للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ وُجِدَ بِمَفَازَةٍ) وَلَوْ آمِنَةٌ، وَهِيَ الْمُهْلِكَةُ.

سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَلَى الْقَلْبِ تَفَاؤُلًا كَمَا قِيلَ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّاعِ.

بَلْ مِنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ فَهِيَ مُفْعِلَةٌ مِنْ الْهَلَاكِ (فَلِلْقَاضِي) أَوْ نَائِبِهِ (الْتِقَاطُهُ لِلْحِفْظِ) لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً عَلَى أَمْوَالِ الْغَائِبِينَ، وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ خَشِيَ ضَيَاعَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ، بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ: إذَا لَمْ يَخْشَ ضَيَاعَهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ، وَالْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ الْجَزْمُ بِتَرْكِهِ عِنْدَ اكْتِفَائِهِ بِالرَّعْيِ وَالْأَمْنِ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَهُ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ وَاحْتَاجَ مَالِكُهُ لِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ وَقَدْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حِمًى، قَالَ الْقَاضِي: بَاعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِأَنَّهُ الْأَنْفَعُ، نَعَمْ يَنْتَظِرُ صَاحِبَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ إنْ جَوَّزَ حُضُورَهُ، وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مَعَ رِعَايَةِ الْأَصْلَحِ أَخْذًا مِنْ إلْزَامِهِ بِالْعَمَلِ بِهِ فِي مَالِ الْغَائِبِ (وَكَذَا لِغَيْرِهِ) مِنْ الْآحَادِ أَخْذُهُ لِلْحِفْظِ مِنْ الْمَفَازَةِ (فِي الْأَصَحِّ) صِيَانَةً لَهُ مِنْ أَخْذِ خَائِنٍ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ قَطْعًا.

وَالثَّانِي لَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْآحَادِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ.

أَمَّا إذَا أَمِنَ عَلَيْهِ: أَيْ يَقِينًا امْتَنَعَ أَخْذُهُ قَطْعًا كَمَا فِي الْوَسِيطِ، وَمَحِلُّهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ فِي الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ صَاحِبَهُ وَإِلَّا جَازَ لَهُ أَخْذُهُ قَطْعًا وَيَكُونُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ (وَيَحْرُمُ) عَلَى الْكُلِّ (الْتِقَاطُهُ) زَمَنَ الْأَمْنِ مِنْ الْمَفَازَةِ (لِلتَّمَلُّكِ) لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ، وَقِيسَ بِهَا غَيْرُهَا بِجَامِعِ إمْكَانِ عَيْشِهَا مِنْ غَيْرِ رَاعٍ إلَى وُجُودِ مَالِكِهَا لَهَا لِتَطَلُّبِهِ ذَلِكَ، فَإِنْ أَخَذَ ضَمِنَهُ وَلَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ.

أَمَّا زَمَنُ النَّهْبِ فَيَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ قَطْعًا فِي الصَّحْرَاءِ وَغَيْرِهَا.

وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا إلَّا بِأَخْذِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذَهُ لِلتَّمَلُّكِ تَبَعًا لَهَا، وَلِأَنَّ وُجُودَهَا عَلَيْهِ وَهِيَ ثَقِيلَةٌ يَمْنَعُهُ مِنْ وُرُودِ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْفِرَارِ مِنْ السِّبَاعِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْأَمْتِعَةِ الْخَفِيفَةِ وَالثَّقِيلَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ إذْ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ أَخْذِهَا وَأَخْذِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِهَا وَهِيَ عَلَيْهِ وَضْعُ يَدِهِ عَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ فِي أَخْذِهَا بَيْنَ التَّمَلُّكِ وَالْحِفْظِ وَهُوَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا لِلْحِفْظِ، وَدَعْوَى أَنَّ وُجُودَهَا ثَقِيلَةً عَلَيْهِ صَيَّرَهُ كَغَيْرِ الْمُمْتَنِعِ مَمْنُوعَةٌ، وَخَرَجَ بِالْمَمْلُوكِ غَيْرُهُ كَكَلْبٍ يُقْتَنَى فَيَحِلُّ الْتِقَاطُهُ، وَلَهُ الِاخْتِصَاصُ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالشَّجَرِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ) قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إنْ عَلِمَ ضَيَاعَهَا لَوْ لَمْ يَأْخُذْهَا وُجُوبُهُ عَلَى الْقَاضِي إنْ عَلِمَ ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: بِتَرْكِهِ) أَيْ الْأَخْذَ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ) أَيْ وَإِذَا اخْتَارَ حِفْظَهُ وَتَعْرِيفَهُ فَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ احْتَاجَ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَرْضًا عَلَى مَالِكِهِ أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ: أَيْ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِالْعَمَلِ بِهِ) أَيْ الْأَصْلَحُ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْوَسِيطِ) تَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَوْ اكْتَفَى بِالرَّعْيِ، وَانْظُرْ هَلْ مَا هُنَا يُغْنِي عَنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ أَمْ لَا، وَقَدْ يُقَالُ بِالثَّانِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ تَيَقُّنُ الْأَمْنِ بَلْ يُكْتَفَى بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ فِي مَحِلِّهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهُ) أَيْ لِلتَّمَلُّكِ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ أَطْلَقَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِرَدِّهِ لِلْحَاكِمِ) هُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ الْحَاكِمَ فَهَلْ يَكْفِي فِي زَوَالِ الضَّمَانِ عَنْهُ جَعْلُ يَدِهِ لِلْحِفْظِ مِنْ الْآنَ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ إلَى قَاضٍ وَلَوْ نَائِبَهُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْعَبْدِ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَتَقَ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا إنْ بَطَلَ الِالْتِقَاطُ وَإِلَّا فَهُوَ كَسْبُ قِنِّهِ.

(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَمْتِعَةٌ) وَمِنْ الْأَمْتِعَةِ الَّتِي عَلَيْهِ أَيْضًا الْبَرْذَعَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ مَا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ) أَيْ لِأَنَّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ وَنَجَا) كَانَ الْأَوْلَى بَلْ مَنْ فَازَ هَلَكَ إذْ يُسْتَعْمَلُ فِيهِ كَنَجَا فَهُوَ ضِدٌّ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْهَلَاكِ) كَانَ الْأَوْلَى مِنْ الْفَوْزِ بِمَعْنَى الْهَلَاكِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ تَخْيِيرُ الْحَاكِمِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) أَيْ: الِالْتِقَاطِ وَالتَّرْكِ وَالْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِفَسَادِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أَمِنَ) كَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِغَيْرِ أَمَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) كَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ: وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ، لِيَكُونَ مَا سَيَحْكِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>