- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ جَمَاعَةٍ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ كُتُبِ الْحَدِيثِ إذَا كَتَبَ فِيهَا سَمَاعَ غَيْرِهِ مَعَهُ لَهَا أَنْ يُعِيرَهُ إيَّاهَا لِيَكْتُبَ سَمَاعَهُ مِنْهَا، وَلَوْ تَغَيَّرَتْ الْمُعَامَلَةُ وَجَبَ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ مِمَّا كَانَ يَتَعَامَلُ بِهِ حَالَ الْوَقْفِ زَادَ سِعْرُهُ أَمْ نَقَصَ سَهُلَ تَحْصِيلُهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ فُقِدَ اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْمُطَالَبَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ حِينَئِذٍ وَإِلَّا وَجَبَ مِثْلُهُ، وَيَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ شَرْطُ قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ النَّقْرَةِ.
قَالَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَدْ قِيلَ إنَّهَا حُرِّرَتْ فَوُجِدَ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا يُسَاوِي سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا مِنْ الدَّرَاهِمِ الْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا الْآنَ (إلَّا أَنْ يَشْرِطَ نَظَرَهُ) أَوْ تَدْرِيسَهُ مَثَلًا (حَالَ الْوَقْفِ) بِأَنْ يَقُولَ: وَقَفْت هَذَا مَدْرَسَةً بِشَرْطِ أَنَّ فُلَانًا نَاظِرُهَا أَوْ مُدَرِّسُهَا وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ كَغَيْرِهِ عَزْلُهُ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يُخِلُّ بِنَظَرِهِ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهُ بَعْدَ شَرْطِهِ لِغَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَزَلَ الْمَشْرُوطُ لَهُ نَفْسَهُ لَمْ يُنَصِّبْ بَدَلَهُ سِوَى الْحَاكِمِ كَمَا مَرَّ، أَمَّا لَوْ قَالَ وَقَفْته وَفَوَّضْت ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ، وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَرْشَدِيَّةِ زَيْدٍ ثُمَّ أُخْرَى بِأَرْشَدِيَّةِ عَمْرٍو وَقَصُرَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ، ثُمَّ هَلْ يَسْقُطَانِ أَمْ يُشْتَرَطُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو، وَبِالثَّانِي أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ، أَمَّا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا فَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ الْحُكْمُ بِالثَّانِيَةِ إنْ صَرَّحَتْ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ، وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ بِمَنْعِ أَنَّ مُقْتَضَاهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا مُقْتَضَاهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّا إنَّمَا نَحْكُمُ بِالثَّانِيَةِ إذَا تَغَيَّرَ حَالُ الْأَرْشَدِ الْأَوَّلِ.
(وَإِذَا) (أَجَّرَ النَّاظِرُ) الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ جِهَةٍ إجَارَةٍ صَحِيحَةً (فَزَادَتْ الْأُجْرَةُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ ظَهَرَ طَالِبٌ بِالزِّيَادَةِ) (لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ فِي الْأَصَحِّ) لِوُقُوعِهِ بِالْغِبْطَةِ فِي وَقْتِهِ فَأَشْبَهَ ارْتِفَاعَ الْقِيمَةِ أَوْ الْأُجْرَةِ بَعْدَ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةِ مَالِ الْمَحْجُورِ.
وَالثَّانِي تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ لِلزِّيَادَةِ وَقْعٌ وَالطَّالِبُ ثِقَةٌ لِتَبَيُّنِ وُقُوعِهِ عَلَى خِلَافِ الْمَصْلَحَةِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ بِهَا وَإِلَّا لَمْ يُعْتَبَرْ جَزْمًا.
وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ أَوْ مَأْذُونَهُ جَازَ إيجَارُهُ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْجَهُ انْفِسَاخُهَا بِانْتِقَالِهَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَجَّرَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ حَالَةَ الْعَقْدِ ثُمَّ تَغَيَّرَتْ الْأَحْوَالُ فَزَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهَا وَخَطَؤُهُمَا، لِأَنَّ تَقْوِيمَ الْمَنَافِعِ الْمُسْتَقْبَلَةِ إنَّمَا يَصِحُّ حَيْثُ اسْتَمَرَّتْ حَالَةَ الْعَقْدِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهَا أَحْوَالٌ تَخْتَلِفُ بِهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهُ بَانَ أَنَّ الْمُقَوِّمَ لَهَا لَمْ يُوَافِقْ تَقْوِيمُهُ الصَّوَابَ انْتَهَى.
وَيُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي آخِرَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَنَّ كَلَامَهُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بَاقِيَةً بِحَالِهَا بِحَيْثُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: الْمُتَعَامَلُ بِهَا الْآنَ) وَقِيمَتُهَا إذْ ذَاكَ نِصْفُ فِضَّةٍ وَثُلُثٌ وَتُسَاوِي الْآنَ أَرْبَعَةَ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَنِصْفَ نِصْفٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ كَالشَّرْطِ) أَيْ فَلَهُ عَزْلُهُ حَيْثُ شَرَطَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ كَأَنْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى كَذَا بِشَرْطِ أَنَّ النَّظَرَ فِيهِ لِي وَفَوَّضْت التَّصَرُّفَ فِيهِ لِفُلَانٍ.
(قَوْلُهُ: وَتَرَدَّدَ السُّبْكِيُّ) هَذِهِ مُسَاوِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ جَعَلَهُ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ إلَخْ، غَايَتُهُ أَنَّ هَذِهِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى نِسْبَتِهَا لِقَائِلِهَا.
(قَوْلُهُ: إذَا كَثُرَ الطَّالِبُ) أَيْ كَثْرَةً يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْخُذْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ الْآخَرُ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) أَيْ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُ لِرِضَاهُ أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ بِالْإِذْنِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ إذْنَهُ قَبْلَ انْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ لَغْوٌ وَذَلِكَ يَقْتَضِي انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ عَنْ الْمُؤَجَّرِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَتَبَيَّنَ بُطْلَانُهَا) ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ وَاَلَّذِي
ــ
[حاشية الرشيدي]
لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّاظِرِ الْعِلْمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَدْرِيسَهُ) أَيْ: مَثَلًا كَمَا فِي التُّحْفَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا حَلَّ بِهِ فِي الْمَتْنِ فِيمَا مَرَّ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى مَا إذَا وَلَّى تَائِبًا عَنْهُ فِي النَّظَرِ، عَلَى أَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْرِطْ تَدْرِيسَهُ فِي الْوَقْفِ وَقَرَّرَهُ فِيهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ النَّظَرُ لَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَزْلُهُ، أَيْ وَلَوْ بِلَا سَبَبٍ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا فَلْيُتَأَمَّلْ
. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُؤَجِّرُ الْمُسْتَحِقَّ إلَخْ) أَيْ: فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ.