للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَا فِيهِ مِنْ نَحْوِ حِقْدٍ وَغَيْظٍ، وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ حُكْمُ هَدِيَّةِ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا، وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صَرْفُ مَا يَأْخُذُهُ فِي مَعْصِيَةٍ (التَّمْلِيكِ) لِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ بِتَفْصِيلِهِ الْآتِي أَوْ مَنْفَعَةٍ عَلَى مَا يَأْتِي (بِلَا عِوَضٍ هِبَةٌ) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلُ لِلْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ وَقَسِيمِهِمَا وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ الْحَدُّ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ إلَيْهِ لَفْظُ الْهِبَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ عَدَمُ مُنَافَاتِهِ لِمَا ذُكِرَ هُنَا فَخَرَجَ بِالتَّمْلِيكِ الضِّيَافَةُ وَالْعَارِيَّةُ فَإِنَّهُمَا إبَاحَةٌ وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ، وَالْوَقْفُ فَإِنَّهُ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ لَا عَيْنٍ عَلَى مَا قِيلَ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِبَاحَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَخْرُجُ الْهَدِيَّةُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ لِغَنِيٍّ فَإِنَّهُ فِيهِ تَمْلِيكًا، وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ وَزِيدَ فِي الْحَدِّ فِي الْحَيَاةِ لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّ التَّمْلِيكَ فِيهَا إنَّمَا يَتِمُّ بِالْقَبُولِ وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مَمْنُوعٌ، وَتَطَوَّعَا لِإِخْرَاجِ نَحْوِ الْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالزَّكَاةِ، وَيَرُدُّ بِمَنْعِ التَّمْلِيكِ فِيهَا بَلْ هِيَ كَوَفَاءِ الدُّيُونِ (فَإِنْ) (مَلَكَ) شَيْئًا بِلَا عِوَضٍ (مُحْتَاجًا)

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) وَكَذَا غَيْرُهُ كَالْهِبَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ سم (قَوْلُهُ: فِي مَعْصِيَةٍ) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي ذَلِكَ بِاعْتِقَادِ الدَّافِعِ أَوْ بِاعْتِقَادِ الْآخَرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، فَلَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَهْدَاهُ لِحَنَفِيٍّ لِيَصْرِفَهُ فِي نَبِيذٍ كَانَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ مَا وُهِبَتْ مَنَافِعُهُ عَارِيَّةً أَوْ أَمَانَةً، وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقَسِيمُهُمَا) وَهُوَ الْهِبَةُ الْمُفْتَقِرَةُ لِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ اهـ سم عَلَى حَجّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي التَّقْدِيمِ مَا يُشْعِرُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَلَيْسَتْ إرَادَةُ الْمَعْنَى مُقْتَضِيَةً لِلتَّقْدِيمِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُخَالَفَةُ الْأُسْلُوبِ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَا هُنَا عَلَى خِلَافِ الْمُتَعَارَفِ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ يُؤَدِّي إلَى الْبَحْثِ عَمَّا يَقْتَضِيهِ فَرُبَّمَا ظَهَرَ لِلنَّاظِرِ أَنَّهُ لِإِرَادَةِ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ.

(قَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنْ الضِّيَافَةِ وَالْعَارِيَّةِ، وَالْمُرَادُ مَا يَأْكُلُهُ الضَّيْفُ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ بِالِاسْتِعَارَةِ شَيْئًا، وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ قَدْ يُعِيرُهُ شَاةً لِلَبَنِهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّاجِحَ فِيهِ أَنَّ اللَّبَنَ وَنَحْوَهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِبَاحَةِ وَالشَّاةَ بِالْعَارِيَّةِ فَلَمْ يَمْلِكْ بِالْعَارِيَّةِ شَيْئًا، وَلَوْ أَخَّرَ الضِّيَافَةَ عَنْ الْعَارِيَّةِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ كَمَا فَعَلَ حَجّ كَانَ أَوْلَى، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ أَيْ مِنْ الْوَضْعِ فِي الْفَمِ أَوْ الِازْدِرَادِ أَوْ التَّقْدِيمِ لَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: وَالْوَقْفُ) فِي إخْرَاجِ التَّمْلِيكِ الْمَذْكُورِ لِلْوَقْفِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الشَّارِحَ جَعَلَهُ شَامِلًا لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةِ.

نَعَمْ هُوَ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ فِيهِ أَصْلًا مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوَ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ) عِبَارَةُ حَجّ: نَحْوَ الْبَيْعِ لِأَمْرٍ عَرَضِيٍّ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ الْأُضْحِيَّةِ الْمُمْتَنِعِ فِيهَا ذَلِكَ وَبِلَا عِوَضٍ نَحْوَ الْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا اعْتَرَضَ بِهِ) أَيْ عَلَى زِيَادَةِ الْحَيَاةِ فِي الْحَدِّ (قَوْلُهُ: مَمْنُوعٌ) لَعَلَّ صُورَةَ الِاعْتِرَاضِ أَنَّ التَّمْلِيكَ فِي الْوَصِيَّةِ يَحْصُلُ بِالْإِيجَابِ وَيَتَأَخَّرُ الْمِلْكُ لِلْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَنَدُ الْمَنْعِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ صِيغَةَ الْإِيجَابِ بِمُجَرَّدِهَا يَحْصُلُ بِهَا تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ: كَوَفَاءِ الدُّيُونِ) وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهَا كَوَفَاءِ الدُّيُونِ لَا يَمْنَعُ أَنَّ فِيهَا تَمْلِيكًا اهـ حَجّ وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم: وَالنَّظَرُ قَوِيٌّ جِدًّا انْتَهَى.

وَقَدْ يُجَابُ عَنْ النَّظَرِ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ فِي الزَّكَاةِ مَلَكُوا قَبْلَ أَدَاءِ الْمَالِكِ فَإِعْطَاؤُهُ تَفْرِيغٌ لِمَا فِي ذِمَّتِهِ لَا تَمْلِيكَ مُبْتَدَأٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

بِضَمِّهَا لَمْ أَعْرِفْ سَبَبَهُ. (قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ) قَدْ يُقَالُ هَلَّا عَبَّرَ بِالْهِبَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ ذِكْرِهِ لِلْحَدِّ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ مِنْ تَقْدِيمِهِ فَيَكُونُ الْغَالِبُ ذِكْرَهُ لَهُ لَكِنْ مُؤَخَّرًا إذْ هَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ الشَّيْخِ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا إبَاحَةٌ) يَعْنِي: الضِّيَافَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُقَدَّمَةً فِي الذِّكْرِ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ تَقْدِيمَهَا مِنْ الْكَتَبَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ عَلَيْهِ نَحْوُ الْبَيْعِ كَالْهِبَةِ بِثَوَابٍ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>