للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ بِصِحَّةِ تَعْرِيفِ الصَّبِيِّ بِحَضْرَةِ الْوَلِيِّ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْفَاسِقِ مَعَ الْمُشْرِفِ، وَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ، بِخِلَافِ السَّفِيهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ لِأَنَّهُ يُوثَقُ بِقَوْلِهِ دُونَهُمَا (وَيَتَمَلَّكُهَا لِلصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ (إذَا رَأَى ذَلِكَ) مَصْلَحَةً لَهُ وَذَلِكَ (حَيْثُ يَجُوزُ الِاقْتِرَاضُ لَهُ) لِأَنَّ تَمَلُّكَهُ إيَّاهَا فِي مَعْنَى الِاقْتِرَاضِ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ حَفِظَهَا أَوْ سَلَّمَهَا لِلْحَاكِمِ وَلِلْوَلِيِّ وَغَيْرِهِ أَخْذُهَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ عَلَى وَجْهِ الِالْتِقَاطِ لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ (وَيَضْمَنُ) فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ حَاكِمًا فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ (إنْ قَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهِ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ الْمَحْجُورِ (حَتَّى تَلِفَ) أَوْ أُتْلِفَ (فِي يَدِ الصَّبِيِّ) أَوْ نَحْوِهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ قَصَّرَ فِي حِفْظِ مَا احْتَطَبَهُ ثُمَّ يُعَرِّفُ التَّالِفَ، فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ لَمْ يُعْلِمْ بِهَا الْوَلِيَّ فَأَتْلَفَهَا نَحْوُ الصَّبِيِّ ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُتْلِفْهَا لَمْ يَضْمَنْهَا أَحَدٌ، وَإِنَّ تَلِفَتْ بِتَقْصِيرٍ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِهَا حَتَّى كَمُلَ الْأَخْذُ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَخَذَهَا حَالَ كَمَالِهِ سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ الْحَاكِمَ فَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ أَمْ لَا كَمَا هُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لِلصَّيْمَرِيِّ يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ.

(وَالْأَظْهَرُ بُطْلَانُ) (الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْقِنِّ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ وَلَمْ يَنْهَهُ، وَإِنْ نَوَى سَيِّدُهُ لِأَنَّهُ يَعْرِضُهُ لِلْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهَا لِوُقُوعِ الْمِلْكِ لَهُ وَلِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ وِلَايَةٍ وَتَمَلُّكٍ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ الْفَاسِقِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ انْتَفَتْ عَنْهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّائِبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ مَعْنَى الِاكْتِسَابِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْتَقِطْ عَنْ نَفْسِك فِيمَا يَظْهَرُ، وَالثَّانِي صِحَّتُهُ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ.

أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ وَلَوْ فِي مُطْلَقِ الِاكْتِسَابِ فَيَصِحُّ وَإِنْ نَهَاهُ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (وَلَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ) إذَا بَطَلَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

يَأْتِي أَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَاحِقٌ لَهُ (قَوْلُهُ: نَعَمْ صَرَّحَ الدَّارِمِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ تَعْرِيفِ الْمُرَاهِقِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ضَمِّ أَحَدٍ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) أَيْ الَّذِي سَبَبُ سَفَهِهِ التَّبْذِيرُ، بِخِلَافِ مَنْ سَبَبُ سَفَهِهِ عَدَمُ صَلَاحِ الدِّينِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ إنْ فَسَقَ بِمَا هُوَ مُتَّصِفٌ بِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ) أَيْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ خَطِيبٌ.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ إذْنَ الْوَلِيِّ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا فِيهِ تَفْوِيتٌ عَلَى السَّفِيهِ، وَمُجَرَّدُ تَعْرِيفِهِ لَا تَفْوِيتَ فِيهِ وَهُوَ طَرِيقٌ إلَى تَمَلُّكِهِ فَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ: دُونَهُمَا) أَيْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ ضَرُورَةٌ لِلِاقْتِرَاضِ (قَوْلُهُ: مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُ: أَيْ الْوَلِيُّ.

(قَوْلُهُ: مَا احْتَطَبَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلصَّبِيِّ.

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا فِي مَالِهِ) أَيْ فَلَوْ ظَهَرَ مَالِكُهَا وَادَّعَى أَنَّ الْوَلِيَّ عَلِمَ بِهَا وَقَصَّرَ فِي انْتِزَاعِهَا حَتَّى أَتْلَفَهَا الصَّبِيُّ صُدِّقَ الْوَلِيُّ فِي عَدَمِ التَّقْصِيرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَعَدَمُ الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَتْ) غَايَةً (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُمَيِّزًا.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَبْرَأُ الصَّبِيُّ حِينَئِذٍ مِنْ الضَّمَانِ خِلَافُهُ فَإِنَّ التَّعْبِيرَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ حَيْثُ انْتَزَعَهَا الْوَلِيُّ يُشْعِرُ بِضَمَانِهَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِنَفْيِ الضَّمَانِ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ الضَّمَانُ الْمُتَوَقَّعُ بِإِتْلَافِهِ لَهَا لَوْ بَقِيَتْ فِي يَدِهِ أَوْ نَفْيُ الضَّمَانِ الْمُتَعَلِّقِ بِوَلِيِّهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ اسْتَأْذَنَ) أَيْ الصَّبِيُّ بَعْدَ كَمَالِهِ.

(قَوْلُهُ: بُطْلَانُ الْتِقَاطِ الْعَبْدِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ، وَقَوْلُهُ: يَعْرِضُهُ: أَيْ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِيهِ: أَيْ الِالْتِقَاطِ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الْأُولَى: أَيْ الْوِلَايَةُ، وَقَوْلُهُ الشَّائِبَةُ الثَّانِيَةُ: أَيْ التَّمَلُّكُ، وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ: أَيْ فِي بُطْلَانِ الِالْتِقَاطِ.

(قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ إلَخْ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فِي عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بِصِحَّةِ الْتِقَاطِهِ بِإِذْنِ أَحَدِهِمَا اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لِلشَّرِيكَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا أَحَدُهُمَا الْآذِنُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْمُبَعَّضَ حَيْثُ لَا مُهَايَأَةَ يَصِحُّ الْتِقَاطُهُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّفِيهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْرِيفُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَلِيَّ يُعَرِّفُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>