للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمُنْتَقِلَةِ لِغَيْرِهِ، وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرُ السَّابِقُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ النَّظَرُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ كَانَتْ وِلَايَتُهُ غَيْرَ مُقَيَّدَةٍ بِشَيْءٍ فَسَرَّى أَثَرُهَا عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِمَوْتِهِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ انْفِسَاخِهَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ كَمَا أَوْضَحَ ذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي فَتَاوِيهِ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الشُّرَّاحِ هُنَا، وَخَرَجَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ لَمْ يُشْرَطْ لَهُ نَظَرٌ عَامٌّ وَلَا خَاصٌّ فَلَا يَصِحُّ إيجَارُهُ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ، وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَهُ النَّاظِرُ وَلَوْ حَاكِمًا لِلْبَطْنِ الثَّانِي فَمَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ انْفَسَخَتْ لِانْتِقَالِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنَافِعِ إلَيْهِمْ، وَالشَّخْصُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا لَعَلَّهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ شَيْخُهُ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ أَبِيهِ وَأَقْبَضَهُ الْأُجْرَةَ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ وَالِابْنُ جَائِزٌ سَقَطَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ ضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ آخَرُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَرَجَعَ بِنِصْفِ الْأُجْرَةِ فِي تَرِكَةِ أَبِيهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ. وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ هُنَا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، وَقِيَاسُهُ فِي صُورَةِ الزَّرْكَشِيّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ (لَا) فِي (الصَّبِيِّ) فَلَا تَنْفَسِخُ لِبِنَاءِ وَلِيِّهِ تَصَرُّفَهُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ مَعَ عَدَمِ تَقْيِيدِ نَظَرِهِ، وَمِثْلُ بُلُوغِهِ بِالْإِنْزَالِ إفَاقَةُ مَجْنُونٍ وَرُشْدُ سَفِيهٍ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِزَوْجَتِهِ مَثَلًا مَا دَامَتْ عَازِبَةً أَوْ لِابْنِهِ إلَّا أَنْ يَفْسُقَ فَتَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ وَفَسَقَ أَنْ يَكُونَ كَالْمَوْتِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ النَّاظِرَ السَّابِقَ) الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِهِ وَلَا بِمَوْتِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ السَّابِقَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَوْتِهِ) أَيْ مَعَ مَوْتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِمَا مَا يُخَالِفُهُ) أَيْ بَلْ الَّذِي يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ أَوْ مَنْ وَلَّاهُ الْحَاكِمُ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُوَلًّى مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الْإِيجَارَ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَسْأَلَهُ التَّوْلِيَةَ عَلَى الْوَقْفِ لِيَصِحَّ إيجَارُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ خَشِيَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ تَغْرِيمَ دَرَاهِمَ لَهَا وَقَعَ أَوْ تَوْلِيَةَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ مِمَّنْ يَحْصُلُ مِنْهُ ضَرَرٌ لِلْوَقْفِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الْإِجَارَةُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ لِلضَّرُورَةِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ضَارَبَ) أَيْ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ (قَوْلُهُ: وَرُشْدُ سَفِيهٍ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِمَا الْإِجَارَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ جُنُونُهُ مُطْبِقًا، فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا وَأَجَّرَهُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْجُنُونِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْعَقْدُ فَهَلْ تَبْطُلُ فِيمَا زَادَ عَلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ أَجَّرَ الصَّبِيُّ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ أَوْ لَا، وَعَلَى الثَّانِي فَهَلْ تَنْفَسِخُ بِإِفَاقَتِهِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْعَادَةِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ خُولِفَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

تَثْبُتُ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تَثْبُتُ لِلضَّرُورَةِ وِلَايَةُ إجَارَةِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا الْوَاقِفُ؟ قُلْت: الْفَرْقُ أَنَّ النَّاظِرَ وِلَايَتُهُ عَلَى الْغَيْرِ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ مَشْرُوطًا بِشَرْطٍ، وَشُرُوطُ الْوَاقِفِينَ عُهِدَ مُخَالَفَتُهَا لِلضَّرُورَةِ؛ فَإِذَا وُجِدَتْ الضَّرُورَةُ جَازَ التَّصَرُّفُ عَلَى خِلَافِ الشَّرْطِ بِالْوِلَايَةِ الثَّابِتَةِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْحَاكِمِ وَأَمَّا هَذَا فَلَمْ يُثْبِتْ لَهُ الْوَاقِفُ وِلَايَةً عَلَى غَيْرِهِ أَصْلًا، وَالضَّرُورَةُ بِمُجَرَّدِهَا لَا تَصْلُحُ أَنْ تَثْبُتَ لَهُ وِلَايَةً لَمْ يُثْبِتْهَا لَهُ الْوَاقِفُ وَلَا الْحَاكِمُ.

نَعَمْ هُوَ كَالنَّاظِرِ الْعَامِّ فِي أَنَّ الضَّرُورَةَ تَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ شَرْطِ الْوَاقِفِ فِي الْمُدَّةِ لَكِنْ يَتَقَيَّدُ بَقَاؤُهَا بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ؛ فَإِذَا رَجَعَ الِاسْتِحْقَاقُ إلَى غَيْرِهِ انْفَسَخَتْ إجَارَتُهُ؛ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَى الْغَيْرِ كَمَا عَرَفْتَ، لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا انْفَسَخَتْ عَلَى مَنْ يَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ لِأَنَّ مَا أُخِذَ مِنْهُ لِمَصْلَحَةِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ فَصَارَ كَالْمَأْخُوذِ لِذَلِكَ بِالْفَرْضِ فَلْيُحَرَّرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَيَّدَ نَظَرُهُ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ بِمُدَّةِ اسْتِحْقَاقِهِ) أَيْ: وَلَوْ الْتِزَامًا لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ نَظَرُهُ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ إرْثُ الْمَنْفَعَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَدَمِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>