للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ (وَ) مِنْ ثَمَّ (يَكُونُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ) فَيَجْرِي فِيهِ عَقِبَ الْعَقْدِ أَحْكَامُهُ كَالْخِيَارَيْنِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ وَالشُّفْعَةُ وَعَدَمُ تَوَقُّفِ الْمِلْكِ عَلَى الْقَبْضِ، وَالثَّانِي يَكُونُ هِبَةً نَظَرًا لِلَّفْظِ فَلَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ (أَوْ) بِشَرْطِ ثَوَابٍ (مَجْهُولٍ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) لِتَعَذُّرِ صِحَّتِهِ بَيْعًا لِجَهَالَةِ الْعِوَضِ وَهِبَةٍ لِذِكْرِ الثَّوَابِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا لَا تَقْتَضِيهِ، وَقِيلَ: تَصِحُّ هِبَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَقْتَضِيهِ.

(وَلَوْ بَعَثَ هَدِيَّةً) لَمْ يُعَدَّهُ بِالْبَاءِ لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ خِلَافًا لِتَصْوِيبِ الْحَرِيرِيِّ تَعَيَّنَ تَعْدِيَتُهُ بِهَا (فِي ظَرْفٍ) أَوْ وَهَبَ شَيْئًا فِي ظَرْفٍ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ (فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَّةِ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ فِي الْأَفْصَحِ (تَمْرٍ) أَيْ وِعَائِهِ الَّذِي يُكْنَزُ فِيهِ مِنْ، نَحْوِ خُوصٍ وَلَا يُسَمَّى بِذَلِكَ إلَّا وَهُوَ فِيهِ وَإِلَّا فَزِنْبِيلٌ وَكَعُلْبَةِ حَلْوَى (فَهُوَ هَدِيَّةٌ) أَوْ هِبَةٌ (أَيْضًا) تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُضْطَرِدِ، وَكِتَابُ الرِّسَالَةِ يَمْلِكُهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ.

قَالَهُ الْمُتَوَلِّي، وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ هُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْكَاتِبِ وَيَمْلِكُ الْمَكْتُوبُ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْإِبَاحَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اُعْتِيدَ رَدَّهُ أَوْ اضْطَرَبَتْ الْعَادَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي (فَلَا) يَكُونُ هَدِيَّةً بَلْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ) لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (إلَّا فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ إنْ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ) عَمَلًا بِهَا وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ، وَيُسَنُّ رَدُّ الْوِعَاءِ حَالًا لِخَبَرٍ فِيهِ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِي مَأْكُولٍ، أَمَّا غَيْرُهُ فَيَخْتَلِفُ رَدُّ طَرَفِهِ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ النَّوَاحِي فَيُتَّجَهُ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ بِعُرْفِهِمْ وَفِي كُلِّ قَوْمٍ عُرْفُهُمْ بِاخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ، وَلَوْ خَتَنَ وَلَدَهُ وَحَمَلَتْ لَهُ هَدَايَا مَلَكَهَا الْأَبُ، وَقَالَ جَمْعٌ لِلِابْنِ فَيَلْزَمُ الْأَبَ قَبُولُهَا: أَيْ عِنْدَ انْتِفَاءِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَفْتَدِيَ بِمَالٍ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ الْمُتَقَوِّمِ عَلَيْهِ بِمَالٍ. اهـ. حَجّ.

أَقُولُ: وَظَاهِرُ التَّمْثِيلِ بِتَزْوِيجِ بِنْتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَطْلُبَ الثَّيِّبُ تَزْوِيجَهَا مِنْهُ وَيُمْتَنَعَ بِحَيْثُ يَكُونُ عَاضِلًا وَبَيْنَ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْخَاطِبَ يَطْلُبُ مِنْ الْوَلِيِّ التَّزْوِيجَ فَيَمْتَنِعُ مِنْ إجَابَتِهِ إلَّا بِجُعْلٍ، غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الثَّانِيَةَ بِخُصُوصِهَا قَدْ يُقَالُ فِيهَا: إنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ فِعْلٍ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَهُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ وَالتَّزْوِيجَ لِغَيْرِهِ.

بَقِيَ أَنَّهُ جَرَتْ عَادَةُ كَثِيرٍ أَنَّهُمْ عِنْدَ الْخِطْبَةِ يَدْفَعُونَ أُمُورًا اُعْتِيدَتْ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلْمَوْلَى مِنْ غَيْرِ سَبْقِ امْتِنَاعٍ مِنْهُ مِنْ التَّزْوِيجِ لَوْ لَمْ يُعْطُوهُ، فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مَحْضًا فَلَا يَحْرُمُ قَبُولُهُ، أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَتِهِمْ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّزْوِيجِ بِدُونِهِ نَزَلَتْ عَادَتُهُمْ مَنْزِلَةَ طَلَبِهِ، فِيهِ نَظَرٌ؟ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ بُطْلَانُهُ) أَيْ وَيَكُونُ مَقْبُوضًا بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغُصُوبِ

(قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ) فِي الْمِصْبَاحِ بَعَثْت رَسُولًا بَعْثًا أَرْسَلْته وَأَبْعَثْتُهُ كَذَلِكَ، وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ كَسَرْته فَانْكَسَرَ، وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْته، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْت بِهِ، وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ: أَيْ أَهَبُهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ اهـ.

وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَعَيُّنَ الْبَاءِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ هَدِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ أَيْضًا) [تَنْبِيهٌ] أَيْضًا مِنْ آضَ إذَا رَجَعَ فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لَكِنَّ عَامِلَهُ يُحْذَفُ وُجُوبًا سَمَاعًا، وَيَجُوزُ كَوْنُهُ حَالًا حُذِفَ عَامِلُهَا وَصَاحِبُهَا، وَقَدْ يَقَعُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ كَيَحِلُّ أَكْلُ الْهَدِيَّةِ، وَيَحِلُّ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ ظَرْفِهَا فِي أَكْلِهَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِذِكْرِ حِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حِلِّ أَكْلِهَا حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحِلِّ الْأَكْلِ مِنْ ظَرْفِهَا، وَقَدْ لَا كَمَا هُنَا: أَيْ ارْجِعْ إلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِحُكْمِ الْمَظْرُوفِ رُجُوعًا أَوْ أَخْبَرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حُكْمِ الْمَظْرُوفِ حَالَ كَوْنِي رَاجِعًا إلَى الْإِخْبَارِ بِحُكْمِ الظَّرْفِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ شَيْئَيْنِ وَلَوْ تَقْدِيرًا، بِخِلَافِ جَاءَ زَيْدٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا تَوَافُقٌ فِي الْعَامِلِ، بِخِلَافِ جَاءَ وَمَاتَ أَيْضًا، وَيُمْكِنُ اسْتِقْلَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَامِلِ بِخِلَافِ اخْتَصَمَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو أَيْضًا اهـ حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَدُلَّ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ) كَأَنْ كَتَبَ لَهُ فِيهِ رُدَّ الْجَوَابَ بِظَهْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا، قَوْلُهُ عَلَى عَوْدِهِ: أَيْ أَوْ إخْفَائِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ عَارِيَّةً حِينَئِذٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَيَجُوزُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>