وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ، وَمَنْ خَرَّجَ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَى أَقْوَالِ الْمِلْكِ فَقَدْ شَذَّ.
أَمَّا الْمُطَاوِعَةُ إذَا زَنَى بِهَا وَهِيَ مُمَيَّزَةٌ فَلَا مَهْرَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ (لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ) مَثَلًا الْمَوْقُوفُ (إذَا أُتْلِفَ) مِنْ وَاقِفٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى كَأَنْ اسْتَعْمَلَهُ فِي غَيْرِ مَا وَقَفَ لَهُ أَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدٍ ضَامِنَةٍ لَهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَدَّ بِإِتْلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا كَمَا لَوْ وَقَعَ مِنْهُ كُوزُ سَبِيلٍ عَلَى حَوْضٍ فَانْكَسَرَ مِنْ غَيْرِ قَصِيرٍ (بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدٌ لِيَكُونَ وَقْفًا مَكَانَهُ) مُرَاعَاةً لِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَبَقِيَّةِ الْبُطُونِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ وَإِنْ كَانَ لِلْوَقْفِ نَاظِرٌ خَاصٌّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَوْقُوفَ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى، أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ إنَّمَا هُوَ فِي بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ لَا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَأَمَّا مَا يَبْنِيهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ فِي الْجُدَرَانِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمُوصَى لَهُ أَتَمُّ مِنْ مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُ الْإِجَارَةَ وَالْإِعَارَةَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مَالِكِ الرَّقَبَةِ وَتُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ النَّاظِرِ وَلَا تُورَثُ عَنْهُ الْمَنَافِعُ رَمْلِيٌّ. انْتَهَى شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّ الْمُوصِيَ بِعَيْنِهَا يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا بِحَيْثُ يَتَصَرَّفُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَقَدْ شَذَّ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ وَإِنْ قِيلَ بِمِلْكِهَا لَهُ لَيْسَ مِلْكًا حَقِيقِيًّا يُبِيحُ الْوَطْءَ وَلِذَا لَا يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْوَقْفِ (قَوْلِهِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ هُوَ الْحَاكِمُ) مُعْتَمَدٌ، وَقَوْلُهُ مِلْكٌ لِلَّهِ تَعَالَى: أَيْ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ) وَمِنْهُ الْحُصُرُ إذَا اشْتَرَاهَا النَّاظِرُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَمِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُعَمِّرُهُ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ مُسْتَقِلًّا كَبِنَاءِ بَيْتٍ لِلْمَسْجِدِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْجُدَرَانِ مِمَّا ذُكِرَ يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ) أَيْ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ أَوْ الْعِمَارَةِ، فَإِنْ عَمَّرَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يُنْشِئْ ذَلِكَ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ وَيَصْدُقُ فِي عَدَمِ الْإِنْشَاءِ، أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ رِيعِهِ فَهُوَ مِلْكٌ لِلْمَسْجِدِ مَثَلًا يَبِيعُهُ إذَا اقْتَضَتْهُ الْمَصْلَحَةُ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ دَخَلَ فِي جِهَتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ الْعِمَارَةَ بِهِ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَيَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَخَفْ مِنْ الرَّفْعِ إلَيْهِ غَرَامَةَ شَيْءٍ، فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الصَّرْفُ بِشَرْطِ الْإِشْهَادِ، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَبْرَأْ لِأَنَّ فَقْدَ الشُّهُودِ نَادِرٌ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَلِ الرَّقِيقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَصِرْ مَوْقُوفًا بِلَا إنْشَاءِ وَقْفٍ
[حاشية الرشيدي]
وَلَعَلَّ الْكَتَبَةَ أَسْقَطَتْهُ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُمَيِّزَةٌ) لَعَلَّهُ وَهِيَ بَالِغَةٌ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْمَارَّ أَوْ مُطَاوِعَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِفِعْلِهَا لِصِغَرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ تَعَدَّى) قَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْوَاقِفَ وَالْأَجْنَبِيَّ ضَامِنَانِ مُطْلَقًا، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا إذَا أَتْلَفَاهُ بِغَيْرِ تَعَدٍّ كَأَنْ اسْتَعْمَلَاهُ فِيمَا وُقِفَ لَهُ بِإِجَارَةٍ مَثَلًا؛ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ كَذَا لَرَجَعَ الْقَيْدُ لِلْجَمِيعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا اشْتَرَاهُ النَّاظِرُ إلَى قَوْلِهِ فَالْمُنْشِئُ لِوَقْفِهِ هُوَ النَّاظِرُ) مَحَلُّهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ مِنْ جِهَةِ مُشْتَرِيهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا يُنْشِئُهُ مِنْ مَالِهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي شِرَاءِ الْبَدَلِ لَا فِي وَقْفِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ يُعْمِرُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) أَيْ فِي غَيْرِ جُدْرَانِ الْوَقْفِ لِمَا سَيَأْتِي فِيهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الصُّورَةَ هُنَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى نَحْوِ مَسْجِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَدَلِ الْمَوْقُوفِ وَاضِحٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ وَقْفِهِ إلَخْ) مِنْ فَتَاوَى وَالِدِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فِي الْجُدْرَانِ الْمَوْقُوفَةِ) خَرَجَ بِهِ مَا يُنْشِئُهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ فَلَا يَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الْبِنَاءِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَإِنْ اقْتَضَى التَّوْجِيهُ الْآتِي صَيْرُورَتَهُ كَذَلِكَ؛ إذْ قَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الِاقْتِضَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute