للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذِكْرُ الطِّفْلِ لِلْغَالِبِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢] وَقَوْلُهُ {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: ٧٧] وَأَرْكَانُهَا لَاقِطٌ وَلَقِيطٌ وَلَقْطٌ، وَسَتَعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (الْتِقَاطُ الْمَنْبُوذِ) أَيْ الْمَطْرُوحِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِ لِلْغَالِبِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) حِفْظًا لِلنَّفْسِ الْمُحْتَرَمَةِ عَنْ الْهَلَاكِ هَذَا إنْ عَلِمَ مُتَعَدِّدٌ وَلَوْ مُرَتَّبًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَإِلَّا فَفَرْضُ عَيْنٍ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الِاكْتِسَابِ الَّتِي جُبِلَتْ النُّفُوسُ عَلَى حُبِّهِ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ (وَيَجِبُ) (الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ) أَيْ الِالْتِقَاطِ وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِئَلَّا يُسْتَرَقَّ وَيَضِيعَ نَسَبُهُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الِاحْتِيَاطِ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمَالِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى مَا مَعَهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ فَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ.

وَالثَّانِي لَا يَجِبُ اعْتِمَادًا عَلَى الْأَمَانَةِ لِلْمُقَرِّ وَدُفِعَ بِمَا مَرَّ، وَمَتَى تَرَكَ الْإِشْهَادَ عِنْدَ وُجُوبِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ وِلَايَةُ الْحَضَانَةِ مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ فَيَكُونُ الْتِقَاطًا جَدِيدًا مِنْ حِينَئِذٍ كَمَا بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ مُصَرِّحًا بِأَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ فِسْقٌ، وَمَحِلُّ وُجُوبِهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ الْحَاكِمُ فَإِنْ سَلَّمَهُ لَهُ سُنَّ وَلَمْ يَجِبْ.

نَعَمْ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَهُ حُكْمٌ فَأَغْنَى عَنْ الْإِشْهَادِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ حُكْمٌ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ، فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ تَسْلِيمَ الْحَاكِمِ فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ فَأَغْنَى عَنْهُ.

(وَيَجُوزُ) (الْتِقَاطُ) الصَّبِيِّ (الْمُمَيِّزِ) لِأَنَّ فِيهِ حِفْظًا لَهُ وَقِيَامًا بِتَرْبِيَتِهِ، بَلْ لَوْ خَافَ ضَيَاعَهُ لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُ الْتِقَاطِهِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الطِّفْلِ لِلْغَالِبِ) إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُمَيِّزَ وَالْبَالِغَ الْمَجْنُونَ يُلْتَقَطَانِ لِاحْتِيَاجِهِمَا إلَى التَّعَهُّدِ اهـ حَجّ.

وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُمَيِّزَ لَا يُسَمَّى طِفْلًا وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَيَجُوزُ الْتِقَاطُ الْمُمَيِّزِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي اللُّغَةِ، فَفِي الْمِصْبَاحِ الطِّفْلُ: الْوَلَدُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَالدَّوَابِّ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَبْقَى هَذَا الِاسْمُ لِلْوَلَدِ حَتَّى يُمَيِّزَ، ثُمَّ لَا يُقَالُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ طِفْلٌ بَلْ صَبِيٌّ وَحَزَوَّرٌ وَيَافِعٌ وَمُرَاهِقٌ وَبَالِغٌ، وَفِي التَّهْذِيبِ يُقَالُ لَهُ طِفْلٌ إلَى أَنْ يَحْتَلِمَ.

(قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ.

نَعَمْ يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَأَيْضًا يَصِحُّ الْتِقَاطُ الْمُمَيِّزِ.

نَعَمْ الْمَجْنُونُ كَالصَّبِيِّ لَكِنْ سَبَقَ فِي حَجّ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ هُنَا كَمَا عُلِمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَرْضُ كِفَايَةٍ) وَلَوْ عَلَى فِسْقِهِ عَلِمُوا بِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الِالْتِقَاطُ وَلَا تَثْبُتُ الْوِلَايَةُ لَهُمْ: أَيْ فَعَلَى الْحَاكِمِ انْتِزَاعُهُ مِنْهُمْ، وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْ هَذَا لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ) أَيْ مِنْ اسْتِحْبَابِهَا.

(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْإِشْهَادُ) أَيْ لِرَجُلَيْنِ وَلَوْ مَسْتُورَيْنِ لِأَنَّهُ يَعْسُرُ عَلَيْهِ إقَامَةُ الْعَدْلَيْنِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

(قَوْلُهُ: مَشْهُورُ الْعَدَالَةِ) أَيْ ثَابِتُهَا بِأَنْ ثَبَتَتْ بِالْمُزَكِّينَ وَاشْتُهِرَتْ حَمْلًا لِلَّفْظِ عَلَى فَرْدِهِ الْكَامِلِ فَغَيْرُهُ كَمَسْتُورِ الْعَدَالَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَى مَا مَعَهُ) الْمَنْصُوصُ عَلَى وُجُوبِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ اهـ حَجّ.

وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ مِنْ امْتِنَاعِ الْإِشْهَادِ إذَا خَافَ عَلَيْهَا ظَالِمًا أَنَّهُ هُنَا كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: فِي اللُّقَطَةِ) وَقَدْ يُقَالُ لَا مُنَافَاةَ وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ التَّبَعِيَّةُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْكَسْبِ وَفِي الِالْتِقَاطِ الْوِلَايَةُ عَلَى اللَّقِيطِ وَمَا مَعَهُ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتُبْ وَيُشْهِدْ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ الْوِلَايَةَ مَسْلُوبَةً إلَى التَّوْبَةِ أَنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ كَبِيرَةٌ وَيُفِيدُهُ كَلَامُ السُّبْكِيّ الْآتِي (قَوْلُهُ: فِيهِ مَعْنَى الْإِشْهَادِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَجْلِسِهِ أَحَدٌ، فَلَعَلَّهُ أَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْحَاكِمُ يَشْتَهِرُ أَمْرُهُ فَيُسْتَفَادُ بِهِ الْعِلْمُ بِالِالْتِقَاطِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الشَّهَادَةِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَبْعُدْ وُجُوبُ الْتِقَاطِهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْبَهْجَةِ: وَلَقْطُ غَيْرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) أَيْ: اللَّقْطَ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّقِيطِ أَوْ أَرْكَانِ الْبَابِ. (قَوْلُهُ: كَمَا عُلِمَ) لَعَلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ وَذَكَرَ الطِّفْلَ لِلْغَالِبِ (قَوْلُهُ: سُنَّ وَلَمْ يَجِبْ) بَحَثَ الشِّهَابُ سم أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ مِمَّنْ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي شَأْنِ الطِّفْلِ إذَا اُسْتُرِقَّ لَكِنْ يُنَازِعُ فِيهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي فَالْوَجْهُ تَعْلِيلُهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>