عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ خِلَافَهُ.
نَعَمْ يُقِيمُ الْحَاكِمُ مُتَكَلِّمًا غَيْرَهُ مُدَّةَ إعْرَاضِهِ، فَلَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ (فَالنَّظَرُ لِلْقَاضِي)
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَبَاشَرَ الْمَفْرُوغَ لَهُ فِيهِمَا مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ الْفَارِغُ عَنْ أَوْلَادٍ، وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ يَنْتَقِلُ لِلْأَوْلَادِ عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ ثُمَّ مَا اسْتَغَلَّهُ الْمَفْرُوغُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ سِيَّمَا وَقَدْ قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَقْرِيرَهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَارِغِ، وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ عَلَى تَرِكَةِ الْفَارِغِ بِمَا أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَاغِ وَإِنْ انْتَقَلَتْ الْوَظِيفَةُ عِنْدَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ الدَّرَاهِمَ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ لَهُ وَقَدْ وُجِدَ وَقَرَّرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى مُقْتَضَاهُ.
وَأَمَّا أَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَلَا يَقْتَضِي الرُّجُوعَ لِنِسْبَتِهِ فِي عَدَمِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ أَوَّلًا إلَى تَقْصِيرٍ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شَيْئًا وَهُوَ مَغْبُونٌ فِيهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقِيمَتِهِ، وَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ مَا يُصَرِّحُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِلْأَوْلَادِ حَيْثُ قَالَ فِي جَوَابٍ فِي صُورَتِهِ سُئِلَ عَنْ وَاقِفِ شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَأَوْلَادِهِ وَذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ نَزَلَ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَنْزُولُ لَهُ شَيْئًا بَلْ يُقَرِّرُ النَّاظِرُ الشَّرْعِيُّ غَيْرَهُمَا، ثُمَّ إنَّ فُلَانًا فَرَغَ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ وَقَرَّرَ النَّاظِرُ أَجْنَبِيًّا غَيْرَهُمَا.
ثُمَّ مَاتَ النَّازِلُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ أَوْلَادُهُ الْوَظِيفَةَ بَعْدَهُ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلِصِدْقِ الْبَعْدِيَّةِ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَوْلَادِ بَقَاءَ اسْتِحْقَاقِ وَالِدِهِمْ ذَلِكَ إلَى وَفَاتِهِ، وَمَا نُسِبَ إلَيَّ مِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَقَدْ رَجَعْت عَنْهُ إنْ كَانَ صَحِيحًا انْتَهَى.
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ رَجُلٍ وَقَفَ وَقْفًا مُسْتَوْفِيًا لِلشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ وَعَيَّنَ فِيهِ وَظَائِفَ مِنْ جُمْلَتِهَا وَظِيفَةُ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى وَقْفِهِ وَجَعَلَهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَكَذَلِكَ جَعَلَ غَيْرَهَا لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ شَرَطَ فِي مَكْتُوبِ وَقْفِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْأَشْخَاصِ الْمَجْعُولِ لَهُمْ الْوَظَائِفُ الْمَذْكُورَةُ وَلَهُ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ أَوْ أَخٌ أَوْ قَرِيبٌ قَرَّرَ مَكَانَهُ، ثُمَّ إنَّ وَلَدَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَرَغَ عَنْ الْوَظِيفَةِ الْمَذْكُورَةِ لِشَخْصٍ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ الْفَرَاغُ لِأَشْخَاصٍ مُتَعَدِّدِينَ ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُقَرِّرُ الْمَذْكُورُ الصَّادِرُ مِنْهُ الْفَرَاغُ الْمَذْكُورُ وَتَرَكَ وَلَدًا، ثُمَّ إنَّ الْوَلَدَ تَنَازَعَ مَعَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ فَهَلْ لَهُ الْمُنَازَعَةُ فِيهَا أَمْ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ الْآنَ أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ وَالْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ الْوَاقِفُ فِي شَرْطِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَرَّرَ مَكَانَهُ سَقَطَ حَقُّ الْمُقَرِّرِ فِي الْوَظِيفَةِ بِفَرَاغِهِ عَنْهَا، فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ حَقٌّ لِأَنَّ أَبَاهُ حِينَ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَظِيفَةِ يَنْتَقِلُ عَنْهُ لِوَلَدِهِ فَيَسْتَمِرُّ الْحَقُّ فِيهَا لِمَنْ قَرَّرَ بِالْفَرَاغِ، وَلَا حَقَّ لِلْوَلَدِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمُنَازَعَتِهِ إذْ لَمْ يَشْرِطْ الْوَاقِفُ لِغَيْرِهِ مَنْ قَرَّرَ عَنْ وَالِدِهِ حَقًّا وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى الشَّمْسُ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْطِ الْوَظِيفَةِ الْفُلَانِيَّةِ لِزَيْدٍ وَلِأَوْلَادِهِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، ثُمَّ فَرَغَ زَيْدٌ عَنْ وَظِيفَتِهِ لِآخَرَ ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ عَنْ أَوْلَادٍ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ لِأَوْلَادِ الْفَارِغِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ وَلِذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لِزَيْدٍ وَلَمْ يَذْكُرْ ذُرِّيَّتُهُ مِنْ بَعْدِهِ عَدَمَ الِانْتِقَالِ لِلْأَوْلَادِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَزِدْ وَاقِفُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ يَجُوزُ مَكَانَهُ فَأَفَادَ ذَلِكَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَدِ الْمَذْكُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي حَجّ: فَرْعٌ: شَرَطَ الْوَاقِفُ لِنَاظِرِ وَقْفِهِ فُلَانٍ قَدْرًا فَلَمْ يَقْبَلْ النَّظَرَ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ بِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِمَعْلُومِ النَّظَرِ مِنْ حِينِ آلَ إلَيْهِ، كَذَا قِيلَ، وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ فِي الْمَعْلُومِ الزَّائِدِ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ كَوْنَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلٍ، بِخِلَافِ الْمَعْلُومِ الْمُسَاوِي لِأُجْرَةِ مِثْلِ نَظَرِ هَذَا الْوَقْفِ أَوْ النَّاقِصِ عَنْهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ فِيمَا مَضَى لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فَلَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِهِ لَهُ اهـ.
وَفِيهِ أَيْضًا: وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَوْ خَشِيَ مِنْ الْقَاضِي أَكْلَ الْوَقْفِ لِجَوْرِهِ جَازَ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ صَرْفُهُ فِي مَصَارِفِهِ وَلَوْ بِإِجَارَتِهِ إنْ عَرَفَهَا، وَإِلَّا فَوَّضَهُ لِفَقِيهٍ عَارِفٍ بِهَا أَوْ سَأَلَهُ وَصَرَفَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ لِأَحَدٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ شَرْطَهُ لِأَحَدٍ سَوَاءٌ عَلِمَ شَرْطَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute