْفِسَاخُ فِي الْجَمِيعِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ خَالَفَتْ وَخُصَّتْ بِنَفْسِهَا هَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَتْ إجَارَةُ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةَ عَيْنٍ لَمْ تَصِحَّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ وَيَكُونُ بِإِتْلَافِ الدَّابَّةِ ضَامِنًا لِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الْعَيْنِ) أَيْ إتْلَافُ الْمُشْتَرَى اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ النِّصْفُ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهِمَا) أَيْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: إذْ قَدْ تَزِيدُ أُجْرَةُ شَهْرٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَسَّطَ الْأُجْرَةَ عَلَى عَدَدِ الشُّهُورِ كَأَنْ قَالَ أَجَّرْتُكَهَا سَنَةً كُلُّ شَهْرٍ مِنْهَا بِكَذَا اُعْتُبِرَ مَا سَمَّاهُ مُوَزَّعًا عَلَى الشُّهُورِ وَلَمْ يُنْظَرْ لِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَلَا الْمُسْتَقْبَلَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَمَلًا بِمَا وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا عُيِّنَ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ فِيهِ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ وَجَبَ إبْدَالُهُ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ جَازَ إبْدَالُهُ بِرِضَا الْمُكْتَرِي وَإِنْ عُيِّنَ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ تَلِفَ انْفَسَخَ
(قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثِهِ) أَيْ وَلَوْ عَامًا، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ وَارِثٌ كَأَنْ مَاتَ ذِمِّيٌّ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ مَنْ أَجَّرَ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ فَمَالُهُ فَيْءٌ، وَمِنْهُ مَنْفَعَةُ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَيَتَصَرَّفُ فِيهَا وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقُلْ) أَيْ الْمُوصِي، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَيْ الْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ)
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الَّذِي يُقَابِلُ) وَصْفٌ لِلْمَاضِي
(قَوْلُهُ: بَعْضُهَا الِانْفِسَاخُ فِيهِ لِكَوْنِهِ إلَخْ) غَرَضُهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى مَنْ اسْتَثْنَى مَا ذُكِرَ، وَأَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا إنَّمَا هُوَ صُورِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَرْجُوحٍ) أَيْ مِمَّا لَمْ يَذْكُرْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute