للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ) وَقِيلَ يَمْلِكُهُ كَالصَّدَقَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا يَقْصِدُ بِهِ تَمَلُّكَ رِيعِهِ، بِخِلَافِ مَا هُوَ تَحْرِيرُ نَصٍّ كَالْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ، وَلَوْ شَغَلَ الْمَسْجِدَ بِأَمْتِعَتِهِ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ، وَإِفْتَاءُ ابْنِ رَزِينٍ بِأَنَّهَا لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ مَرْدُودٌ كَمَا مَرَّ.

(وَمَنَافِعُهُ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مَقْصُودُهُ (يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ) إنْ كَانَ نَاظِرًا وَإِلَّا امْتَنَعَ عَلَيْهِ نَحْوُ الْإِجَارَةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنَّاظِرِ أَوْ نَائِبِهِ، وَذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَمْلَاكِ، وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَشْرِطْ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَمِنْهُ وَقَفَ دَارِهِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا مُعَلِّمُ الصِّبْيَانِ أَوْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ، وَمَا نُقِلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ دَارَ الْحَدِيثِ وَبِهَا قَاعَةٌ لِلشَّيْخِ أَسْكَنَهَا غَيْرَهُ اخْتِيَارٌ لَهُ، أَوْ لَعَلَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّ الْوَاقِفَ نَصَّ عَلَى سُكْنَى الشَّيْخِ، وَلَوْ خَرِبَتْ وَلَمْ يَعْمُرْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَوْ جَرَتْ لِلضَّرُورَةِ بِمَا تَعْمُرُ بِهِ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَقْفِ مَا يَعْمُرُ بِهِ سِوَى الْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ الِانْتِفَاعُ مِنْ عَيْنِ الْمَوْقُوفِ كَرَصَاصِ الْحَمَّامِ فَيَشْتَرِي مِنْ أُجْرَتِهِ بَدَلَ مَا فَاتَ.

قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِي كَوْنِهِ يَمْلِكُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرٌ.

وَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ عَلَى مُعَيَّنٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا إلَّا إنْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَيْهِ أَوْ شَرَطَ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ، وَلَا يَبْنِي مَا كَانَ مَغْرُوسًا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ثُبُوتُ شُرُوطِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا لَطَفَ اللَّهُ بِهِ: وَإِنَّمَا ثَبَتَ إلَخْ، هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا أَمَّا إنْ كَانَ جِهَةً عَامَّةً أَوْ نَحْوَ مَسْجِدٍ فَفِي الثُّبُوتِ بِمَا ذُكِرَ نَظَرٌ لِأَنَّ الْجِهَةَ لَا يَتَأَتَّى الْحَلِفُ مِنْهَا وَالنَّاظِرُ فِي حَلِفِهِ إثْبَاتُ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الرُّبُطُ وَالْمَدَارِسُ) أَيْ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ لِلْمَسْجِدِ تُصْرَفُ عَلَى مَصَالِحِهِ.

(قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ الْوَقْفُ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الْآتِي.

أَمَّا لَوْ وَقَفَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ اسْتَوْفَاهَا لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إعَارَةٌ وَلَا إجَارَةٌ عَلَى مَا يَأْتِي كَالْعَارِيَّةِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: فَيُمْتَنَعُ غَيْرُ سُكْنَاهُ) أَيْ فَلَوْ تَعَذَّرَ سُكْنَى مَنْ شُرِطَتْ لَهُ كَأَنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَى خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِ الْوَقْفِ أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ امْرَأَةً وَلَمْ يَرْضَ زَوْجُهَا بِسُكْنَاهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَشْرُوطِ لَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَمُنْقَطِعِ الْوَسَطِ فَيُصْرَفُ لِأَقْرَبِ رَحِمِ الْوَاقِفِ مَا دَامَ الْعُذْرُ مَوْجُودًا، وَلَا تَجُوزُ لَهُ إجَارَتُهُ لِبُعْدِ الْإِجَارَةِ عَنْ غَرَضِ الْوَاقِفِ مِنْ السُّكْنَى.

[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ بَيْتًا عَلَى نَفْسِهِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ عَلَى إخْوَتِهِ ثُمَّ إنَّهُ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ شُرُوطًا: مِنْهَا أَنَّ لِزَوْجَتِهِ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ مُدَّةَ حَيَاتِهَا عَازِبَةً كَانَتْ أَوْ مُتَزَوِّجَةً فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السَّكَنَ وَالْإِسْكَانَ لِجَمِيعِ الْبَيْتِ دُونَ الْإِخْوَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا؟ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا بِمَا صَوَّرْته: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَاهُ صَارَ مَذْهَبُنَا تَابِعًا لِمَذْهَبِهِ فَتَسْتَحِقُّ الزَّوْجَةُ الْمَذْكُورَةُ السُّكْنَى وَالْإِسْكَانَ، فَإِنْ اتَّفَقَ اسْتِيعَابُهَا الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ فَلَا حَقَّ لِإِخْوَةٍ مَعَهَا فِي الْبَيْتِ فَلَا يُزَاحِمُونَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ مَا دَامَتْ سَاكِنَةً أَوْ مُسْكَنَةً لَا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا بِإِيجَارِهِمْ لِغَيْرِهِمْ، وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ يَزِيدُ عَلَى مَا هِيَ مُنْتَفِعَةٌ بِهِ كَانَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَإِذَا أَعْرَضَتْ عَنْ الْمَحَلِّ أَوْ مَنَعَهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ مَانِعٌ كَانَ الْحَقُّ لَهُمْ مَا دَامَتْ تَارِكَةً لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرِبَتْ) أَيْ الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى مُعَلِّمِ الصِّبْيَانِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَمِّرْهَا أَيْ تَبَرُّعًا.

(قَوْلُهُ: وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ يَمْلِكُهَا: أَيْ الْأَجْزَاءَ الْفَائِتَةَ إذَا بَقِيَ لَهَا صُورَةٌ، وَقَوْلُهُ نَظَرًا لِأَقْرَبِ الْمِلْكِ.

(قَوْلُهُ: امْتَنَعَ عَلَيْهِ غَرْسُهَا) أَيْ وَيَنْتَفِعُ بِهَا فِيمَا تَصْلُحُ لَهُ غَيْرَ مَغْرُوسَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ الْبِنَاءُ) أَيْ فَلَوْ وَقَفَ أَرْضًا خَالِيَةً مِنْ الْبِنَاءِ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا مَا لَمْ يَشْرِطْ لَهُ جَمِيعَ الِانْتِفَاعَاتِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَقَفَ شَخْصٌ دَارًا كَانَتْ مُشْتَمِلَةً عَلَى أَمَاكِنَ وَخَرِبَ بَعْضُهَا قَبْلَ الْوَقْفِيَّةِ فَيَنْبَغِي جَوَازُ بِنَاءِ مَا كَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ) أَيْ: لِلْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي بَابِ الْغَصْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>